تعد أستراليا إحدى الدول الرائدة في استغلال الألواح الشمسية على الأسطح المنزلية، وقد حطمت مرة أخرى رقمها القياسي بعدد الألواح الشمسية المثبتة خلال سنة واحدة، ففي عام 2020 ارتفعت نسبة تركيبها 30% تقريبًا عن العام السابق، وذلك وفقًا لتحليل أجرته وكالة العلوم الوطنية الأسترالية CSIRO. جمع هذه البيانات خبراء في كفاءة الطاقة، وأُعلن عنها في بيان من CSIRO بالتعاون مع هيئة الطاقة النظيفة الأسترالية، وهي هيئة وطنية مكلفة بخفض انبعاثات الكربون في البلاد وتسريع استخدامها للطاقة النظيفة.

وبينما يتخلف قادة الحكومة الفيدرالية عن اتخاذ إجراءات في مجال التغير المناخي، يضاعف الأستراليون كل يوم من الطاقة المتجددة، ويركّبون المزيد من الألواح الشمسية على الأسطح أكثر من أي وقت مضى، ويحاولون تعزيز حجم مصفوفات الأسطح الخاصة بهم.

قال مارك ويليامسون -المدير التنفيذي الأول لمنظمة الطاقة النظيفة- في إشارة إلى وجود مخطط وطني في أستراليا يسمح لأصحاب المنازل والشركات الصغيرة بتعويض جزء من تكاليف وضع الألواح على أسطح منازلهم: «كان للتكاليف المنخفضة للتكنولوجيا المستدامة، والتوجه المتزايد للعمل من المنزل، وتوجه إنفاق الأسرة إلى التحسينات المنزلية في فترة جائحة كوفيد-19، دور رئيسي في زيادة أنظمة الطاقة الشمسية الكهروضوئية على الأسطح في إطار جهود المعالجة البيئية».

وليس هذا الرقم القياسي بأمر جديد بالنسبة لهذا البلد الذي يتعرض لأشعة الشمس فترات طويلة من السنة، إذ تشهد أستراليا زيادة ملحوظة في معدلات تركيب الألواح الشمسية من سنة إلى أخرى بسبب الانخفاض الحاصل في كلفة إنتاج الطاقة المتجددة، فقد زادت بنسبة 60% في عام 2018 عما كانت عليه عام 2017.

قال مايكل أمبروز، كبير العلماء التجريبيين في CSIRO الذي قاد التحليل الذي يعكس تقييمًا سنويًا منفصلاً لسوق الطاقة الشمسية على الأسطح الأسترالية من شركة SunWiz الاستشارية: «أستراليا واحدة من أكثر الأماكن تعرضًا لأشعة الشمس على هذا الكوكب، ونحن نتفوق في مجال الطاقة الكهروضوئية على باقي دول العالم، فمتوسط حصة الفرد من السعة تبلغ 591 واط، وتعادل ثمانية أضعاف المتوسط العالمي تقريبًا». وأضاف: «تُظهر أحدث بيانات تركيب الألواح الشمسية الكهروضوئية مدى سرعة انتشار الأنظمة الكهروضوئية في جميع أنحاء أستراليا والحجم المتزايد للمصفوفات الكهروضوئية».

تتكون الخلايا الكهروضوئية -التي يسميها العلماء غالبًا بالألواح الشمسية- من خلايا شمسية مكدسة معًا لالتقاط طاقة الشمس وتحويلها إلى كهرباء، أما السعة فهي كمية الكهرباء التي يمكن أن تنتجه هذه المنظومة الشمسية في ذروتها.

أظهرت بيانات هيئة الطاقة النظيفة الفيدرالية الأسترالية المستخدمة في تحليل CSIRO أنه في 2020، رُكِّب حوالي 362 ألف لوح شمسي واعتُمِدت وفقًا لمخطط مصادر الطاقة المتجددة الصغيرة.

وفي نهاية العام وصل مجموع ما تمتلكه أستراليا من الأنظمة الشمسية المنزلية إلى أكثر من 2.68 مليون نظام شمسي مثبت على أسطح المنازل، ما يعني أن واحدة من كل أربع أسر تستثمر الآن ضوء الشمس وتحوله إلى كهرباء.

