يعاني العالم اليوم من شح في المياه، قارة أستراليا بأكملها تتحول بسرعة لصحراء شاسعة، الحرائق تجتاح غابات اليونان، وموجات الحر في اليابان تسبب حالات موت كثيرة وضيقًا في العيش.

حتى لو كنت دكتاتورًا، عليك أن تحسب حسابًا كبيرًا لمسألة التصحر!

بحث تاريخيون كنديون من جامعتي بروك وفرنسيس زافير في الاغتيالات السياسية في فترة الامبراطورية الرومانية القديمة، وقد حاولوا تكوين معادلة تمكنهم من تفسير وشرح مواقيت وأسباب حوادث الاغتيال تلك.

لقد لعبت الاختيارات الخاطئة والأصحاب السيئون دورًا مهمًا في حالات الاغتيال، ولربما أيضًا كان للمطر دور كبير لا يقل أهميةً.

لم يكن من السهولة أن تكون قائدًا رومانيًا وقتئذ، وعلى العموم، فقد امتدت الحضارة الرومانية لفترة ما بين 27 قبل الميلاد وحتى 476 بعد الميلاد، واعتلى العرش 82 امبراطورًا، اغتيل 20% منهم لأسباب سياسية.

عرفت الفترة ما بين (235 و 285 بعد الميلاد) بدمويتها، وخصوصًا في المناطق الشمالية من الامبراطورية؛ إذ اغتيل خلالها 14 من أصل 26 امبراطورًا.

وتظهر الدراسة لهذه الحوادث بأن عاملًا مهمًا جمع بين حالات الاغتيال هذه، فقد كانت السنة التي تسبق الاغتيال قليلة المطر، وفي الحقيقة فإن شحًا في مياه الأمطار كان يزيد احتمال حدوث اغتيال الامبراطور بنسبة 11%.

جمع الباحثون أدلتهم من دراسة أخرى، اعتمدت على معلومات ما يفوق 7000 شجرة بلوط، حساسة لهبوط المطر، في أماكن امتدت عبر فرنسا وشرق ألمانيا.

كان الاقتصاد الروماني قديمًا يعتمد على الزراعة بشكل كبير، ما يعني أن الجفاف كان يفضي إلى شح في مخزون الطعام.

واعتمد الجنود في الحدود الشمالية للامبراطورية على المصادر المحلية بشكل كبير في طعامهم.

جندي جائع يعني جندي غير راضٍ، ولهذا يمكن أن يصبح الجيش بأكمله ساخطًا وبشكل كبير.

إن كانت هناك قاعدة واحدة للدكتاتوريين فستكون عدم إغضاب الجيش ومحاولة استمالته دومًا، لأن الجيش هو أكبر داعم للسلطة.

سلسلة مسببات الاغتيالات كالتالي:
عندما تشح الأمطار، ستقل الأراضي المزروعة التي تروى، ما يعني أن الجنود على الحدود سيصارعون الجوع، الأمر الذي سيزيد حالات التمرد والعصيان ويقود لاغتيال رأس السلطة.

وبحسب إفادة كورنيليوس كريستيان صاحب الدراسة من جامعة بروك لموقع IFLsience.com فقال: «لقد تأكد وجود رابط بين الاغتيالات وشح الأمطار».

يضيف كريستيان: «تشير الدراسات الممنهجة إلى أن حالات الجفاف تؤدي إلى النزاعات حتى في وقتنا هذا، وإن أحد أهم الأمثلة في التاريخ هي الثورة الفرنسية».

وتشير ورقة بحثية كتبتها ماريا والدينجر من مدرسة لندن للاقتصاد بأن الجفاف وفشل الزراعة كان المحرك الأساسي لانتفاضة الفلاحين في فرنسا في العام 1789.

لذا إن كنت امبراطورًا، ديكتاتورًا، أوتوقراطيًا أو حتى طاغيةً: عليك حقًا أن تصلي من أجل المطر.


  • ترجمة: عصام خلف.
  • تدقيق: أحلام مرشد.
  • تحرير: يمام اليوسف.
  • المصدر