ثقب أسود يتوهج ويصدر إشعاعًا عقب تجربة محاكاة جديدة في المختبر
باستخدام سلسلة من الذرات المصطفة في خط واحد لمحاكاة أفق الحدث الخاص بالثقب الأسود، تمكن فريق من الفيزيائيين سنة 2022 من رصد ما يعادل إشعاع هوكينغ، وهي جسيمات تنشأ نتيجة اضطرابات في التقلبات الكمية التي يسببها اختلال الزمكان الناتج من وجود الثقب الأسود.
يقول الباحثون إن هذا الاكتشاف قد يساعد على حل التوتر القائم بين إطارين نظريين يصعب التوفيق بينهما حاليًا لوصف الكون، وهما: أولًا، النظرية العامة للنسبية التي تصف سلوك الجاذبية بوصفها حقلًا مستمرًا يُعرف باسم الزمكان. ثانيًا، ميكانيكا الكم التي تفسر سلوك الجسيمات المنفصلة باستخدام الرياضيات الاحتمالية.
لنتمكن من صياغة نظرية موحدة للجاذبية الكمية يمكن تطبيقها على مستوى الكون بأكمله، يجب أن تتوافق النظريتان بطريقة ما.
هنا تدخل الثقوب السوداء إلى المشهد، التي تعد من أغرب وأشد الأجرام تطرفًا في الكون. فهي أجسام ضخمة للغاية وكثيفة بشكل لا يصدق، لدرجة تجعل سرعة أي شيء في الكون مهما بلغت لا تكفي للهروب من جاذبيتها إذا اقترب من مركز كتلتها مسافةً محددة، يشمل ذلك الضوء. تُعرف تلك المسافة، التي تختلف باختلاف كتلة الثقب الأسود، باسم أفق الحدث. فور أن يتجاوز جسم ما حده، لا يمكننا سوى تخيل ما يحدث بداخله، لأنه ببساطة، لا شيء يعود حاملًا أي معلومات عن مصيره.
لكن عام 1974، اقترح ستيفن هوكينغ أن الاضطرابات في التقلبات الكمية التي يسببها أفق الحدث قد تؤدي إلى نشوء نوع من الإشعاع يشبه الإشعاع الحراري. إن كان إشعاع هوكينغ موجودًا بالفعل فإنه ضعيف للغاية بحيث يتعذر علينا رصده حتى الآن، وربما لن نتمكن أبدًا من تمييزه وسط الضوضاء الكونية الهائلة. لكن يمكننا دراسة خصائصه بابتكار نظائر للثقوب السوداء في المختبر لمحاكاة سلوكها تحت ظروف مضبوطة.
أنشئت محاكاة لذلك سابقًا، لكن في نوفمبر 2022، حاول فريق بقيادة لوتي ميرتنز من جامعة أمستردام في هولندا القيام بشيء مختلف. استخدم الفريق سلسلة أحادية البعد من الذرات لتكون مسارًا للإلكترونات لتتنقل قفزًا من موقع لآخر. بضبط سهولة حدوث هذه القفزات، تمكن الفيزيائيون من إلغاء بعض الخصائص، مكونين بذلك نوعًا من أفق الحدث الذي يتداخل مع الطبيعة الموجية للإلكترونات.
قال الفريق إن تأثير هذا الأفق الزائف أدى إلى ارتفاع درجة الحرارة، بما يتوافق مع التوقعات النظرية لنظام ثقب أسود مكافئ، لكن ذلك حدث فقط عندما امتد جزء من السلسلة خارج أفق الحدث. وقد يعني ذلك أن لتشابك الجسيمات التي تعبر أفق الحدث دور أساسي في توليد إشعاع هوكينغ. وقد ظهر أن إشعاع هوكينغ المختبري كان حراريًا فقط ضمن نطاق معين من سعات القفزات، وفي محاكاة بدأت بمحاكاة نوع مسطح من الزمكان. يشير ذلك إلى أن إشعاع هوكينغ قد يكون حراريًا فقط في نطاق محدد من الظروف، وعندما يحدث تغير في انحناء الزمكان بسبب الجاذبية.
ليس من الواضح ما يعنيه هذا بالنسبة إلى الجاذبية الكمية، لكن النموذج يقدم طريقة لدراسة نشوء إشعاع هوكينغ في بيئة غير متأثرة بالديناميكيات العنيفة لتكون الثقب الأسود.
أشار الباحثون إلى أنه نظرًا إلى بساطته، يمكن استخدامه في مجموعة واسعة من التجارب المختبرية، حيث يفتح آفاقًا لاستكشاف الجوانب الأساسية لميكانيكا الكم، إلى جانب الجاذبية والانحناءات في الزمكان، ضمن إعدادات مختلفة للمواد المكثفة.
المصادر:
الكاتب
أمير المريمي

ترجمة
أمير المريمي
