كيف تفوقت الصين على أمريكا في السباق إلى القمر؟
بفضل بعض التقارير الحديثة، اكتشفنا حلًا محتملًا للعديد من مشكلات برنامج أرتميس التابع لناسا.
على مدار الشهر الماضي، كان المدير المؤقت لناسا، شون دافي، يقدم مقابلات وخطابات في جميع أنحاء العالم، ويعرض رسالة واحدة: سنسبق الصين إلى القمر.
من المؤكد أن هذا هو ما يود الرئيس الذي عين دافي في هذا المنصب سماعه. للأسف، هناك احتمال كبير أن تكون آمال دافي غير صحيحة. سرًا، يعترف العديد من الأشخاص داخل صناعة الفضاء، وحتى داخل وكالة ناسا نفسها، بأن الوكالة الأمريكية تبدو وكأنها تحمل أوراقًا خاسرة في هذا السباق. مؤخرًا، تحدث بعض الأصوات المؤثرة، مثل المدير السابق لناسا، جيم بريدنستاين، بشأن هذا الموضوع.
قال بريدنستاين في بداية سبتمبر: «ما لم يحدث شيء ما، فمن غير المحتمل أن تتمكن الولايات المتحدة من الوصول قبل الصين إلى سطح القمر وفقًا للجدول الزمني المتوقع».
بينما تتصاعد المناقشات حول إمكانية خسارة ناسا السباق الفضائي الثاني لصالح الصين، يوجه الجميع أصابع الاتهام كل منهم للآخر، لكن لا أحد يقدم حلولًا حقيقية لكيفية تفوق أمريكا على طموحات الصين في إرسال رواد فضاء إلى القمر في أقرب وقت بحلول عام 2029. لذلك، سأتناول في هذا المقال كيفية تراجع أمريكا في هذا السباق، والأهم ، كيف يمكن للغرب استعادة الريادة.
لكن أولًا، يجب على صانعي السياسات الفضائية التعلم من أخطائهم.
تمكن كتابة آلاف الكلمات حول السياسات الفضائية التي تبنتها الولايات المتحدة خلال العقدين الماضيين، وجميع الأخطاء التي ارتكبت خلالها. ومع ذلك، سيكتفي هذا المقال بتسليط الضوء على أبرز المحطات، والأخطاء. تبدأ القصة عام 2003، عندما وقعت حادثتان مهمتان.
الأولى هي فقدان المكوك الفضائي كولومبيا في فبراير، الحادثة الفضائية القاتلة الثانية، التي دلت على قرب نهاية عصر المكوكات الفضائية، وبدأت فترة من المراجعة العميقة في وكالة ناسا وواشنطن حول ما يجب على الوكالة فعله بعد ذلك.
قال المؤرخ البارز لناسا، جون لوجسدون: «جاء عام حاسم بعد حادثة كولومبيا. قال الرئيس جورج بوش إننا يجب أن نعود إلى القمر. ونتيجة للتقييمات بعد كولومبيا، كان القرار هو أن ناسا يجب أن تعود للقيام بأشياء عظيمة. بالنسبة لناسا، كان هذا يعني إنشاء برنامج جديد لاستكشاف الفضاء العميق للرواد، سواء كان القمر أو المريخ أو كليهما».
الحدث المهم الآخر عام 2003 كان في أكتوبر، عندما أصبح يانغ ليوي رائد الفضاء الصيني الأول في رحلته الفضائية التي استمرت 21 ساعة، لتصبح الصين الدولة الثالثة القادرة على إرسال البشر إلى الفضاء. بعد هذه الرحلة، بدأ القادة الصينيون تقدير القوة الناعمة التي قد توفرها رحلات الفضاء وبدأوا تخصيص المزيد من الموارد للبرامج الفضائية. كان الهدف طويل المدى هو اللحاق بالولايات المتحدة في مجال استكشاف الفضاء، بل وتجاوزها في النهاية.
في ذلك الوقت، لم يكن هناك الكثير من التنافس. لم تبدأ الصين خطواتها الفعلية في الفضاء العميق إلا بعد أربع سنوات، مع إطلاق تشانغ 1 في مدار القمر. كانت ناسا قد سبقت الصين بعقود من الزمن، فقد سارت على سطح القمر وأرسلت مركبات فضائية عبر النظام الشمسي، بل خارج النظام الشمسي.
أين أخطأت الولايات المتحدة؟
تحمل شركة سبيس إكس ونظام المركبة القمرية ستارشيب العبء الأكبر من المسؤولية اليوم بسبب تأخيرات برنامج أرتميس التابع لناسا. لكن شركة سبيس إكس ونظام ستارشيب الخاص بها هما مجرد الخطوات الأخيرة في مسار طويل ومعقد بدأ منذ سنوات.
