قد يُعاق نمو الخلايا الجذعية المضغية أو الجنينية التي تؤدي دورًا حاسمًا في رسم تقاسيم الوجه في أثناء تطور نموها نتيجة تعرضها لضغط متزايد.

راقب فريق دولي من الباحثين نمو أجنة الفئران والضفادع، إضافةً إلى أجنة الإنسان -مجموعات من الخلايا المضغية نمت وتطورت داخل المختبر- من أجل فهم أفضل للطريقة التي تأخذ منحاها بعض الخلايا لتنمو وتتمايز بها، ولاحظوا تعطل سُبل إشارات الخلايا المهمة في خلايا العُرف العصبية عند تطبيق زيادة في الضغط المتعلق بتوازن السوائل أو الضغط الهيدروستاتيكي خارجيًا على المضغة -أي الجنين الذي لم يتجاوز الأسبوع الثامن من الحمل- أو على شكل الجنين.

تدل نتائج البحث على أن نمو الأنسجة قد يتأثر باللحظات العصيبة من تطور الحيوان، ما يعرضه لخطر حدوث التشوهات القحفية الوجهية. ومن المعتقد أن هذه التشوهات حدثت نتيجة مجموعة مختلفة من العوامل الوراثية والبيئية، بما فيها الإمداد بالمغذيات.

يقول اختصاصي البيولوجيا العصبية روبرت مايور من جامعة كوليدج في لندن: «تشير نتائج الأبحاث إلى أن تشوهات الوجه لا تتأثر فقط بالوراثة بل أيضًا بالإشارات الفيزيائية في الرحم مثل الضغط».

فيما يُعرف بالتحريض المضغي، تُرسل الخلايا عبر مسارات بيولوجية مختلفة في أثناء النمو بواسطة إشارات كيميائية من الأنسجة الأخرى المجاورة، يعرف العلماء بعض المحفزات -وليس كلها- التي تحدد طريقة تفسير الخلايا الجذعية لهذه الإشارات.

على وجه الخصوص، تفحّص التحليل التجويف المليء بالسوائل الذي يسمى الجوف الأرومي، بالقرب من مكان نمو العرف العصبي، وقد تبين أن الضغط على الجوف الأرومي يضعف ويقلل من نشاط بروتين يسمى ياب، الذي بدوره يتلف مجموعةً من جزيئات الإشارة المعروفة ب Wnt، المسؤولة عن تزويد العرف العصبي بطريقة تطوره ونموه.

لم تشمل أبحاث الدراسة التقصي عن أسباب زيادة الضغوط داخل الرحم البشري، لكن نتائجها تزود بقراءة نظرية للتأثيرات الميكانيكية في المُضغة لا سيما أن معظم الدراسات تميل إلى التركيز على تأثير العوامل البيوكيميائية بدلًا من ذلك.

يقول مايور: «عندما يتعرض الكائن الحي لتجربة في تغير الضغط، فإن كل خلاياه بما فيها الجنين المتواجد في رحم الأم تكون قادرة على الشعور بها».

يمنح هذا البحث تقدم العلماء خطوة مهمة إلى الأمام ويقربهم من فهم آلية تكون أجسام البشر والفقاريات الأخرى، وبالتأكيد وصولًا إلى معرفة الجزيئات والإشارات الفردية المشاركة في مراحل النمو الأولى.

في حين اتضح دور الضغط بإمكانيته التسبب بالتقليل من كفاءة إشارات العرف العصبية، يبقى لنا أن نرى كيف يمكن لتغيرات خاصة في بيئة الرحم أن تحدث نتائج نوعية في نمو الطفل البشري.

يقول مايور: «يظهر عملنا أن الأجنة بمرحلة المضغة حساسة للضغط، لكننا لا نعرف مدى حساسيتها. فعلى سبيل المثال، هل سيؤثر تغير الضغط داخل الرحم في المضغة؟

سيتطلب هذا البحث لحدٍ أبعد من ذلك لفهم دور التغيرات داخل الجسم بالإضافة إلى الضغط البيئي في التأثير في نمو الجنين البشري».

اقرأ أيضًا:

قد يكون الأنف الكبير وبعض ملامح الوجه نتيجة علاقة قديمة مع إنسان نياندرتال!

لماذا لا تتشابه الأوجه ؟ التطور يجيب.

ترجمة: رغد شاهين

تدقيق: بشير حمّادة

المصدر