رصد العلماء للمرة الأولى نجومًا عملاقة بداخلها ثقوب سوداء!

22 ديسمبر 2025
15 مشاهدة
0 اعجاب

رصد العلماء للمرة الأولى نجومًا عملاقة بداخلها ثقوب سوداء!

 

قد تكون بعض النقاط المضيئة الغامضة في فجر الكون نوعًا من الأجسام التي لم يسبق للبشرية رصدها.


وفقًا لتحليل جديد لنقطة حمراء صغيرة (LRD) أطلق عليها العلماء اسم الجُرف (The Cliff)، قد تكون هذه الأجسام الغامضة ثقوبًا سوداء فائقة الكتلة محاطة بسُحب هائلة وكثيفة من الغاز، أشبه بغلاف جوي يلتف حول نواة نجمية.


يمثل هذا التفسير حلًا جيدًا لمشكلة حيّرت علماء الفلك، وهي وجود انقطاع في ضوء تلك النقاط الحمراء يجعل المجرات في بدايات الكون تبدو أقدم من الممكن.


تقول عالمة الفلك آنا دي غراف من معهد ماكس بلانك للفلك في ألمانيا، التي قادت فريق البحث: «خلصنا إلى أن الطيف الضوئي في النطاق البصري القريب وتحت الأحمر القريب من الجُرف لا ينتج عن تجمع نجمي ضخم ومتطور بكثافة نجمية عالية جدًا. بل نرى أن النموذج المرجّح هو مصدر ضوئي أيوني شديد السطوع، تحجبه غازات كثيفة ماصة للضوء في جواره القريب».  


حتى الآن، النموذج الوحيد القادر على إنتاج قوة وشكل الانقطاع المرصود في طيف بالمر هو نموذج النجم – الثقب الأسود.


انقطاع بالمر هو تغير حاد في الطيف الكهرومغناطيسي لجسم ما في الفضاء، يحدث في الجزء فوق البنفسجي من الطيف. يظهر عندما تكون شدة الضوء ذات الطول الموجي الأقصر منخفضة بوضوح مقارنةً بالضوء الأطول موجة على الجانب الآخر من الخط الفاصل. يعود السبب إلى امتصاص الضوء قصير الموجة بواسطة ذرات الهيدروجين.


عادةً ما يرتبط انقطاع بالمر القوي بالمجرات التي تهيمن عليها نجوم من النوع A، التي تكون بدرجة حرارة مناسبة تمامًا لامتصاص الضوء عند الطول الموجي المطلوب. لكن هذا يعني أن المجرات التي تُظهر هذا الانقطاع يجب أن تكون قديمة بما يكفي لتكون النجوم الأضخم من النوع O وB قد انقرضت، تاركةً نجوم النوع A تهيمن على ضوء المجرة.

المشكلة أن العديد من النقاط الحمراء الصغيرة تُظهر هذا الانقطاع القوي بعد 600 مليون سنة فقط من الانفجار العظيم، أي في زمن مبكر جدًا مقارنةً بعمر الكون (13.8 مليار سنة)، إذ لا يُفترض أن تكون المجرات قد وصلت إلى هذه المرحلة من النضج النجمي.


يمثل الجُرف تحديًا غير مسبوق، إذ وصل ضوءه إلينا بعد رحلة استغرقت 11.9 مليار سنة، ورصد أقوى انقطاع بالمر حتى الآن.


توضح دي غراف: «أجبرتنا خصائص الجُرف المتطرفة على العودة إلى نقطة الصفر، والبحث عن نماذج جديدة كليًا».


المجرات ليست وحدها القادرة على إظهار انقطاع بالمر، فقد يساهم كل نجم على حدة في ذلك. لاحظ الباحثون أن الطيف المرصود للجُرف يشبه ما قد يتوقعونه من نجم واحد أكثر من مجرة كاملة.


على هذا، طوّر الفريق نموذجًا جديدًا أطلقوا عليه اسم النجم – الثقب الأسود، وهو ثقب أسود فائق الكتلة يلتهم المادة من قرص تراكم حوله، وتحيط به سُحب كثيفة من غاز الهيدروجين الساخن، لا الغبار.


يشبه هذا التكوين إلى حد ما النجم المحاط بالبلازما الحارقة، لكن مع فارق أنه في المركز لا يوجد قلب نووي يدمج الذرات كما في النجوم، بل يوجد ثقب أسود يشبه إلى حد بعيد النواة المجرية النشطة، يسخن الهيدروجين المضطرب المحيط به.


نجحت محاكاة هذا النموذج في إعادة إنتاج الطيف المرصود للجُرف بدقة مدهشة، ما يشير إلى أن بعض النقاط الحمراء الصغيرة في فجر الكون هي في الواقع هذه النجوم – الثقوب السوداء الغريبة، المتنكرة في صورة مجرات.


حتى الآن، يظل هذا مجرد نموذج نظري. ويلزم إجراء أبحاث إضافية للتحقق من كون النجوم – الثقوب السوداء موجودة بالفعل، وكيف تتشكل وتعيش وتفنى، وما العلامات الأخرى في أطيافها التي تساعد على رصدها.


لكن الاحتمال يبدو معقولًا، وقد يساهم في حل لغز النقاط الحمراء الصغيرة دون الحاجة إلى تقويض فهمنا الحالي لتطور الكون.


كتب الباحثون: «يُعد الجُرف أقوى دليل مباشر حتى الآن على أن انقطاع بالمر وتوزيع الطاقة الطيفية من البصري إلى تحت الأحمر القريب في النقاط الحمراء الصغيرة قد تهيمن عليهما انبعاثات نواة مجرية نشطة، لا تجمعات نجمية متطورة، رغم بقاء العديد من الأسئلة المفتوحة حول خصائص الثقب الأسود والمجرة المضيفة».


ويضيفون أن جودة البيانات التي وفرها تلسكوب جيمس ويب الفضائي، بفضل موقع الجُرف عند انزياح كوني متوسط، جعلت منه مرجعًا مثاليًا للنماذج المستقبلية الخاصة بالنوى المجرية النشطة والنجوم – الثقوب السوداء.



المصادر:


الكاتب

لور عماد خليل

لور عماد خليل
ترجمة

لور عماد خليل

لور عماد خليل
تدقيق

أكرم محي الدين

أكرم محي الدين



مقالات مختارة

إقرأ المزيد

لا يوجد مقالات مرتبطة