لأول مرة.. علماء يرصدون ولادة ثقب أسود هائل!
تُعد الثقوب السوداء فائقة الكتلة أحد أكبر الألغاز في الكون، هذه الأشياء الضخمة التي تزن بين ملايين إلى عشرات المليارات من وزن الشمس تقع تقريبًا في مركز كل مجرة، قلب الجاذبية الذي تدور حوله النجوم والكواكب و سحب الغاز المتلألئة في رقصة معقدة.
ما لا نعرفه هو كيفية نشأة هذه الثقوب الهائلة، هل تنمو بتراكم بطيء للمادة من بذرة بحجم نواة نجمة مفردة؟ أم تتشكل مباشرةً من انهيار سحب عملاقة من المادة في الفضاء، كثيفة جدًا لدرجة أنها لا تستطيع مقاومة السحب للداخل تحت تأثير جاذبيتها.
اكتشاف جديد ربما يعطينا جوابًا جزئيًا على الأقل.
تحتوي مجرتان سافر ضوؤهما 8.3 مليار سنة على ما يعتقد علماء الفلك أنه ثقب أسود فائق الكتلة في طور التشكل. إذا كانت هذه هي الحالة، ستكون أول مرة نرى فيها هذه العملية بالفعل، قطعة حيوية وغير مسبوقة من أحجية تشكل الثقوب السوداء فائقة الكتلة.
صرح الفلكي بيتر فان دوكوم من جامعة ييل: «نظن أننا نشهد ولادة ثقب أسود فائق الكتلة، وهو شيء لم يُرصد من قبل».
وجد هذا الدليل القاطع مجرتين في طور التصادم موجهتين بطريقة تجعل شكلهما يشبه رمز ثمانية أو لانهاية. سمى الباحثون الجسم مجرة اللانهاية، واكتُشف بطريقة غريبة حقًا في أثناء مسح بيانات تليسكوب جيمس ويب.
لكل من فصي المجرتين نواة متوهجة وفيها ثقب أسود فائق الكتلة، مع ذلك عندما يتداخل الفصان ويتقاطعان تُرى كتلة لامعة متوهجة.
درس الباحثون هذا التكتل بأطوال موجية متعددة و ذُهلوا إذ وجدوا أثرًا لثقب أسود فائق الكتلة ثالث في المنتصف بين فصي المجرة على شكل لانهاية.
اقترح تحليل دقيق للمادة حول الثقب الأسود أنه تشكل حديثًا، في منطقة ممتدة من الغاز الساخن، يقترح ذلك آلية جديدة في تكوين الثقوب السوداء على أساس نموذج الانهيار المباشر.
«في هذه الحالة، اصطدمت المجرتان القرصيتان لتكونا الهيكل الحلقي للنجوم التي نراها، يرتطم الغاز في أثناء الاصطدام وينضغط في هاتين المجرتين، هذا الانضغاط ربما يكون كافيًا ليُشكل عقدة كثيفة ومن ثم تنهار إلى ثقب أسود. بينما تكون مثل هذه التصادمات أحداثًا نادرة، يُظن على نحو مماثل أن تكون كثافات الغاز المتطرفة شائعة في أثناء العهود الأولى للكون، عندما بدأت المجرات بالتشكل».
طالما قُدمت التصادمات المجرية آلية لنمو الثقوب السوداء فائقة الكتلة، عندما يندمج كلا الجسمين تسحب ثقوبها السوداء المركزية بعضها دون هوادة، وفي النهاية تصطدم وتندمج لتُشكل ثقبًا أسود أكبر.
يُعتقد أن تصادمات المجرات تمثل جزءًا مهمًا في كيفية نمو المجرات في الكون المبكر، وأن مجرتنا درب التبانة خضعت لبعض هذه الاندماجات.
هذه الفرضية معقولة لكنها لا تجيب عن السؤال المتعلق بكيفية تشكل الثقوب السوداء الأقل ضخامة، لكنها لا تزال ثقوبًا سوداء فائقة الكتلة في مراكز هذه المجرات، تدعم مجموعة من الأدلة تجاه نموذج الانهيار، لكننا لم نرَ العملية مباشرةً.
تقع مجرة اللانهاية في منتصف تاريخ الكون الذي يبلغ 13.8 مليار سنة. كان الكون في بداياته مليئًا بسحب كثيفة من غاز الهيدروجين التي ربما ارتطمت ببعضها مكونةً عُقدًا متصادمة بكميات هائلة من المادة بطريقة مماثلة، لذلك يمثل الاكتشاف حُجة مُقنعة لنموذج الانهيار المباشر في البداية المبكرة للكون.
المصادر:
الكاتب
وليد محمد عبد المنعم

ترجمة
وليد محمد عبد المنعم
