لماذا يجب عدم تقبيل الأطفال الرضع؟

يقولون إن تربية طفل تتطلّب «قرية كاملة»، وغالبًا ما تعمّ مشاعر الفرح عند قدوم مولود جديد. إذ يتوافد الأصدقاء والأقرباء لرؤيته محمّلين بالهدايا، والأحضان، والقبلات. وهي أكثر الطرق شيوعًا للتعبير عن المودة. غير أن السؤال الذي يفرض نفسه هو ما إذا كانت هذه اللفتات اللطيفة قد تحمل -دون قصد- ما قد يعرّض الطفل لمرض خطير.

يتجلّى هذا الخطر في سياق الأمراض التنفسية، وعلى رأسها الفيروس التنفسي المخلوي (RSV). فبينما قد تكون الأعراض لدى البالغين طفيفة إلى حدّ يجعل المصاب غير مدرك لمرضه، فإن الصورة تختلف تمامًا لدى الرضع، وقد تكون تبعات العدوى لديهم أشد وطأة.

 لطالما اعتُقد أن الإصابة الشديدة بالفيروس تقتصر على الأطفال الخدّج أو من يعانون حالات صحية مسبقة، لكن دراسة جديدة أطاحت بهذا التصور. فقد كشفت أن حتى الأطفال الأصحّاء المولودين بعد فترة حمل كاملة قد يتعرّضوا لاعتلالات حرجة تستدعي دخول العناية المركزة والإقامة فترات طويلة في المستشفى.

حلّلت الدراسة الشاملة بيانات أكثر من 2.3 مليون طفل وُلدوا في السويد بين عامي 2001 و2022، بحثًا عن الأنماط المتعلقة بالحالات التي احتاجت إلى تدخلات طبية كبيرة بسبب عدوى الفيروس التنفسي المخلوي. وقد شُخّص 1.7% من هؤلاء الأطفال بالفيروس، فيما أصيب 12% منهم -أي 4,621 طفلًا- بمرض شديد.

تبيّن أن معظم الأطفال الذين نُقلوا إلى الرعاية المركزة كانوا دون الشهرين من العمر، ولم يعانوا مشكلات صحية أخرى تُذكر. أظهرت البيانات عوامل مرتبطة بارتفاع خطر الإصابة الحادة أو الوفاة، منها زيادة احتمال الإصابة ثلاث مرات لدى المولودين في فصل الشتاء، أو لدى من لديهم أشقاء أصغر من الثالثة، فيما كان الأطفال منخفضو الوزن عند الولادة أكثر عرضة للإصابة الشديدة بأربع مرات.

قال مؤلف الدراسة، الطبيب المقيم صامويل ريدين، الأستاذ المساعد في معهد كارولينسكا: «نعلم بوجود أمراض أساسية ترفع خطر الإصابة الحادة، وقد استُهدِف هؤلاء الأطفال حتى الآن بالحماية المتاحة من خلال العلاج الوقائي».

«غير أن الدراسة تبيّن أن نسبة كبيرة من الأطفال الذين يحتاجون إلى رعاية مركزة بسبب العدوى كانوا أصحّاء مسبقًا. ومع توفر أدوية وقائية أفضل حاليًا، فإن توسيع تعريف الفئات المعرضة للخطر لتشمل الرضّع الأصحاء سابقًا يُعد خطوة إيجابية خلال موسم انتشار الفيروس».

تشير البيانات كذلك إلى انخفاض في حالات دخول المستشفى منذ توفر لقاح الفيروس على نطاق واسع.

لماذا يُنصح بتجنّب تقبيل الأطفال الرضع؟

يمرّ المولود الجديد بمرحلة انتقالية حساسة بعد خروجه من رحم الأم، إذ يحمل جزءًا من مناعتها، لكنه يبقى عرضة لعدد من العدوى التي لم يتعرّف إليها جهازه المناعي بعد. لهذا ينصح بعض الأطباء بتجنّب تقبيل الرضع حديثي الولادة، لتفادي انتقال أمراض تنفسية مثل الفيروس التنفسي المخلوي، أو فيروسات معدية مثل الهربس الذي قد ينتقل من التقرحات حول الفم ويسبب أمراضًا خطيرة لدى الصغار.

على هذا، يُفضّل تجنّب زيارة الأطفال الرضع حال وجود أي أعراض مرضية. أما التقبيل، فيوصى بتجنب منطقة الأنف والفم، واعتبار مؤخرة الرأس مكانًا أكثر أمانًا، أو الاكتفاء -وهذا أفضل- بمداعبة جوارب الطفل الصغيرة اللطيفة.