إنه الشتاء وقت الأنفلونزا ! فما هي الأنفلونزا ؟ أعراضها ، مسبباتها وطرق علاجها .


الأنفلونزا فيروس تنفسي يصيب الحلق والأنف والقصبات الهوائية، وأحيانا الرئتين. وهناك أنواع كثيرة مختلفة من فيروسات الأنفلونزا، إذ إنها تتطور وتتغير من سنة إلى أخرى.

بالنسبة لأغلب الناس فإن الأنفلونزا تذهب في غضون أيام قليلة، ولكن بالنسبة لآخرين فإنها قد تتطور لحالات صحية صعبة، تتطلب زيارة المستشفيات أو قد تؤدي للموت أحيانا. وفقا لمنظمة الصحة العالمية، فإنه من 5 إلى 10 في المئة من البالغين، ومن 20 إلى 30 في المئة من الأطفال عالميا، يصابون بالأنفلونزا مرة واحدة في العام، ومن 3 إلى 5 مليون حالة من هذه الحالات تكون شديدة وقاسية، مؤدية ل 250000 إلى 500000 حالة وفاة.

تاريخها:

في الأصل كان معظم الناس يسمون هذا الوباء »تأثير النجوم» Visitation, influence» (of the stars) » »، وهي عبارة مأخوذة من الكلمة اللاتينية في العصور الوسطى »التأثير» influential»». كان الإيطاليون أيضا يطلقون هذه الكلمة الأخيرة على بعض الأمراض منذ العام 1504، لأنهم كانوا يعتقدون أن للنجوم تأثيرا على صحتهم كما كان سائدا في الاعتقاد اللاتيني آن ذاك، ووفقا لقاموس دوغلاس هاربر، فإن كلمة »أنفلونزا» تعني حرفيا في الإيطالية »التأثير».
كانت هناك العديد من الأوبئة الكبرى الناجمة عن الأنفلونزا عبر التاريخ، على سبيل المثال، وفقا للوزارة الأمريكية للصحة والخدمات البشرية، فإنه في العام 1918-1919 انتشر وباء عرف باسم »الوباء العظيم»، لأنه قد أصاب 20 إلى 40 في المئة من السكان في جميع أنحاء العالم، وقدِّر نحو 50 مليون شخص توفوا بسبب ذلك الوباء، وقد أطلق على هذا الأخير أيضا اسم »الأنفلونزا الإسبانية» لأنه يعتقد أنه نشأ في إسبانيا.

ظهر وباء أكثر حداثة في عام 2009 إلى عام 2010، وهو شكل جديد من الأنفلونزا، يسمى H1N1. ويطلق على هذا الفيروس أيضا »انفلونزا الخنازير»، وذلك لأنه يشبه الفيروس الذي عثر عليه في الخنازير، إلا أن مصطلح »أنفلونزا الخنازير»، لا يطلق عليه لأنه يمكن التقاط عدواه من الخنازير أو عن طريق تناول لحم الخنزير.

تم تشخيص أول إصابة لفيروس H1N1 في الولايات المتحدة في 15 أبريل من عام 2009، وبعدها انتشرت الإصابات لتشمل 74 بلدا، بنحو 43 إلى 89 مليون أصيبوا بالفايروس بين أبريل 2009 وأبريل 2010، وقدَّر مركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها، أن هناك ما بين 8870 إلى 18300 حالة وفاة مرتبطة بفايروس H1N1 في ذلك الوقت.

أسبابها:

وفقا لمركز مكافحة الأمراض والوقاية منها فإن الأنواع الثلاثة الأساسية للأنفلونزا تسمى A،B، وC. ومنه فالأنواعA وB يسببان مرض موسمي –كل شتاء تقريبا– في الولايات المتحدة، أما النوع C فإنه يسبب أعراضا تنفسية خفيفة، فضلا عن ذلك يقسم النوعA إلى أنواع فرعية، والأنواع AوB يقسمان أيضا إلى سلاسل وتصنيفات عديدة.

في حين أن هناك العديد من أنواع الأنفلونزا، من المهم أن نلاحظ أن »أنفلونزا المعدة» ليست في الواقع نوعا من هذا الفيروس، ولكنها نوع من التهاب المعدة والأمعاء، إنه التهاب في بطانة الأمعاء الناجمة عن فيروس أو بكتيريا أو طفيليات.

