يرتبط خطر الإصابة بالسرطان بالكثير من العوامل، وتُعَد التغذية من العوامل المؤثرة بقوة على خطر الإصابة بهذا المرض، فقد كشفت الكثير من الدراسات مثلًا العلاقة بين استهلاك اللبن والسرطان. تشير بعض الدراسات إلى أن اللبن يقي من السرطان، في حين ناقضت دراسات أخرى ذلك. تضم منتجات الألبان الشائعة الحليب والجبن واللبن والكريمة والزبدة. سنتناول في هذا المقال الأدلة التي تربط بين منتجات الألبان والسرطان، بالاطلاع على أدلة الجانبين.

كيف تعمل هذه الدراسات؟

نؤكد قبل الخوض في التفاصيل على أهمية إدراك حدود هذه الدراسات في الكشف عن العلاقة بين التغذية والمرض. يُطلَق على أكثر الأبحاث في هذا المجال الدراسات الرصدية أو الدراسة بالملاحظة، ويستخدم هذا النوع من الأبحاث الإحصائيات لتقدير العلاقة بين الغذاء وخطر الإصابة بمرض ما.

لا يمكن أن تثبت الدراسات الرصدية أن طعامًا ما يسبب مرضًا ما، وإنما مهمتها فقط إثبات احتمالية الإصابة بالمرض بعد استهلاك ذلك الطعام. توجد كما أسلفنا حدود لهذه الأبحاث، وقد ثبت أحيانًا خطأ افتراضاتها.

لكن مع نقاط ضعف هذه الدراسات، تبقى الأبحاث الرصدية المُصمَّمة بإحكام جزءًا لا يتجزأ من علوم التغذية، لأنها توفر أدلةً مهمة، خاصةً عندما ترتبط بتفسيرات بيولوجية معقولة.

الخلاصة إن أكثر الدراسات التي تبحث العلاقة بين الحليب والسرطان هي دراسات رصدية، ولا يمكنها إثبات أن منتجات الألبان تسبب مرضًا ما، فقط تثبت احتمالية ارتباط استهلاك الألبان بالإصابة بالمرض.

السرطان الآن هو المسبب الرئيسي للوفاة - هل تسبب منتجات الألبان السرطان؟ - العلاقة بين استهلاك اللبن والسرطان - الجبنة واللبن والحليب

الآن لنلق نظرةً سريعة على إحصائيات الأبحاث:

1- سرطان القولون والمستقيم

يصيب أسفل القناة الهضمية، وهو أحد أكثر أنواع السرطان شيوعًا في العالم. تشير أكثر الدراسات إلى أن تناول مشتقات الألبان قد يخفض خطر الإصابة بسرطان القولون والمستقيم، مع عدم وضوح الأدلة.

يمكن أن تحمي بعض مكونات الحليب التالية من سرطان القولون والمستقيم:

  •  الكالسيوم.
  •  فيتامين (د).
  •  بكتيريا حمض اللاكتيك الموجودة في بعض مشتقات الحليب كاللبن.

الخلاصة: تُظهر أكثر الدراسات رابطًا بين استهلاك مشتقات الألبان وانخفاض خطر الإصابة بسرطان القولون والمستقيم.

2- سرطان البروستاتا

توجد غدة البروستاتا أسفل مثانة الرجل، ووظيفتها الرئيسية إنتاج سائل البروستات وهو جزء من السائل المنوي، وسرطان البروستاتا هو الأكثر انتشارًا بين الرجال في أوربا وأمريكا الشمالية.

تُظهر أكثر الدراسات الكبرى أن استهلاك الألبان قد يرفع خطر الإصابة بسرطان البروستاتا، وكشفت دراسة أيسلندية أن الاستهلاك المفرط للحليب في أثناء الحياة اليومية قد يزيد خطر سرطان البروستاتا المتقدم في مراحل لاحقة من الحياة.

يحوي الحليب تنوعًا كبيرًا من العناصر الحيوية النشطة، التي قد يقي بعضها من السرطان، في حين يكون لبعضها الآخر آثارًا سلبيةً. من هذه المكونات:

  • الكالسيوم: ربطت إحدى الدراسات بين كالسيوم الحليب ومشتقاته وبين ازدياد خطر الإصابة بسرطان البروستاتا، في حين نفت دراسات أخرى بقوة وجود أي علاقة.
  •  عامل النمو شبيه الإنسولين 1 (IGF-1): يرتبط وجوده بازدياد خطر الإصابة بسرطان البروستاتا، لكنه قد يكون نتيجةً للسرطان وليس مسببًا له.
  •  هرمونات الإستروجين: يساور بعض الباحثين القلق بأن الهرمونات التناسلية الموجودة في حليب الأبقار الحوامل قد يحفز نمو سرطان البروستاتا.

