كم يبلغ عدد أقمار كوكب أورانوس ؟

نلاحظ في النظام الشمسي الخارجي العديد من العوالم الكبيرة والمدهشة خاطفة الأنظار. ولا يعود ذلك فقط لاحتوائها على الغاز والجليد بشكلٍ هائل، فهي تمتلك كذلك حجمًا مذهلًا جدًا، ونظامًا خاصًا، والعديد من الأقمار. عادةً، عند حديث أحدهم عن عمالقة الغاز (أو الجليد) والأقمار التابعة لها، سيخطر ببالك كوكب المشتري، الذي يمتلك أكبر عدد من الأقمار ، 67 قمرًا، وما زال اكتشاف أقمار أخرى مستمرًا. لكن هل تساءلت يومًا كم عدد أقمار كوكب أورانوس ؟

كبيقية الكواكب العملاقة يمتلك كوكب أورانوس، الكثير من الأقمار! في الواقع، يحدد علماء الفلك الآن 27 قمرًا “أورانيًا”. تخبرنا هذه الأقمار المتنوعة لأورانوس الكثير حول تاريخ النظام الشمسي، تمامًا مثل عمالقة الغاز والجليد الأخرى. امتدت عملية اكتشاف أقمار كوكب أورانوس طويلًا، وشارك فيها العديد من علماء الفلك، تمامًا مثل كوكبي المشتري وزحل.

أقمار كوكب أورانوس الأقمار

أقمار كوكب أورانوس

الاكتشاف والتسمية:

بدأ عالم الفلك (وليام هرشل –William Herschel) عملية الاكتشاف في القرن الثامن عشر، بعد 6 سنوات من اكتشاف كوكب أورانوس ، بتاريخ 11 كانون الثاني عام 1787، إذ لاحظ هرشل أقمار (أوبيرون – Oberon ) و(تيتانيا – Titania). في ذلك الوقت، ادعى هرشل رصده 6 أقمار وحلقةً فقدت مصداقيتها فيما بعد. طوال 50 عامًا، شوهدت الأقمار حصريًا بواسطة أداة هرشل.

لكن، وبحلول عام 1840، لوحظ القمران أوبيرون وتيتانيا مرةً أخرى، واكتُشف قمران إضافيان، باستخدام أدوات أكثر تقدمًا، من موقع مناسب أكثر لكوكب أورانوس. اكتشف العالم (وليام لاسيل – William Lassell) الأقمار (أرييل -Ariel) و(أومبريل – Umbriel) في عام 1851. رقّم العالم لاسيل الأقمار من 1 إلى 4 باتجاه الخارج من أورانوس.

عام 1852، سمى جون هرشل ابن وليام هرشل الأقمار الأربعة بأسمائها الحالية، مستخدمًا أسماء الشخصيات من شعر (ألكساندر بوب – Alexander Pope) في (اغتصاب القفل – The Rape of the Lock)، وشخصيات (وليام شكسبير – William Shakespeare) في (حلم ليلة في منصف الصيف -Midsummer Night’s Dream).

سُمِي القمران أرييل وأومبريل استنادًا إلى شخصيات الشاعر بوب، بينما سُمِي القمران تيتانيا وأوبيرن استنادًا للشاعر شكسبير باسم ملكة وملك الجنيات في “الحلم”.

عام 1948، اكتشف العالم (جيرارد كوبير – Gerard Kuiper) القمر الأصغر والأخير من الأقمار الخمسة الكبيرة الكروية. سُمي هذا القمر (ميراندا – Miranda) استنادًا إلى شخصية أخرى من شخصيات الشاعر بوب، تماشيًا مع الأسماء التي أطلقها جون هرشل. بعد عدة عقود عند تحليق وبحث مسبار الفضاء (فويجر 2 – Voyager 2) عام 1986، اكتُشِفت 10 أقمار داخلية أخرى.

اكتُشِف قمر آخر باسم (برديتا – Perdita) عام 1999، بعد دراسة صور قديمة التقطها المسبار فوياجر. منذ عام 1997 لوحظَت 9 أقمار بعيدة وشاذة باستخدام مراصد أرضية. عام 2003 اكتُشف قمران داخليان صغيران آخران، (كيوبيد وماب – Cupid and Mab) باستخدام تلسكوب الفضاء (هابل –Hubble.) بحلول عام 2012 اكتُشف القمر (مارغريت – Margaret) والذي يُعد القمر الأوراني الأخير المكتشَف.

أقمار كوكب أورانوس الكبيرة:

يُعتبَر كل من ميراندا وأرييل، وأومبريل، وأوبيرون، وتيتانيا أكبر أقمار كوكب أورانوس حجمًا، ويتراوح كل من قطرها وكتلتها بين 472 كيلومترًا و6.7 × 10 الأس 19 كيلوجرامًا (للقمر ميراندا) و1578 كيلومترًا و3.5 × 10 الأس 21 كيلوجرامًا (للقمر تيتانيا). جميع هذه الأقمار مظلمة، وهي تمتلك روابط ووسطًا هندسيًا منخفضًا. يُعتبَر أرييل أكثر الأقمار إشراقًا بينما بإمكاننا اعتبار أومبريل الأكثر ظلامًا.

يُعتقد أن جميع أقمار كوكب أورانوس الكبيرة تشكلت في طور التنامي، الذي وجِد حول كوكب أورانوس لبعض الوقت بعد تشكله، أو أنها نتجت من التأثير الكبير لأورانوس في بداية تاريخ تشكله.

