تُعد العديد من سواحل العالم موطنًا لمساحات خضراء كثيفة، والفضل في ذلك يعود إلى الطحالب. هذه المروج الشاطئية ذات سحر خاص، كونها المروج الساحلية التي تحتوي نباتات مزهرة. فضلًا عن دورها الكبير في تخليص كوكب الأرض من ثاني أُكسيد الكربون.

إذ إن كيلومتر مربع واحد من الطحالب الخضراء يمتص ضعفي كمية الكربون التي تمتصها المساحة ذاتها من الغابات على اليابسة، وأسرع بمقدار 35 ضعفًا.

كشفت دراسة حديثة حقائق مميزة جديدة عن الأعشاب البحرية المخبأة تحت الأمواج، فهي تحتوي على مخزون هائل من السكر لم نكن نعرف عنه إلا قليلًا.

يعادل ذلك محتوى 32 مليار علبة من المياه الغازية، مغمورة في أعماق المحيط.

أشار علماء معهد ماكس بلانك لعلم الأحياء الدقيقة البحرية في ألمانيا، في دراسة نُشرت في مجلة (Nature Ecology & Evolution)، إلى أن الأعشاب البحرية تخزن كمية هائلة من السكر في المنطقة المحيطة بجذورها.

كان تركيز السكر الموجود أسفل الأعشاب البحرية مفاجئًا، فهو أكبر بـ 80 ضعفًا من التركيز الذي قدرته دراسة سابقة.

صرح مانويل ليبيك رئيس مجموعة أبحاث التفاعلات الأيضية في معهد ماكس بلانك لعلم الأحياء الدقيقة: «يوجد حول العالم 0.6 – 1.3 مليون طن من السكر في المنطقة المحيطة بجذور الأعشاب البحرية، في صيغة السكروز، ما يعادل السكر الموجود في 32 مليار علبة من المياه الغازية».

كيف تخزن الأعشاب البحرية هذا الكم من السكر؟

تنتج الأعشاب البحرية السكر في عملية البناء الضوئي، وتستخدم معظم الكمية في عملية التمثيل الغذائي، في ظروف الضوء المتوسط.

في الصيف، عند توافر قدر كبير من الضوء، تُنتج الأعشاب البحرية كمية أكبر من السكر، أكبر مما تحتاج إليه وتخزنه، لذلك يتركز السكر الزائد في المنطقة المحيطة بالجذور.

لكن لماذا لا تتغذى مليارات الأحياء الدقيقة على السكر الموجود في المنطقة المحيطة بجذور الأعشاب البحرية؟ نظرًا إلى أن الميكروبات تعد السكريات غذاءً مناسبًا لها، لسهولة هضمها واحتوائها على الكثير من الطاقة.

تقول المؤلفة ماجي سوجين: «أمضينا الكثير من الوقت نحاول معرفة السبب، واكتشفنا أن الأعشاب البحرية تُطلق مركبات فينولية ضمن رواسبها».

هذه المركبات الفينولية -المتوافرة أيضًا في القهوة والنبيذ الأحمر والفاكهة- تُعد مضادة للميكروبات، وتوقف عملية التمثيل الغذائي للأحياء الدقيقة.

«أضفنا في تجاربنا الفينولات النقية المستخلصة من الأعشاب البحرية إلى الأحياء الدقيقة التي تعيش في محيط جذور الأعشاب البحرية، ولاحظنا أن السكروز الذي استهلكته الأحياء الدقيقة أقل مما تستهلكه في غياب الفينولات».

نوّهت الدراسة بالأهمية الكبرى للأعشاب البحرية، ليس فقط كونها مخزنًا للكربون ما يُعد عاملًا مهمًا في حل مشكلات المناخ، بل أيضًا كونها مهددة بالانقراض.

يقول ليبيك: «إذا فقدنا الأعشاب البحرية سنفقد الكربون الأزرق، الكربون المخزن في المحيطات والنظم البيئية الساحلية. يوضح بحثنا أن فقد الأعشاب البحرية سيؤدي إلى فقد الكربون المخزن في السكروز، المتشكل في المنطقة المحيطة بجذور الأعشاب».

«وفقًا لحساباتنا، فإن نقص السكروز الموجود في جذور الأعشاب البحرية سيؤدي إلى انتشار 1.54 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون إلى الغلاف الجوي حول العالم، ما يعادل ثاني أكسيد الكربون المنبعث من 330 ألف سيارة سنويًا».

في حين تحاول الصناعات التكنولوجية مواكبة تغير المناخ، بابتكار أفضل الطرق الهندسية التي تعمل على سحب الكربون من الغلاف الجوي، تستطيع الأعشاب البحرية تخزين الكربون لآلاف السنين وليس لعقود فقط، كما في الغابات المطيرة -حال الحفاظ عليها- لكن للأسف تختفي الأعشاب البحرية بمعدل 7% سنويًا، ويُقدر أن ثلث الأعشاب البحرية في العالم قد زال بالفعل، وهذا معدل يُنذر بالخطر.

قالت سوجين: «إن معلوماتنا حول المساحات الخضراء المائية محدودة مقارنةً بالمساحات الخضراء على اليابسة، مع ذلك تساهم دراستنا في فهم المساحات الخضراء المائية، وتنوه بأهمية الحفاظ على المواطن البيئية المخزنة للكربون الأزرق».

اقرأ أيضًا:

هل يمكن أن يكون عشب البحر العملاق المصدر التالي للوقود الحيوي؟

كيف كانت السماء على كوكبنا خلال تشكله منذ 4 مليار سنة؟

ترجمة: رهف إبراهيم

تدقيق: طارق طويل

المصدر