العلماء يعيدون خلق ظروف الكون المبكر في مصادم الهادرونات الكبير

1 نوفمبر 2025
15 مشاهدة
0 اعجاب

العلماء يعيدون خلق ظروف الكون المبكر في مصادم الهادرونات الكبير


أحرز فريق من الباحثين تقدمًا كبيرًا في فهم كيفية تصرف بعض من أثقل الجسيمات في الكون، تحت ظروف شديدة القسوة تشبه تلك التي كانت سائدة بعد الانفجار العظيم مباشرةً.


تقدم الدراسة رؤى جديدة حول القوى الأساسية التي شكلت كوننا، التي لا تزال تؤدي دورًا محوريًا في توجيه تطوره حتى يومنا هذا.


ركزت الدراسة على الجسيمات التي تحتوي على كواركات ثقيلة، وهي اللبنات الأساسية لبعض أضخم الجسيمات في الوجود.


هذه الجسيمات، المعروفة باسم الهادرونات ذات الشحنة الساحرة والقاعية، توفر نوافذ فريدة لفهم المادة في ظروف تكاد تكون مستحيلة التكرار طبيعيًا على الأرض.


لدراسة هذه الظروف القصوى، يحطم العلماء نوى الذرات بعضها ببعض بسرعات تقترب من سرعة الضوء، باستخدام مسرّعات جسيمات ضخمة مثل مصادم الهادرونات الكبير ومصادم الأيونات الثقيلة النسبية.


تولد هذه الاصطدامات درجات حرارة تتجاوز ألف ضعف حرارة مركز الشمس، ما يؤدي إلى تكوين حالة مؤقتة من المادة تُعرف باسم بلازما الكوارك-غلون، وهي حساء من الجسيمات الأساسية التي كانت موجودة قبل ميكروثوان قليلة من الانفجار العظيم. 


مع تبريد هذه البلازما الساخنة بشكل مذهل، تتحول إلى مادة هادرونية، وهي مرحلة تتكون من جسيمات مألوفة مثل البروتونات والنيوترونات، إلى جانب جسيمات غريبة تُعرف بالباريونات والميزونات. يساعد فهم هذه التحوّلات العلماء في تجميع الصورة الكاملة لكيفية تطور المادة في الكون المبكر، من ذلك الحساء الفوضوي من الجسيمات الأساسية إلى المادة المنظمة التي نراها اليوم.


تعمل الكواركات الثقيلة مثل حساسات دقيقة في هذه البيئات القاسية. وبسبب كتلتها الكبيرة، تتحرك هذه الكواركات أبطأ من الجسيمات الأخف وتتفاعل بشكل مختلف مع محيطها. ما يجعلها مثالية لاستكشاف خصائص المادة الساخنة والكثيفة التي تمر خلالها.


يشبه ذلك إلقاء كرة ثقيلة في مسبح مزدحم بالسباحين. حتى بعد انقشاع الرشة الأولى وهدوء أكبر الأمواج، تستمر الكرة في الاصطدام بالسباحين والحركة داخل الماء. بالمثل، تستمر الجسيمات الثقيلة التي تنتج في الاصطدامات النووية في التفاعل مع الجسيمات المحيطة، حتى بعد انقضاء أكثر المراحل حرارة وفوضوية.


ركزت البحوث السابقة أساسًا على المرحلة الأولية من بلازما الكوارك-غلون شديدة الحرارة. بالمقابل تكشف الدراسة الجديدة أن لمرحلة التبريد التالية -حين يتحول النظام إلى مادة هادرونية- دورًا حاسمًا في تحديد كيفية تصرف الجسيمات وما يمكن للعلماء ملاحظته في تجاربهم.


درس الباحثون كيفية تفاعل الهادرونات الثقيلة، وبالأخص الميزونات من نوع D وB -وهي جسيمات تحتوي على الكواركات الساحرة والقاعية- مع الجسيمات الأخف خلال فترة الانتقال هذه.


تؤثر هذه التفاعلات في كميات يمكن قياسها مثل أنماط تدفق الجسيمات وفقدان الطاقة، ما يوفر بيانات قيّمة حول الخصائص الأساسية للمادة تحت ظروف قصوى.


«هذه المرحلة التي يكون فيها النظام قد برد بالفعل، تؤدي دورًا مهمًا في كيفية فقدان الجسيمات للطاقة وتدفقها معًا. تجاهل هذه المرحلة يعني فقدان قطعة حاسمة من اللغز».


فهم سلوك الجسيمات الثقيلة في المادة الساخنة أمر أساسي لرسم خريطة خصائص الكون المبكر والقوى الأساسية التي تحكمه. تمهد هذه النتائج الطريق لتجارب مستقبلية على طاقات أقل، تشمل الدراسات المخططة في مسرع البروتون الفائق في سيرن والمنشأة المرتقبة FAIR في ألمانيا. 


يساعد هذا البحث في الإجابة عن أسئلة جوهرية حول كيفية تطور كوننا من لحظاته الأولى إلى الكون المعقد الذي نراه اليوم.


بدراسة المادة في أقصى الظروف الممكنة، يواصل العلماء كشف أسرار أصلنا والقوى التي تشكل واقعنا نفسه.

 


 

 

 



المصادر:


الكاتب

أمير المريمي

أمير المريمي
ترجمة

أمير المريمي

أمير المريمي
تدقيق

أكرم محي الدين

أكرم محي الدين



مقالات مختارة

إقرأ المزيد

لا يوجد مقالات مرتبطة