يتكون كل قمر من هذه الأقمار من كميات متساوية من الصخور والجليد، باستثناء القمر ميراندا والذي يتكون بشكلٍ أساسي من الجليد، وقد يحتوي مكون الجليد على الأمونيا وثاني أوكسيد الكربون، فيما يُعتقد أن المادة الصخرية تتكون من مواد كربونية تشمل المركبات العضوية. وعلى ما يبدو، فإن تركيبها يختلف عن بعضها البعض بالنواة الصخرية المحاطة بغلاف جليدي.

قد توجد محيطات مائية سائلة حول النواة (بمثابة غلاف يحيط بها) في كل من القمرين تيتانيا وأوبيرون. وتمتلك أسطح هذه الأقمار حفرًا كبيرةً، لكن في كل حالة ساهم ظهور السطح الداخلي بقدر من استئناف السطح. يبدو أن القمر أرييل يمتلك أجدد سطح وأقل عدد حفر، بينما يُعد القمر أومبريل الأقدم وصاحب عدد الحفر الأكثر.

ليست هناك سمة واضحة للغلاف الجوي ل أقمار كوكب أورانوس الأساسية. تتعرض الأقمار لدورات موسمية شديدة نتيجةً لمدارها حوله. يدور كوكب أورانوس حول الشمس جانبيًا، وتدور الأقمار حوله بمدارات استوائية، لذلك يواجه كل من نصفي الكوكب الشمالي والجنوبي فترات مطولة من النهار والليل (42 عامًا لكل منهما).

أقمار كوكب أورانوس الداخلية:

عُرف كوكب أورانوس منذ عام 2008 بامتلاكه 13 قمرًا داخليًا يدورون من الجهة الداخلية للقمر ميراندا. والتي ترتب بالشكل التالي من حيث بعدها عن الكوكب: (كورديليا – Cordelia)، و(أوفيليا – Ophelia) ، و(بيانكا – Bianca)، و(كريسيدا – Cressida)، و(ديسديمونا – Desdemona)، و(جولييت – Juliet)، و(بوتيا – Portia)، و(روزاليند – Rosalind)، و(كيوبييد – Cupid)، و(بيليندا – Belinda)، و(بيرديتا – Perdita)، و(بوك – Puck)، و(ماب – Mab). سُميت جميع هذه الأقمار نسبةً إلى شخصيات من مسرحيات شكسبير بما يتناسب مع أسماء أقمار كوكب أورانوس الكبيرة.

ترتبط جميع أقمار كوكب أورانوس الداخلية ارتباطًا وثيقًا بنظامه الحلقي، والناتج غالبًا من تفتت أحد الأقمار الداخلية الصغيرة أو عددٍ منها. يُعتبَر القمر بوك أكبر قمر داخلي، وهو يقع على بعد 162 كيلومترًا عن أورانوس، وهو أيضًا القمر الوحيد الذي صُوِر بواسطة المسبار فوياجر 2 بكل تفاصيله، ويُعتبَر القمرَان بوك وماب أبعد قمرين من بين الأقمار الداخلية لكوكب أورانوس.

إن جميع الأقمار الداخلية أجسام مظلمة. فهي تتكون من ماء متجمد ملوث بمادة داكنة، وهي على الأرجح مواد عضوية متأثرة بإشعاعات كوكب أورانوس. يبدو نظام الكوكب فوضويًا وغير مستقر. وفقًا لتقديرات المحاكيات الحاسوبية فقد تنشأ تصادمات خلال الـ100 مليون سنة القادمة خصيصًا بين الأقمار (ديسديمونا وكريسدا – Desdemona and Cressida) أو (جولييت – Juliet).

أقمار كوكب أورانوس الشاذة:

عام 2005اكتُشِف أن كوكب أورانوس يمتلك 9 أقمار شاذة، تدور حوله في مدارات أبعد بكثير من مدار القمر أوبيرون. ربما استولت جميع الأقمار الشاذة على المواد المحصورة في مجال أورانوس بعد فترة قصيرة من تشكله.

تترتب الأقمار الشاذة بحسب بعدها عن أورانوس بالشكل التالي: (فرانسيسكو – Francisco)، و(كاليبان – Caliban)، و(ستيفانو – Stephano)، و(ترينكوتيو – Trincutio)، و(سيكوراكس – Sycorax)، و(مارغريت – Margaret)، و(بروسبيرو – Prospero)، و(ستيبوس – Setebos)، و(فيردنارد – Ferdinard) (المُسماة أيضًا نسبةً لمسرحيات شكسبير).

تتراوح أقطار أقمار كوكب أورانوس الشاذة بين 150 كيلومترًا (قمر سيكوراس) و18 كيلومترًا (قمر ترينكولو). جميع هذه الأقمار تدور حول أورانوس في (مدارات تراجعية – retrograde orbits) (أي أنها تدور حول الكوكب بالاتجاه المعاكس لجهة دورانه) عدا قمر مارغريت. كما هو الحال بالنسبة للأقمار الداخلية، فإن الأقمار الشاذة كذلك تُعتبَر غير مستقرة وفوضوية، ومن المحتمل أن يصطدم بعضها بالأقمار الداخلية خلال الـ10 مليون إلى مليار سنة القادمة.

يعود الفضل لمعظم المعلومات المتوفرة حول أقمار كوكب أورانوس إلى المسبار الفضائي فوياجر 2 إذ أنه ما زال المسبار الوحيد الذي التقط صورًا قريبةً للأقمار الأورانية. ومع ذلك، فإن ما التُقِط كان كافيًا لإبقاء علماء الفلك وعلماء الكواكب مهتمين وفي حيرة من أمرهم. ستحتفظ هذه الأقمار بأسرارها حتى نستطيع معاينة أدق التفاصيل الأورانيية يومًا ما.

اقرأ أيضًا:

المصدر

ترجمة: نور المصطفى

تدقيق: آية فحماوي