تجربة علمية تعيد محاكاة أولى التفاعلات الكيميائية بعد الانفجار الكبير

15 أكتوبر 2025
9 مشاهدة
0 اعجاب

تجربة علمية تعيد محاكاة أولى التفاعلات الكيميائية بعد الانفجار الكبير


 

تمكن العلماء لأول مرة من إعادة إنشاء التفاعلات الكيميائية الأولى التي حدثت بعد الانفجار العظيم، وذلك في ظروف مشابهة لتلك التي كانت سائدة في الكون في مراحله المبكرة.


فريق من الفيزيائيين من معهد ماكس بلانك للفيزياء النووية، نجح في إعادة إنتاج تفاعلات أيون هيدريد الهيليوم (HeH⁺)، وهو جزيء يتكون من ذرة هيليوم متعادلة اندمجت مع ذرة هيدروجين مؤينة.


هذه الخطوات تمثل المرحلة الأولى بعد الانفجار الكبير، التي أدت إلى تكون جزيء الهيدروجين (H₂)، وهو أكثر الجزيئات وفرةً في الكون، والمادة الأساسية التي تتشكل منها النجوم. يوضح البحث الجديد بعض أقدم العمليات التي أسهمت في نشوء الكون بالشكل الذي نعرفه اليوم.


في لحظات ولادة الكون منذ 13.8 مليار سنة، بعد الانفجار الكبير، تشكل «حساء» ساخن وكثيف من الجسيمات الأساسية، كانت درجات حرارته مرتفعة جدًا لدرجة منعت تكون الذرات.


استغرق الأمر نحو 380,000 سنة حتى فقدت النوى والإلكترونات طاقتها بما يكفي لتتجمع وتشكل أول العناصر. فكانت العناصر الأخف في الجدول الدوري: الهيدروجين بنسبة 75%، والهيليوم 25%، مع كميات ضئيلة جدًا من الليثيوم.


ما زال الهيدروجين يهيمن على مكونات الكون حتى اليوم، إذ تتجمع سحب من الغاز الجزيئي التي تُشكل أفران النجوم، التي تنتج العناصر الأثقل لاحقًَا سواء عبر عمليات الاندماج النووي أو من خلال الانفجارات العنيفة.


لم يكن أي من ذلك ممكنًا دون وجود أيون (HeH⁺)، وهو جزيء يعتقد العلماء أن له دور كبير في تبريد الكون بما يكفي للسماح للسحب الجزيئية بالانكماش حتى تصل إلى الكثافة اللازمة للانهيار تحت تأثير جاذبيتها الذاتية، مكونةً بذور النجوم الصغيرة.


يرجع ذلك إلى أن أيون (HeH⁺) يتميز بفصل نسبي كبير بين شحنتيه الموجبة والسالبة. عند وجود مجال كهربائي، يخضع الجزيء الذي يمتلك فصلًا كبيرا للشحنات إلى تغير في الطاقة يساعد على تبديد الحرارة، ما يعني أن أيون (HeH⁺) له –نظريًا- دور أساسي في تمهيد الطريق لتكون أولى النجوم.


أجرى الباحثون تجاربهم في حلقة التخزين التبريدية التابعة لمعهد ماكس بلانك، وهي منشأة مصممة لإجراء التجارب في بيئة فراغية عند درجات حرارة تبلغ فقط بضع درجات فوق الصفر المطلق، نحو -267 درجة مئوية، ما يحاكي ظروف الفضاء العميق.


هناك، درسوا بدقة التفاعلات بين أيون (HeH⁺) وذرة هيدروجين تحتوي على نيوترون إضافي في نواتها، المعروفة باسم الديوتيريوم. ينتج عن التفاعل بين (HeH⁺) والديوتيريوم ذرة هيليوم متعادلة وجزيء يتكون من ذرة هيدروجين متعادلة وذرة ديوتيريوم مؤينة (HD⁺)، حيث تكون مستويات الطاقة في هذا الجزيء أقل مما في المكونات الأصلية.


داخل حلقة التخزين، أطلق الباحثون شعاعين من الجسيمات، شعاع يحتوي على جزيئات (HeH⁺)، والشعاع الآخر يحتوي على الديوتيريوم المتعادل. غيروا سرعة الشعاعين لتعديل طاقة التصادم بين الجسيمات، بوصفها مقياسًا لدرجة الحرارة، بهدف دراسة ما إذا كانت درجة الحرارة تؤثر في معدل التفاعل.


لم يكن لذلك تأثير: ظل معدل التفاعل ثابتًا بصرف النظر عن درجة الحرارة المُقاسة، ما يشير إلى أن دور أيون (HeH⁺) في الكون المبكر بعد الانفجار العظيم لم يقل مع استمرار التبريد، وأن دوره في تكوين الجيل الأول من النجوم كان مهمًا جدًا.


«توقعت النظريات السابقة انخفاضًا كبيرًا في احتمالية التفاعل عند درجات الحرارة المنخفضة، لكننا لم نستطع تأكيد ذلك سواء في التجربة أو في الحسابات النظرية الجديدة». 


«لذلك، تبدو تفاعلات أيون (HeH⁺) مع الهيدروجين المتعادل والديوتيريوم أهم بكثير لكيمياء الكون المبكر بعد الانفجار الكبير مما كان يُعتقد سابقَا». 

 


 

 

 

 

 

 

 



المصادر:


الكاتب

أمير المريمي

أمير المريمي
تدقيق

أكرم محي الدين

أكرم محي الدين



مقالات مختارة

إقرأ المزيد

لا يوجد مقالات مرتبطة