اللحوم تحمي من السرطان وفقًا لدراسة مثيرة للجدل.. لكن هنالك فخ!

11 أكتوبر 2025
73 مشاهدة
1 اعجاب

اللحوم تحمي من السرطان وفقًا لدراسة مثيرة للجدل.. لكن هنالك فخ!




لسنوات، حذرت السلطات الصحية من استهلاك اللحوم الحمراء، إذ صنّفتها هيئة أبحاث السرطان التابعة لمنظمة الصحة العالمية أنها قد تكون مسرطنة للإنسان. لكنّ دراسةً جديدةً مثيرةً للجدل تتحدى هذا الموقف، مقترحةً أن البروتين الحيواني قد يحمي من وفيات السرطان بدلًا من التسبب بها. 


 صنّفت الوكالة الدولية لأبحاث السرطان IARC، وهي جزء من منظمة الصحة العالمية، منذ فترة طويلة اللحوم الحمراء متضمنةً لحم البقر، ولحم الخنزير، ولحم الضأن، والماعز أنها قد تكون مسرطنة. وصُنفت اللحوم المصنعة مثل لحم الخنزير المقدد والنقانق أنها مسرطنات مؤكدة. هذا الحكم يعكس دراسات متعددة تربط اللحوم الحمراء بسرطان القولون والمستقيم، مكوّنةً أساس النصائح الغذائية التي تدعو للتقليل من استهلاكها. 


مع ذلك، فإن البحث الجديد الذي أجرته جامعة ماكماستر الكندية يقترح العكس: إنّ الأشخاص الذين يستهلكون الكثير من البروتين الحيواني قد يكون لديهم بالفعل معدلات وفيات أقل بالسرطان. لكن، قبل أن تسرع إلى شراء عبوة من النقانق، توجد بعض النقاط المهمة التي يجب أخذها بعين الاعتبار. 


 تحتوي منهجية الدراسة على تفاصيل دقيقة مهمة تعقد استنتاجاتها ذات العناوين الجذابة. فبدلًا من دراسة اللحوم الحمراء تحديدًا، حلل الباحثون استهلاك البروتين الحيواني، وهو فئة واسعة تشمل اللحوم الحمراء، والدواجن، والأسماك، والبيض، ومنتجات الألبان. هذا التمييز مهم، لأن الأسماك، خاصة الأنواع الزيتية مثل الماكريل والسردين، مرتبطة بخصائص وقائية من السرطان. 


بجمع البروتينات الحيوانية معًا، ربما تكون الدراسة قد التقطت التأثيرات الوقائية للأسماك وبعض منتجات الألبان بدلًا من إثبات سلامة اللحوم الحمراء. 


 منتجات الألبان نفسها تقدم صورة معقدة في أبحاث السرطان. فبعض الدراسات تقترح أنها تقلل من خطر سرطان القولون والمستقيم في حين قد تزيد من خطر سرطان البروستاتا. يبرز هذا الدليل المختلط كيف أن فئة البروتين الحيواني الواسعة تخفي فروقات مهمة بين أنواع الأطعمة المختلفة. 


 الدراسة، التي مولتها الرابطة الوطنية لمربي الماشية، وهي مجموعة الضغط الرئيسية لصناعة لحوم البقر في أمريكا، تتضمن عدة قيود أخرى. الأهم أن الباحثين لم يميزوا بين اللحوم المصنعة وغير المصنعة، وهو تمييز أظهرت دراسات عديدة أنه حيوي. 


 فاللحوم المصنعة مثل لحم الخنزير المقدد والنقانق واللحوم الباردة تُظهر باستمرار مخاطر أعلى للإصابة بالسرطان مقارنةً بالقطع الطازجة وغير المصنعة. أيضًا، لم تبحث الدراسة أنواع السرطان المحددة، ما يجعل من المستحيل تحديد ما إذا كانت التأثيرات الوقائية تنطبق على نطاق واسع أم على سرطانات معينة. 


من المثير للاهتمام أن الدراسة فحصت أيضًا البروتينات النباتية، متضمنةً البقوليات، والمكسرات، ومنتجات الصويا مثل التوفو، ووجدت أنها لم تُظهر تأثيرًا وقائيًا قويًا ضد الوفاة بالسرطان. هذه النتيجة تتناقض مع أبحاث سابقة تقترح أن البروتينات النباتية مرتبطة بانخفاض خطر السرطان، مضيفة طبقة أخرى من التعقيد إلى صورة مشوشة بالفعل. 


 لكن هذه النتائج لا تقلل من الفوائد الصحية المؤكدة للأطعمة النباتية، التي توفر الألياف، ومضادات الأكسدة، ومركبات أخرى مرتبطة بانخفاض خطر الإصابة بالأمراض. 


 ليست ضوءًا أخضر


حتى وإن ثبتت دقة استنتاجات الدراسة حول البروتين الحيواني، فلا ينبغي تفسير الدراسة أنها ضوء أخضر لاستهلاك اللحوم بلا حدود. يظل الإفراط في تناول اللحوم الحمراء مرتبطًا بحالات صحية خطيرة أخرى، متضمنةً أمراض القلب والسكري. يكمن المفتاح في الاعتدال والتوازن. 


 تسلط الأبحاث المتضاربة الضوء على تعقيد علم التغذية، إذ يثبت أن عزل تأثيرات الأطعمة الفردية أمر بالغ الصعوبة. فالناس لا يأكلون مغذيات فردية على حدة، بل يستهلكون مزيجًا معقدًا من الأطعمة، جزءًا من أنماط حياتية أوسع. الأهم التركيز على الأنماط الغذائية العامة بدلًا من الانشغال بأطعمة فردية. 


 يظل نهج الطبق المتوازن، الذي يضم مجموعة متنوعة من مصادر البروتين، والكثير من الخضراوات والفواكه، والأطعمة قليلة المعالجة، هو الطريق الأكثر استنادًا إلى الأدلة لتحقيق صحة مثلى. 


تضيف الدراسة الأخيرة بُعدًا جديدًا إلى الجدل حول اللحوم، مع ذلك فمن غير المرجح أن تكون لها الكلمة الأخيرة. ومع استمرار تطور علم التغذية، يبقى النهج الأكثر حكمة هو نفسه النهج الأقل إثارة للجدل: الاعتدال، والتنوع، والتوازن. 




المصادر:


الكاتب

مايا نور الدين

مايا نور الدين
تدقيق

أكرم محي الدين

أكرم محي الدين



مقالات مختارة

إقرأ المزيد

لا يوجد مقالات مرتبطة