عادةً ما ينشغل البشر في التفكير في احتمالية وجود حياة فضائية، وكيفية هذه الحياة وطبيعتها، ولكن السؤال المختلف هذه المرة هو: ما طبيعة التكاثر لدى الحياة الفضائية إن وجدت؟

قد يبدو السؤال لأول وهلة سطحيًا، لكنه ليس كذلك، بل إن تطور الجنس والتكاثر أمر غريب ومعقد قليلًا، حيث أن التكاثر الجنسي مكلف وله متطلباته: كإيجاد شريك جنسي  وإقناع هذا الشريك لمشاركتك في علاقة تدمجان فيها الDNA خاصتكما، عدا عن تعريض نفسك لخطر الأمراض المنقولة جنسيًا ومسايرة الشريك في أكثر لحظاتك إثارة.

إن الحفاظ على النسل والبقاء  هدف حتمي،  لذلك يتكيف الآباء المحتملون – أياً كان نوعهم – وفق البيئة المحيطة لضمان أعلى نسب النجاة والاستمرارية.

التكاثر الجنسي شائع جدًاً بين الفصائل الأرضية، إن صح التعبير وبناءً على أصل وتاريخ تطور التكاثر الجنسي، فقد تمتلك الكائنات الفضائية هذا النوع من التكاثر.

تعتمد العديد من اللافقاريات وبعض الأنواع الأخرى مثل الاميبا والخميرة والهيدرا على التكاثر اللا جنسي، ومن المفاجئ مثلًا أن بعض الحيوانات المعقدة كتنين الكومودو وبعض أنواع القروش قد سجلت حالات توالد عذري ناتجة عن تكاثر لا جنسي.

اعتقد العلماء طويلًا أن الاميبا والتي تعود لمليار عامٍ على الأقل أنها غير قادرة على التكاثر الجنسي، إلى أن ثبت عكس ذلك حسب ما توصل إليه علماء من جامعة MITعام 2011.

إن التبادل الجيني هو سر التكاثر والوجود على الأرض، فالبكتيريا مثلاً كائنات بدائية النوى – أي أنها لا تمتلك غلافًاً نوويًاً يحيط بمادتها الجينية «لا تتكاثر جنسياً»، لكنها قادرة ٌ على تبادل المادة الجينية DNA فيما بينها بطرق عدة منها: ابتلاع بكتيريا أخرى، إصابة البكتيريا بعدوى فيروسية مباشرة أو بانتقال الDNA الحلقي فيما المعروف بالبلازميد فيما بينها.

وهذا التبادل يزيد التنوع الجيني لدى البكتيريا ما يزيد فرص تسلسل جيني جديد يحفظ لها البقاء.

تطور التكاثر الجنسي :

ظهر التكاثر الجنسي بظهور حقيقيات النوى، حيث أن الأغشية التي تحيط بالنواة وعضياتها تمنع الانتقال العَرَضي أو العشوائي للمادة الوراثية.

وبناءً على ما سبق فإن سؤالًا واحدًا يحدد طبيعة التكاثر لدى الحياة الفضائية ألا وهو، كيف تبدو خلاياهم؟

تغير العوامل البيئية المحيطة بالكائنات زاد من أهمية التكاثر الجنسي وتعقده، حيث أن التغير المستمر في البيئة يتطلب تنوعًا جينيًا يضمن للأجيال الجديدة البقاء والتكيف. لكن، لو افترضنا أن كوكب ما في الفضاء يمتلك ظروف بيئية مستقرة من حيث الحرارة والطقس والعوامل البيئية الأخرى؛ فسيكون التكاثر الجنسي صعبُا حسب ما ذكر سابقُا.

بالنظر إلى الجانب الآخر، لو افترضنا هذه المرة أن بيئة هذا الكوكب ليست ثابتة أو مستقرة كليًاً، حينها قد يختار الفضائيون الأفضل من نوعي التكاثر المذكورين.

لتوضيح ذلك، فإن بعض أنواع المنّ مثلًا يستنسخ نفسه عند وفرة الطعام، ويستطيع هذا المنّ حمل جيلين مستنسخين داخل بطونها، تمامًاً كاللعب الروسية ماتريوشكا، وهذا ما يسرع من عملية التكاثر لاستغلال وفرة المصادر الغذائية.

وبتغير العوامل البيئية فإن هذا المنّ يعتمد على التكاثر الجنسي في حالات نقص الموارد الغذائية، يعد هذا الانتقال من التكاثر الجنسي إلى اللا جنسي َنَمطًا طبيعيا تعتمد عليه أيضًا بعض البراغيث المائية.

استنتج العلماء أن الكائنات الحية تفضل التكاثر الجنسي في حالات العوامل المتغيرة والبيئة غير المستقرة، إذ أنه يوفر سلاحًا جينيًا يمكن استخدامه في معركة التطور الحي.

لإثبات ذلك قام العلماء بتعديل الدودة الدائرية-Caebnorhabditis elegans ليتمكن بعضها من التكاثر جنسيًاً فقط وبعضها الآخر من التكاثر اللا جنسي فقط، وتُركت مجموعةٌ ثالثة لتنتقل بين نوعي التكاثر.

وعند تعريض هذه الديدان لعدوى بكتيرية فإن الديدان التي تتكاثر لا جنسيًا انقرضت في أقل من ٢٠ جيلًا! بينما أبلت الديدان التي تتكاثر جنسيًاً، وتلك التي تستطيع الاختيار بلاءً حسنًا و تمكنت من البقاء.

في الواقع، حتى لو تمكنت الكائنات الفضائية من التكاثر جنسيًا، فلن يكون بالضرورة بالصورة النمطية للتكاثر الجنسي والعلاقات لدى البشر، ومهما كانت غرابة طبيعة الحياة الفضائية وتفاصيلها، فهي بالتأكيد ليست أغرب مما هو موجود لدينا على الأرض.


  • إعداد: أنسام الغزاوي
  • تدقيق: رؤى درخباني
  • تحرير: أحمد عزب

المصدر