هل لدوران الأرض علاقة بوجود الأكسجين على كوكبنا؟

5 ديسمبر 2025
17 مشاهدة
0 اعجاب

هل لدوران الأرض علاقة بوجود الأكسجين على كوكبنا؟

 

كانت الأرض تدور بسرعة أكبر بكثير مما هي عليه اليوم، منذ تكونت قبل نحو 4.5 مليار سنة، لكن تباطأ دورانها تدريجيًا بمرور الزمن، ما أدى إلى زيادة طول النهار على الكوكب.


مع أن هذا التباطؤ غير ملحوظ بمقاييس الوقت المعروفة، فإن تأثيراته عبر الأزمنة كانت عميقة، وربما من أبرزها ارتباط طول النهار بعملية أكسجة الغلاف الجوي للأرض، وفقًا لدراسة نُشرت عام 2021.


تشير النتائج إلى أن الطحالب الزرقاء المخضرة (السيانوبكتيريا) التي ظهرت وانتشرت قبل نحو 2.4 مليار سنة، أصبحت قادرة على إنتاج كميات أكبر من الأكسجين ناتجًا ثانويًا لعملياتها الأيضية، بفضل زيادة طول النهار.


يقول عالم الأحياء الدقيقة غريغوري ديك من جامعة ميشيغان «إن السؤال الدائم في علوم الأرض هو: كيف حصل الغلاف الجوي على الأكسجين؟ وما العوامل التي تحكمت في توقيت حدوث هذه الأكسجة؟


تشير أبحاثنا إلى أن معدل دوران الأرض -أي طول النهار- قد أدى دورًا مهمًا في نمط هذه الأكسجة وتوقيتها».


المكونان الرئيسيان للقصة:


1- تباطؤ دوران الأرض:


السبب الرئيسي في تباطؤ دوران الأرض هو تأثير الجاذبية المتبادلة مع القمر، إذ يؤدي السحب القمري إلى إبطاء دوران الكوكب تدريجيًا مع ابتعاد القمر شيئًا فشيئًا عن الأرض.


تُظهر السجلات الأحفورية أن طول اليوم قبل 1.4 مليار سنة كان 18 ساعة فقط، وكان أقصر بنصف ساعة من اليوم الحالي قبل 70 مليون سنة فقط. وتشير الأدلة إلى أننا نكسب نحو 1.8 ميلي ثانية في طول اليوم كل قرن.


2. حدث الأكسجة العظيم:


هو المرحلة التي ارتفعت فيها مستويات الأكسجين في الغلاف الجوي ارتفاعًا كبيرًا نتيجة تكاثر السيانوبكتيريا على نطاق واسع. ويعتقد العلماء أنه لولا هذا التحول لم تكن لتظهر الحياة المعقدة كما نعرفها الآن.


ومع ذلك، ما زال هناك الكثير من الأسئلة المفتوحة، مثل: لماذا حدثت هذه الأكسجة في ذلك الوقت تحديدًا، ولم تحدث في وقت أبكر من تاريخ الأرض؟


وجد العلماء في الحفرة الوسطى ببحيرة هورون ميكروبات حصيرية تشبه إلى حد بعيد السيانوبكتيريا المسؤولة عن حدث الأكسدة العظيم. تتكون هذه المجتمعات من بكتيريا بنفسجية تقوم بعملية التمثيل الضوئي وإنتاج الأكسجين، وأخرى بيضاء تعتمد على استقلاب الكبريت.


في الليل، تصعد البكتيريا البيضاء إلى السطح لتستهلك الكبريت. وعندما تشرق الشمس، تتراجع هذه البكتيريا تدريجيًا، وتصعد السيانوبكتيريا البنفسجية لتبدأ بعملية التمثيل الضوئي وإنتاج الأكسجين.


مع ذلك، يستغرق الأمر بضع ساعات قبل أن تبدأ فعليًا، فهناك تأخير طويل في الصباح. يبدو أن البكتيريا الزرقاء تستيقظ متأخرًا أكثر من كونها من محبي الاستيقاظ المبكر.


هذا يعني أن فترة النهار التي تستطيع البكتيريا الزرقاء خلالها ضخ الأكسجين محدودة للغاية، ما دفع عالم المحيطات برايان آربك للتساؤل: هل لطول النهار المتغير عبر تاريخ الأرض تأثير مباشر في معدلات التمثيل الضوئي وإنتاج الأكسجين؟


أوضحت كلات: «من المحتمل أن نوعًا مشابهًا من التنافس بين الميكروبات ساهم في تأخر إنتاج الأكسجين على الأرض في بدايتها».


أجرى الفريق تجارب ميدانية ومخبرية، إضافةً إلى نماذج رياضية تربط بين شدة ضوء الشمس وإنتاج الأكسجين بواسطة الميكروبات، ثم بين هذا الإنتاج وتاريخ الأرض. وتبين أن العلاقة ليست بسيطة كما قد يبدو بديهيًا.


يوضح عالم البحار أرجون تشينو من مركز لايبنيز لأبحاث البحار الاستوائية «يشير المنطق إلى أن يومين بطول 12 ساعة يعادلان يوم واحد بطول 24 ساعة. يرتفع ضوء الشمس وينخفض بسرعة مضاعفة، ويتبعه إنتاج الأكسجين بنفس السرعة. لكن إنتاج الأكسجين من الحصائر البكتيرية لا يتبع هذا المنطق، إذ تحدّه سرعة انتشار الجزيئات. هذا الاختلاف الطفيف في التوقيت هو جوهر الآلية».


عندما أدخل العلماء النتائج في نماذج عالمية لمستويات الأكسجين، وجدوا أن إطالة النهار مرتبطة بارتفاع الأكسجين في الغلاف الجوي. ليس فقط خلال حدث الأكسجة الأعظم، بل أيضًا في حدث أكسجة آخر عُرف باسم «حدث الأكسجة النيوبروتيروزوي» قبل نحو 550 إلى 800 مليون سنة.


يقول شينو: «ربطنا قوانين الفيزياء على مقاييس مختلفة تمامًا، من انتشار الجزيئات في الحصائر الميكروبية إلى ميكانيكا الكواكب. إنه أمر مدهش أن نرى كيف ترتبط حركة الميكروبات بحركة كوكبنا وقمره».



المصادر:


الكاتب

لور عماد خليل

لور عماد خليل
ترجمة

لور عماد خليل

لور عماد خليل
مراجعة

أكرم محي الدين

أكرم محي الدين



مقالات مختارة

إقرأ المزيد

لا يوجد مقالات مرتبطة