الخلاصة: تشير أغلب الدراسات إلى أن الاستهلاك الزائد للألبان قد يزيد خطر الإصابة بسرطان البروستاتا، ويرجع هذا للعديد من المكونات الحيوية النشطة الموجودة في الحليب.

3- سرطان المعدة

سرطان المعدة هو رابع أكثر السرطانات انتشارًا في العالم. لم تجد العديد من الدراسات الرئيسية علاقةً واضحةً بين استهلاك الألبان وسرطان المعدة.

يحتوي الحليب على مكونات من المحتمل أن تكون واقية، مثل حمض اللينوليك المتقارن (CLA) وبعض أنواع الجراثيم المعوية (المعينات الحيوية Probiotic) الموجودة في منتجات الحليب المخمرة. أما عامل النمو شبيه الإنسولين 1 (IGF-1) فقد يحفز سرطان المعدة.

يؤثر الطعام الذي تتناوله الأبقار في كثير من الأحيان على القيمة الغذائية والخصائص الصحية لحليبها، مثلًا يحتوي حليب الأبقار التي تعيش في المراعي وتتغذى على السرخسيات bracken ferns على التاكيلوسيد ptaquiloside، وهو مركب نباتي سام قد يزيد من خطر الإصابة بسرطان المعدة.

الخلاصة: لا يوجد عمومًا دليل واضح يربط بين استهلاك مشتقات الألبان وسرطان المعدة.

4- سرطان الثدي

سرطان الثدي أكثر أنواع السرطان شيوعًا عند النساء. تُظهر الأدلة إجمالًا عدم وجود آثار لمشتقات الألبان على سرطان الثدي، لكن بعض الدراسات تشير إلى أن مشتقات الألبان -باستثناء الحليب- قد تمتلك آثارًا وقائية.

الخلاصة: لا توجد أدلة ثابتة حول تأثير مشتقات الألبان على سرطان الثدي، مع احتمال وجود تأثيرات وقائية لبعض هذه المشتقات.

5- ما كمية الحليب التي يمكنك تناولها بأمان؟

يجب على الرجال تجنب تناول كميات كبيرة من الحليب لأنه قد يزيد من خطورة الإصابة بسرطان البروستاتا كما أسلفنا. توصي الإرشادات الغذائية الحالية باستهلاك 2-3 أكواب يوميًّا، فهي كمية كافية للحصول على حصة مناسبة من المعادن مثل الكالسيوم والبوتاسيوم، لكنها أقل من أن ترفع خطر الاصابة بالسرطان.

لم تضع التوصيات الرسمية حتى الآن حدًا أقصى لاستهلاك منتجات الألبان ، لعدم وجود معلومات كافية لبناء توصيات معتمِدة على أدلة مثبتة، لكن يحسن عدم تجاوز أكثر من حصتين يوميًّا أو ما يعادل كأسين من الحليب.

الخلاصة: تجنب الاستهلاك المفرط لمشتقات الألبان، ويجب على الرجال تحديد ما يتناولونه بألا يتجاوز حصتين يوميًا أو كأسين من الحليب.

خاتمة

تشير الدراسات إلى أن الإسراف في تناول مشتقات الألبان يزيد من خطر سرطان البروستاتا، لكنه قد يقلل خطر الإصابة بسرطان القولون والمستقيم.

أما الأنواع الأخرى من السرطان فالنتائج غير واضحة، ولكنها تدل عمومًا إلى عدم وجود آثار ضارة.

تذكّر أن أكثر الأدلة المتاحة مبنية على دراسات رصدية توفر أدلةً محتملة لا إثباتات قطعية. ولأن الحذر خير من الندم نوصي بالتوسط في تناول الألبان والتنوع في تناول الأطعمة الطازجة والصحية.

اقرأ أيضًا:

السرطان الآن هو المسبب الرئيسي للوفاة في البلدان مرتفعة الدخل

دراسة على الفئران تقدم أدلة عن أثر النظام الغذائي في علاج السرطان

النظام الغذائي والسرطان: كيف يؤثر طعامك على السرطان؟

ترجمة: عدي بكسراوي

تدقيق: علي قاسم

مراجعة: أكرم محيي الدين

المصدر