تُعد نظرية العقد إحدى النظريات المهمة في الرياضيات، ومع تطور العلوم زاد استخدام النظرية في مجالات مختلفة مثل الاقتصاد والرياضة، آخرها تحديد أفضل المسارات للمركبات الفضائية المدارية.

تنجز المركبة الفضائية مهمتها الأساسية عند وصولها إلى وجهتها ثم تستقر في مدار للعمليات العلمية. قد يود العلماء استكشاف مدارات أخرى يجدونها مثيرة للاهتمام. لكن الانتقالات إلى مدارات أخرى تتطلّب وقودًا، ما يحد عدد الانتقالات التي يمكن للمركبة إنجازها.

اكتشف الباحثون سماح بعض المسارات المدارية بتغييرات مدارية لا تحتاج إلى الوقود، لكن معرفة هذه المسارات مكلف جدًا حسابيًا.

نجحت نظرية العقد في إيجاد هذه المسارات بسهولة كبيرة، ما يسمح برسم مسارات أكثر كفاءة في استهلاك الوقود، ويشبه الموضوع كيفية رسم خرائط «جي بي اس» لأكثر الطرق كفاءة على الأرض.

تعرّف نظرية العقد رياضيًا أنها دراسة للمنحنيات المغلقة في ثلاثة أبعاد، كمثال: فك خيط صيد متشابك بأفضل طريقة ممكنة. بنفس الطريقة يحسب مسار المركبة الفضائية في نظام كوكبي مزدحم، مثل كوكب المشتري والأقمار المحيطة به، فيمكن حساب أفضل المسارات وأبسطها وأقلها تعقيدًا رياضيًّا.

نُشرت ورقة بحثية جديدة في مجلة «الأستروديناكس» عنوانها: «تطبيقات نظرية العقد في الكشف عن الاتصالات غير المتجانسة بين المدارات شبه الدورية».

سيساعد استخدام نظرية العقد في فك تعقيدات مسارات المركبات الفضائية على تقليل الطاقة الحاسوبية المستخدمة أو تقليل التخمين في رسم التغييرات في المدارات الفضائية.

يقول داني أوين طالب الدراسات العليا في الديناميكا الفلكية في بيان صحفي من جامعة ساري: «سابقًا عندما أرادت وكالات مثل ناسا رسم مسار معين اعتمدت حساباتهم على القوة الغاشمة أو التخمين».

وأضاف: «تكشف تقنيتنا الجديدة بأناقة عن جميع المسارات الممكنة التي يمكن للمركبة أخذها من النقطة أ إلى النقطة ب، طالما أن كلا المدارين يشتركان في مستوى طاقة مشترك».

يدعي أوين أن استخدام نظرية العقد يبسط مهمة التخطيط للمهمات الفضائية. فيقول: «نحن نفكر فيها كخريطة مترو الأنفاق لكن للفضاء».

تتعقد الملاحة الفضائية بحقيقة أن لا شيء في الفضاء يحتل موقعًا ثابتًا. يواجه الملاحون تحديات حساب السرعات والتوجهات الدقيقة لدوران الأرض، ووجهة الهدف الدوار، بالإضافة إلى حركة المركبة الفضائية، إذ تتحرك جميعها في الوقت نفسه في مداراتها الخاصة حول الشمس.

تقليل كمية الوقود المستهلكة من المركبات الفضائية عند تغيير المسارات مهم لأن الوقود مورد محدود لمعظم المهمات الفضائية.

يستخدم ملاحو الفضاء شيئًا يسمى المدارات غير المتجانسة، التي يطلق عليها الوصلات غير المتجانسة، وهي مسارات تسمح للمركبة الفضائية بالسفر من مدار إلى آخر باستخدام أقل كمية ممكنة من الوقود، وأحيانًا بلا استخدام وقود. لكن تتطلب طاقة حاسوبية كبيرة أو الكثير من الوقت لمعرفتها.

صرح أوين ونيكولا باريزي المحاضر في ميكانيكا المدارات في جامعة ساري أنهما طورا طريقة للكشف عن الوصلات غير المتجانسة مستخدمين نظرية العقد، تفيد هذه العملية في توليد مسارات واضحة بسرعة، يمكن تحسينها فيما بعد. ما يعطي الملاحين قائمة كاملة بجميع المسارات الممكنة من مدار معين، ويختارون الأنسب للمهمة عمومًا، ثم يختارون الأنسب لمهمتهم تبعًا للظروف من موارد وغيرها.

اختبر الباحثون تقنيتهم على مختلف الأنظمة الكوكبية بما فيها القمر وأقمار جاليليو التابعة للمشتري.

يقول باريزي: «مدفوعين من برنامج أرتيمس التابع لناسا، فإن السباق الجديد إلى القمر يلهم مصممي المهام حول العالم للبحث عن مسارات ذات كفاءة في استهلاك الوقود واستكشاف أفضل وأكثر كفاءة لمنطقة محيط القمر».

ويضيف: «لا تجعل تقنيتنا هذه المهمة الشاقة أكثر بساطة فحسب، بل يمكن تطبيقها أيضًا على أنظمة كوكبية أخرى مثل الأقمار الجليدية لزحل والمشتري»

اقرأ أيضًا:

عالم حوسبة لديه خطة فريدة للتوصل إلى نظرية أساسية جديدة للفيزياء

نظرية العقد

ترجمة: مريم ميهوب

تدقيق: زين حيدر

المصدر