إن أنفلونزا الطيور (أنفلونزا الطيور H5N1) هو الآخر عبارة عن فيروس أنفلونزا عادة ما يؤثر فقط على الطيور، ومن النادر جدا أن يصاب به البشر، فقد تم الإبلاغ فقط عن حوالي 650 حالة من أنفلونزا الطيور بين البشر في 15 دولة منذ عام 2003، وفقا للوزارة الأمريكية للصحة والخدمات البشرية، وينتقل المرض من الطيور بشكل مباشر فقط، ولا ينتقل من إنسان لآخر مثل معظم أنواع الأنفلونزا.

فيروس الأنفلونزا مرض معد جدا، وينتشر من شخص لآخر عن طريق الرذاذ وجزيئات صغيرة من السعال أو العطاس من شخص مصاب، كما أن كبار السن من 65 عاما، والأطفال تحت سن 5 سنوات، وبخاصة الذين تقل أعمارهم عن سنتين سنة، النساء الحوامل والبدناء والمصابين بأمراض معينة، مثل أمراض القلب، والربو، وأمراض الكلي والسكري، هم أكثر عرضة لخطر مضاعفات صحية من الأنفلونزا التي يمكن أن تؤدي إلى دخول المستشفى أو الوفاة.

هل هناك بعض الحالات التي يمكن أن يموت فيها الشخص السليم بسبب الأنفلونزا؟ نعم، فالأنفلونزا الإسبانية قتلت العديد من البالغين الأصحاء الذين تتراوح أعمارهم بين 20 إلى 50 سنة، والسبب لا يزال مجهولا.

وقالت الدكتورة سوزان دونلان، المديرة الطبية لعلم الأوبئة والرعاية الصحية في مستشفى ستوني بروك: »هناك بعض الحالات التي يكون فيها رد فعل الجهاز المناعي قويا جدا، حيث يمكن أن يكوّن استجابة التهابية مفرطة ضد الأنفلونزا، والتي قد تكون نتيجتها مضرة بالمريض».

أعراضها:

يخلط الكثير من الناس عادة بين نزلات البرد العادية وبين الأنفلونزا، رغم أنه يمكن التفريق بينهما بسهولة، فواحدة من أكبر الاختلافات بينهما هي الحمى المصاحبة، إذ عادة ما يصاحب نزلات البرد انخفاض في درجة حرارة الجسم، في حين أن أولئك الذين يصابون بالأنفلونزا غالبا ما يعانون من ارتفاع درجة الحرارة لما يفوق 38 درجة مئوية، ووفقا للمكتبة الأمريكية الوطنية للطب، فإن نزلات البرد نادرا ما تسبب حمى أو صداع، أما الأنفلونزا فإنها غالبا لا تسبب اضطراباتٍ في المعدة.

وهنا نورد بعض العلامات والأعراض الأكثر شيوعا في الأنفلونزا، وفقا لعيادة مايو كلينيك:
• صداع في الرأس.
• وجع في العضلات، وخاصة في الظهر والذراعين والساقين.
• حمّى.
• قشعريرة وتعرق.
• التهاب الحلق.
• الجفاف، السعال المستمر.
• ضعف عام.
• احتقان بالأنف.

علاجها:

وفقا لمنظمة الصحة العالمية، فإن معظم الأشخاص المصابين بفيروس الأنفلونزا، يتعافون في غضون أسبوع إلى أسبوعين دون الحاجة إلى العلاج الطبي. وقالت الدكتورة دونلان: »من المهم جدًّا لأي شخص مصاب بالأنفلونزا أن يعطي الرعاية الكاملة لنفسه، وأن يأخذ الوقت الكافي، والسوائل الكافية وما يكفي من الراحة لاستعادة كامل الصحة».

المسكنات مثل الإيبوبروفين (أدفيل، موترين) والأسبرين غالبا ما تُأخذ للحد من الحمى وتساعد على تخفيف الآلام والأوجاع خلال الأنفلونزا، قد تساعد أيضا قطرات الاحتقان وشراب السعال في تخفيف الأعراض، ولكن الاتصال بالطبيب لازم دائما قبل إدارة العلاجات دون وصفة طبية للأطفال.