ومن المتوقع أن تنمو قدرة الطاقة الشمسية على أسطح المنازل في البلاد، إذ تشير البيانات المبكرة لعام 2021 إلى أن المنشآت تتجه بالفعل نحو زيادة معدلات تركيبها.

ولكن وسط هذه الضجة، توجد مسائل أكبر تحتاج إلى معالجة؛ فهل بوسع شبكة الكهرباء الأسترالية القديمة أن تتكيف مع التدفق الهائل للطاقة الشمسية؟ خاصة إنها قديمة وتحتاج حقًا إلى التطوير؟ وهل تستطيع الألواح الشمسية المقترنة بالبطاريات المنزلية أن تحافظ حقًا على استقرار الشبكة وتعزيز إمدادات الكهرباء في حالة الطقس القاسي مثل الصواعق؟

قالت نايومي سترينجر، باحثة الطاقة المتجددة من جامعة نيو ساوث ويلز، لمجلة رينيو إيكونومي: «قد يكون لسلوك هذه الأنظمة عند تركيبها على أسطح منازلنا تأثيرات مادية على نطاق أوسع في شبكة الكهرباء. وقد تكون تأثيرات الطاقة الشمسية على الأسطح خطيرة، خاصة في أثناء أحداث الاضطرابات عندما تكون الشبكة ضعيفة بالفعل، ما يشكل مخاطر جديدة على أمن نظام الطاقة. لكن مع ذلك، توجد أيضًا فرص مهمة لتسخير القدرات الشمسية على الأسطح للمساعدة على استعادة أمن نظام الطاقة».

كثير من المجتمعات الأسترالية الصغيرة -التي واجهت انقطاع التيار الكهربائي مسبقًا في أثناء مواجهتها خطر حرائق الغابات المدمرة في البلاد في الفترة المسماة بالصيف الأسود- تنظر إلى هذه الإمكانات وأخذت زمام الأمور بعدم الاعتماد على شبكة الطاقة الوطنية والتبديل إلى أنظمة الطاقة الشمسية.

يقول بعض الباحثين إن أستراليا تحاول اللحاق بالرواد الآخرين في مجال الطاقة المتجددة مثل ألمانيا.

من الواضح أن أستراليا تتخذ خطوات جادة في السنوات الأخيرة لبناء بنية تحتية جديدة للطاقة المتجددة، ويتضمن ذلك مصفوفات الطاقة الشمسية الكبيرة ومزارع الرياح التي يزداد معدل نصيب الفرد منها بسرعة أكثر بعشر مرات من المتوسط العالمي. لكنها ما تزال متأخرة عن بلدان أخرى في إجمالي كمية الطاقة التي تولدها من مصادر الطاقة المتجددة.

صرح مارك ديسيندورف خبير الطاقة المتجددة من جامعة نيو ساوث ويلز في سيدني لوكالة أسوشيتيد برس الأسترالية في أوائل 2021: «تولد الدنمارك نحو ثلثي احتياجاتها من الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة (غير المائية)، ويبلغ عدد سكانها خُمس سكان أستراليا، لذا ما يجعل نصيب الفرد من توليدها السنوي يفوق مثيله في أستراليا عدة مرات، وكذلك الأمر في اسكتلندا».

وفي نفس الوقت يعمل علماء الخلايا الشمسية باستمرار على اختبار التكوينات الجديدة المتشابكة مع مواد أخرى غير السيليكون، لتتمكن من التقاط أجزاء أكثر من طيف الضوء واستخدامها لبناء خلايا شمسية أكثر كفاءة، وهم يحطمون الأرقام القياسية أيضًا.

اقرأ أيضًا:

الطاقة المتجددة أفضل من الطاقة النووية في خفض انبعاثات الكربون

كيف يمكن أن تساعدنا الطاقة المتجددة على التعافي اقتصاديًا من الجائحة؟

ترجمة: رياض شهاب

تدقيق: محمد حسان عجك

المصدر