كيف وصلت المياه إلى بعض الكواكب خارج المجموعة الشمسية؟
مع تزايد اكتشاف الكواكب خارج المجموعة الشمسية، لاحظ العلماء أن بعض هذه الكواكب تمتلك مخزونات كبيرة من الماء، رغم قربها اللافت من نجومها، فهي توجد في مدارات يُفترض أن مناخها شديد الحرارة بحيث لا يسمح بوجود الماء.
وقد نشرت مجلة Nature دراسة مفادها أن هذه الكواكب لا يأتيها الماء من الخارج بل إنها تنتج الماء بنفسها. يركز البحث على فئة من الكواكب تُسمى الكواكب شبه النبتونية، وهي كواكب يتراوح حجمها بين حجم الأرض وحجم كوكب نبتون. غالبًا ما تتكون هذه الكواكب من نواة صخرية تحيط بها طبقة من الهيدروجين أو الماء. يبدو هذا منطقيًا إذا كانت تلك الكواكب قد تشكلت في مناطق بعيدة وباردة، حيث يمكن للماء أن يبقى وأن يتجمد. لكن المفارقة أن بعض هذه الكواكب يوجد ضمن مسافة قريبة من نجومها لا يمكن فيها للماء أن يبقى سائلًا أو حتى موجودًا على السطح.
كان يُعتقد أن هذه الكواكب ربما حصلت على الماء من المذنبات أو الكويكبات، أو أنها تشكلت في أماكن بعيدة عن نجمها ثم بدأت بالاقتراب، غير أن هذه التفسيرات لم تعد مقنعة، لأن كمية الماء المكتشفة على أسطح الكواكب تفوق بكثير ما تفسره تلك الفرضيات.
قدمت الدراسة الجديدة حلًا مختلفًا، إذ بينت أن الكواكب الغنية بالهيدروجين يمكنها إنتاج الماء من خلال تفاعلات كيميائية تحدث بين الغلاف الجوي الغني بالهيدروجين والنواة الصخرية المكونة من السيليكات، إذ يتحرر الأكسجين من السيليكات بفعل الضغط والحرارة ليتفاعل مع الهيدروجين المكثف في الغلاف الجوي ليُكون الماء. بمعنى آخر، تؤدي الضغوط الهائلة على الكواكب شبه النبتونية التي قد تصل إلى 10,000 ضعف الضغط الجوي على الأرض إلى بقاء الصخور السيليكاتية في حالة منصهرة، ما يحرر الأكسجين الذي يتفاعل مع الهيدروجين الجوي لتكوين الماء بكميات كبيرة جدًا، وبذلك يمكن لهذه الكواكب أن تتحول تدريجيًا من كواكب غنية بالهيدروجين إلى كواكب غنية بالماء. بل إن بعض الكواكب قد تحتفظ بطبقة من الهيدروجين فوق طبقة مائية، وهو ما يُعرف باسم العوالم الهيدروجينية-المائية (Hycean Worlds).
يفتح هذا الطرح الجديد لتكون الماء على الكواكب آفاقًا علمية واسعة، فهو يتحدى الفرضية التقليدية التي تقول إن الكواكب الغنية بالماء يجب أن تتكون بعيدًا عن نجومها، ويقترح أن العوالم المائية قد تكون أوسع انتشارًا وفي أماكن غير متوقعة، ما يوسع نطاق الكواكب التي قد تحتوي على الماء، وهو العنصر الأساسي للحياة كما نعرفها.
ومن المتوقع أن تشمل الدراسات المستقبلية نطاقًا أوسع من المواد والظروف الكوكبية لمحاكاة تنوع الكواكب بدقة أكبر.