بعد حادثة كولومبيا، بدأ البيت الأبيض في عهد الرئيس بوش، وبالتعاون مع مدير ناسا مايكل غريفين، دراسة العديد من الخيارات، مثل دراسة استراتيجية نظم الاستكشاف عام 2005. لكن كان لدى غريفين خطة واضحة إذ سعى لتطوير صاروخ ضخم (آريس 5)، ومركبة فضائية (أطلق عليها لاحقًا أوريون)، إضافةً إلى مركبة هبوط قمرية بهدف الهبوط على سطح القمر بحلول عام 2020. وسميت هذه المبادرة لاحقًا برنامج كونيستيليشن.
لكن هذا البرنامج كان فوضويًا. لم توفر الكونغرس الأموال الكافية لناسا، وسرعان ما تأخرت برامج الصواريخ والمركبات الفضائية. في وقت ما، لتغطية التكاليف المتزايدة لبرنامج كونيستيليشن، فكرت ناسا في إلغاء محطة الفضاء الدولية المكتملة لتوها. بحلول نهاية العقد الأول من الألفية الجديدة، أصبح واضحًا أن ناسا لم تحرز تقدمًا يُذكر، كانت الإنجازات الوحيدة لهذا البرنامج هي إثراء شركات الفضاء التقليدية.
في أوائل عام 2010، وبعد أن قضت عامًا في تقييم الوضع، سعى الرئيس أوباما لإلغاء برنامج كونيستيليشن. لكنه واجه معارضة شديدة من الكونغرس، بدعم من شركات الفضاء الكبرى مثل بوينغ ولوكيد مارتن ونورثروب غرومان وغيرها من المقاولين التقليديين.
كانت إدارة أوباما ترغب في إلغاء كل من الصاروخ والمركبة الفضائية، ومن ثم فتح منافسة للقطاع الخاص لتطوير صاروخ ثقيل. كانت الفكرة أنه بالحصول على تكاليف منخفضة للوصول إلى الفضاء، يمكن للولايات المتحدة تحمل خطة مستدامة لاستكشاف الفضاء العميق. بالنظر إلى الوضع الحالي، كان هذا التفكير آنذاك هو الحل الأمثل، لكن الكونغرس لم يكن مستعدًا لذلك.
العودة إلى القمر أخيرًا
في بداية إدارة ترامب، نجح مدير ناسا الجديد، جيم بريدنستاين، في إلغاء خطة الرحلة إلى المريخ وتأسيس برنامج قمرى جديد. لكن أي محاولات للنظر في بدائل لصاروخ SLS رفضها مجلس الشيوخ الأمريكي.
أسس بريدنستاين خلال فترة ولايته برنامج أرتميس لإعادة البشر إلى القمر. لكن الكونغرس كان بطيئًا في فتح خزائنه لتمويل عناصر هذا البرنامج التي لم تكن تتضح فائدتها بشكل مباشر للمقاولين التقليديين أو لمراكز ناسا.
عند اختيار سبيس إكس مزودًا وحيدًا للمركبة القمرية، كان الأمر يتطلب تمويلًا كبيرًا من ناسا. لكن سبيس إكس هي الشركة الوحيدة التي قدمت عرضًا بتكلفة مقبولة.
هل ستنتهي ستارشيب في الوقت المحدد؟
من المحتمل أن لا تكون ستارشيب جاهزة في الوقت المحدد.
لسبيس إكس ومؤسسها إيلون ماسك، يعد برنامج أرتميس مهمة جانبية مقارنة بهدفهم الرئيسي المتمثل في إرسال البشر إلى المريخ. لذا فليس من المستغرب أن تكون الأولوية لهذه المهمة أقل.
تواجه ستارشيب أيضًا العديد من التحديات التقنية التي تحتاج إلى وقت طويل للتغلب عليها، وهو ما يعنى أن الجدول الزمني لتحقيق الهبوط البشري على القمر بحلول عام 2028 قد يكون مبالغًا فيه.
البدائل المتاحة
لا أحد يقدم حلولًا حقيقية، ولكن مؤخرًا تم الكشف عن حل محتمل يملك فرصًا كبيرة للنجاح.
الحل: مركبة مارك 1 من بلو أوريجن
أحد الحلول المطروحة هو مركبة مارك 1 من بلو أوريجن. ستبدأ الشركة اختبار المركبة عام 2026، وستقوم بأول مهمة لها عام 2027. المثير هنا أن الشركة بدأت أيضًا العمل على نسخة معدلة من مارك 1 يمكن استخدامها في المهام القمرية البشرية.
المصادر:
الكاتب
لور عماد خليل

ترجمة
لور عماد خليل
