قد يقاوم الإنسان حربًا شُنت على بلده، أو يصبر على محنة تمر به، ولكن كيف سيتعامل مع غضب الطبيعة، كالزلازل مثلًا؟ ما زال جواب هذا السؤال مجهولًا ومحيرًا للعلماء، فدراسة الأرض وتكويناتها وحركاتها ليس سهلًا أبدًا.

إن صعوبة دراسة الأرض لم تدفع العلماء إلى الاستسلام، فإذا لم يكن بالاستطاعة إيقاف الزلازل أو توقعها، فلمَ لا نتجه إلى تقليل خسائر هذه الكارثة قدر الإمكان؟

أرسلت وزارة الدفاع الأميركية نظام الحوسبة البصرية الذي يعتمد على الذكاء الاصطناعي إلى الأراضي المنكوبة بعد زلزال 6 فبراير 2023 في تركيا وسوريا، الذي راح ضحيته آلاف الأشخاص الذين لقوا حتفهم تحت الأنقاض.

وكان الهدف من إرسال هذا النظام هو المشاركة في الجهود الدولية وحملات إنقاذ الأحياء تحت الأنقاض، يسمى هذا النظام إكس فيو 2، ومع أنه ما يزال في مرحلة التطوير، فإن وزارة الدفاع الأميركية أصرت على إرساله لمساعدة بعثات الإنقاذ في تركيا.

والجدير بالذكر، أن هذا النظام نتيجة عمل مشترك بين عدة جهات كجامعة كايجي مليون وشركة مايكروسوفت.

صُمم هذا النظام لإنقاذ الأحياء الناجين من زلزال ما، ويستخدم خوارزميات التعلم الآلي على صور الأقمار الصناعية لتصنيف الأضرار في المناطق المنكوبة بسرعة أكبر بكثير مما تستطيع الوسائل التقليدية تحقيقها.

تُعد هذه الطريقة مهمةً جدًا نظرًا إلى عدد الزلازل المنفصلة والهزات الارتدادية التي وقعت بعد زلزال 6 فبراير.

لا يقتصر استخدام هذه التكنولوجيا على الزلازل فقط، فقد أشار تقرير صادر عن معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا MIT أن نظام إكس فيو 2 قادر على الاستجابة لحرائق الغابات في كاليفورنيا والفيضانات في نيبال، إذ ساهم في تحديد الأضرار الناجمة عن الانهيارات الأرضية التي سببتها الفيضانات.

أما في تركيا، فقد استخدم فريقان أرضيان مختلفان نظام الذكاء الاصطناعي إكس فيو 2 للبحث والإنقاذ في أديام في تركيا، التي دمرها زلزال 6 فبراير تدميرًا كاملًا تقريبًا.

صرح عالم الذكاء الاصطناعي ريتويك غوبتا: «كان بإمكان جهاز إكس فيو 2 مساعدة عمال الإنقاذ في العثور على مناطق متضررة لم يكونوا على علمٍ بها».

يستخدم نظام إكس فيو 2 تقنية التقسيم الدلالي، وهي تقنية تستخدم من أجل التعرف على الأغراض، وتحقق هذه الطريقة في كل بكسل فردي لصورة الأقمار الصناعية وعلاقتها بالبكسلات المحيطة بها لتحليل حالة الأشياء على الأرض. يُسلط الضوء على الضرر باللون الأحمر، والجدير بالذكر أن هذه الطريقة كانت تستغرق عدة أسابيع سابقًا ولكن حاليا وبفضل النظام الحديث، فإن تنفيذها يستغرق بضع ساعات فقط.

تعد هذه الطريقة أيضًا أكثر كفاءة بكثير من الطريقة التقليدية، خاصةً عند حدوث زلزال مدمر في منطقة ما، إذ كانت الطريقة التقليدية تعتمد على أقوال شهود العيان الذين كانوا موجودين في موقع الدمار وذلك لمساعدة فرق الإنقاذ في تقييم الأضرار الناجمة عن الزلزال وإنقاذ حياة الأحياء العالقين تحت الأنقاض.

أوضح غوبتا أيضًا بعض القضايا التي يجب حلّها في نظام إكس فيو 2، فمن المشكلات مثلًا أن نظام إكس فيو 2 يعتمد على صور الأقمار الصناعية الملتقطة في أثناء النهار، أي أن هذا النظام ما زال ضعيف الاستجابة في الكوارث التي تحدث في ساعات اليوم الأولى أو في الليل كما حدث في زلزال 6 فبراير في تركيا.

وختم عالم الذكاء الصناعي غوبتا بقوله: «حتى لو استطعنا إنقاذ شخص واحد فقط من هذه الزلازل، فإن هذا يُعد استخدامًا جيدًا للتكنولوجيا، ولكننا نأمل بإنقاذ الكثير من الأحياء العالقين تحت الأنقاض».

اقرأ أيضًا:

تطوير جهاز لتوليد الهيدروجين من مياه البحر دون أي معالجة

تطبيق ChatGpt للذكاء الاصطناعي يمكنه النجاح في امتحان الترخيص الطبي في الولايات المتحدة

ترجمة: يزن دريوس

تدقيق: باسل حميدي

مراجعة: محمد حسان عجك

المصدر