كم يبلغ طول اليوم على زحل؟ حلقات الكوكب تحمل الإجابة!
يتعقد تحديد طول اليوم على الأرض أكثر مما نتخيل. فاليوم، في المتوسط، يبلغ 24 ساعة، غير أن دوران الأرض قد يتسارع أو يتباطأ على امتداد السنة. ويُعد القمر أحد أبرز العوامل المؤثرة في هذا التغير، إذ يقترب أحيانًا ويبتعد أحيانًا أخرى عن الأرض، فيُحدث قوة سحب تُغير سرعة دوران الكوكب.
يمكن تحديد طول اليوم على الأرض ومعرفة متى يختلف عن هذا القياس بالضبط عبر قياس مواقع الأجسام في الفضاء، ومؤخرًا باستخدام الساعات الذرية التي تتيح قياسًا شديد الدقة. أما اليوم الشمسي، وهو الوقت الذي يستغرقه الكوكب للدوران حتى تظهر الشمس في نفس الموضع في السماء، فيبلغ في المتوسط نحو 24 ساعة. وأما اليوم النجمي، وهو الوقت الذي يستغرقه الكوكب للدوران ليظهر النجوم البعيدة في نفس الموضع، فيبلغ 23 ساعة و56 دقيقة و4 ثوان.
يصعب تحديد طول اليوم على الكواكب والأجرام الأخرى في النظام الشمسي بدقة مماثلة للأرض. المشكلة الأولى هي بُعد هذه الأجرام، ما يجعل الملاحظات الدقيقة صعبة جدًا. أما التحدي الأكبر فهو أن بعض الكواكب، مثل المشتري وزحل -العملاقين الغازيين- قد لا يكون لها سطح صلب يحتوي على نقطة مرجعية ثابتة يمكن استخدامها في أثناء دورانها. من دون هذه المعالم، يصعب تتبع نقطة معينة وقياس الوقت الذي تستغرقه لتعود إلى نفس الاتجاه مرة أخرى، سواء بالنسبة للشمس أو النجوم البعيدة.
توصل العلماء إلى بعض الطرق الذكية لتحديد طول اليوم على الكواكب، إذ يمتلك المشتري مثلًا، مجالًا مغناطيسيًا غير محاذ لمحور دورانه ويتحرك مع دوران الكوكب، وتمكن الفلكيون من تحديد طول يومه بدقة عبر قياس الإشارات الراديوية الدورية التي تتكرر يوميًا، إذ يبلغ 9.9 ساعات.
يُعد كوكب زحل أعقد، إذ يتقارب مجاله المغناطيسي مع محور دورانه. ومع ذلك، لم يفقد العلماء الأمل، عام 2019 استخدم «كريستوفر مانكوفيتش»، طالب الدراسات العليا في علم الفلك والفيزياء الفلكية بجامعة كاليفورنيا في سانتا كروز، بيانات مركبة «كاسيني» ليتمكن أخيرًا من تحديد طول يوم زحل بدقة.
اكتشفت أبحاث سابقة أن حلقات زحل تتأثر بالاهتزازات الداخلية للكوكب، إذ تهتز بنيته الداخلية بترددات تُحدث تغييرات طفيفة في مجاله الجاذبي، التي تؤثر بدورها في الجليد والغبار المكونين لحلقاته.
قال مانكوفيتش: «لا تستطيع الجزيئات في حلقات زحل إلا أن تشعر بهذه الاهتزازات في مجال الجاذبية. ففي مواقع محددة من الحلقات، تصادف هذه الاهتزازات جزيئات الحلقات في التوقيت المناسب في مسارها المداري، فتتراكم الطاقة وتتحول تدريجيًا إلى موجات قابلة للرصد».
في ورقة بحثية، قام فريق «مانكوفيتش» بنمذجة البنية الداخلية لزحل، التي قد تنتج الموجات المرصودة في حلقاته. أتاح لهم ذلك تتبع البنية الداخلية للكوكب على مر الزمن، وتحديد طول يومه بدقة عند 10:33:38، وهو أسرع بكثير من التقديرات السابقة استنادًا إلى بيانات مركبة «فوياجر» (10:39:23) و«كاسيني» الأخرى (10:36–10:48).
قالت «ليندا سبيلكر» العالمة بمشروع كاسيني: «استخدم الباحثون موجات الحلقات للتغلغل داخل زحل، ليظهر بهذه الطريقة طول اليوم -السمة الأساسية التي طال البحث عنها للكوكب- إنها نتيجة موثوقة جدًا، والحلقات كانت تحمل الإجابة».
للأسف، انتهت مهمة كاسيني عام 2017، ولكنها أرسلت قبل ذلك بيانات من «الختام الجريء للمهمة»، إلى جانب عدد من الصور الأخيرة.
المصادر:
الكاتب
أحمد صبري عبد الحكيم