وفقا لعيادة مايو كلينيك، يجب على البالغين الاتصال بالطبيب في الحالات التالية:
• ارتفاع الحمى إلى 103 فهرنهايت (39.4 مئوية) أو أعلى.
• حمى مصحوبة بتعرق.
• القشعريرة والسعال مع البلغم الملون.
• تورم الغدد بشكل ملحوظ.
• الشعور بألم شديد في الجيوب الأنفية.

ينبغي أن تأخذ الأطفال لرؤية الطبيب إذا ما واجهت:
• ارتفاع الحمّى إلى 100.4 فهرنهايت (38 درجة مئوية) لدى الأطفال حديثي الولادة إلى 12 أسبوعا.
• الحمّى التي ترتفع بشكل متكرر فوق 104 فهرنهايت (40 درجة مئوية) في الأطفال في أي عمر.
• الحمّى التي تستمر أكثر من 24 ساعة في الأطفال الذين تقل أعمارهم عن سنتين.
• الحمّى التي تمتد لأكثر من ثلاثة أيام لدى الأطفال الأكبر سنا من سنتين.
• شرب السوائل غير الكافية أو علامات الجفاف، مثل التبول أقل من المعتاد.
• التنفس بصعوبة.
• ألم في الأذن.
• السعال المستمر.
• صداع حاد.
• القيء أو آلام في البطن.
• النعاس غير العادي.
• تصلب الرقبة.
• استمرار البكاء.

يمكن للطبيب أن يعطيك الأدوية المضادة للفيروسات، بما في ذلك الأدمانتان، مثل الأمانتادين والريمانتادين (Flumadine)، ومثبطات الأنفلونزا، بما في ذلك مثبطات النورامينيداز، مثل الأوسيلتاميفير (تاميفلو) وزاناميفير (ريلينزا)، أوعقار بيراميفير، إذا لاحظ المريض ظهور الأعراض خلال 24 ساعة، وفقا لمنظمة الصحة العالمية.

الوقاية من الأنفلونزا:

على الرغم من أن غسل اليدين بانتظام وممارسة التعقيم الجيدة هي تكتيكات جيدة للوقاية من الأنفلونزا، فإن أفضل مسار للوقاية هو الحصول على لقاح الأنفلونزا كل عام، على اعتبار أن الباحثين يحددون في كل عام أي نوع من فيروس الأنفلونزا سيكون أكثر نشاطا، ويتم إنتاج لقاحات جديدة للوقاية من العدوى.

يوصي مركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها، بلقاح الأنفلونزا السنوي للجميع فوق عمر الستة أشهر، ويوصي المركز أيضا المرضى حاملي الأمراض الخطيرة، الشبيهة بالأنفلونزا، بالحصول على العلاج السريع لهذه الأخيرة عن طريق الأدوية المضادة للفيروسات دون انتظار اختبار تأكيدي.

قالت الدكتورة دونلان: »بالنسبة للأنفلونزا الموسمية، فالأطفال الصغار جدا، وكبار السن، والذين يعانون من نقص المناعة هم أكثر عرضة لالتقاط الأنفلونزا، فإذا كان الشخص من هذا الفريق غير قادر على أخذ اللقاح، فإنه من المهم بالنسبة لأولئك الذين لديهم علاقة معهم، رعايتهم للحصول على تطعيم للحد من تعرضهم للمرض».

لماذا لا يزال بعض الناس يصابون بالأنفلونزا على الرغم من حصولهم على لقاح هذا المرض؟
إن لقاح الأنفلونزا يحمي ضد الفيروسات التي ستكون الأكثر شيوعا لهذا العام بشكل خاص، ولكن ليس كل الأنواع من الفيروس، فمن الممكن أن تتواجد سلالة من الفيروس لم يتم تضمينها في اللقاح تلك السنة.


المترجم: حسن كوسا.
المدقق: محمد علمي.
المصدر الأول،المصدر الثاني،المصدر الثالث،المصدر الرابع،المصدر الخامس