يرتفع مستوى سطح البحر، وهذه ليست المشكلة فحسب، إذ يقول العلماء أن دراسات ارتفاع مستوى سطح البحر العالمي تقلل من شأن تأثير ظاهرة خطيرة أكثر سوءًا من مشكلة ارتفاع مستوى البحر في المناطق الساحلية.

في العقدين الماضيين، بلغت قيمة المتوسط العالمي لارتفاع مستوى سطح البحر الناتج عن ذوبان كتل الجليد بسبب الاحتباس الحراري نحو 2.6 مليمترًا في السنة، لكن لا يأخذ القياس في حسبان تأثير حدث متزامن واسع الانتشار تزداد خطورته مع ارتفاع البحر وهو: هبوط السواحل، الذي يحدث نتيجة نشاطات بشرية غالبًا.

قبل أقل من شهر، اكتشف العلماء المشكلة ذاتها في خليج سان فرانسيسكو محدود النطاق، إذ أدى وزن المنطقة الهائل إلى هبوط تدريجي إضافةً إلى الزيادة الثابتة في ارتفاع مستوى سطح البحر.

من المؤسف أن معظم المناطق الساحلية في العالم تواجه المشكلة ذاتها، ما يزيد كليًا من خطورة ارتفاع مُستوى سطح البحر لبضعة مليمترات سنويًا.

قال مهندس السواحل روبرت نيكولز من جامعة إيست أنجليا في المملكة المتحدة: «الهبوط السريع الذي يحدث في دلتا الأنهار والمدن المقامة عليها على وجه الخصوص أيضًا من نتاج أفعال الإنسان، من سحب المياه الجوفية إلى استخراج الغاز والنفط والرمال والتعدين». وأضاف: «يعيش 58% من سكان السواحل في دلتا الأنهار، حيث تهبط الأرض باستمرار».

في دراسة جديدة، أجرى نيكولز وفريقه دراسةً تفصيليةً لارتفاع مستوى سطح البحر في المناطق الساحلية، فعند حدوث هبوط، يجب أخذ المؤثرات الطبيعية والبشرية بالحسبان.

ارتفاع مستوى سطح البحر يؤثر في المناطق الساحلية بصورة أكبر من المتوقع - ذوبان كتل الجليد بسبب الاحتباس الحراري - ارتفاع مستويات المحيطات

أظهرت حساباتهم أن ارتفاع مستوى سطح البحر في المناطق المتأثرة بالنشاطات البشرية كان أكبر من المتوسط العالمي بأربع مرات، ما يعني نحو 7.8 إلى 9.9 ملمترًا في السنة.

تعد هذه القيمة مختلفة تمامًا عن المتوسط العالمي، وتعرّض معظم سكان الأرض للخطر، ما دام البشر يميلون إلى التجمع في المناطق الساحلية الحضرية مع غرقها المستمر وتعرضها الدائم لأمواج المد المرتفعة.

وضح العلماء في بحثهم أن: «لهذه النتائج أهمية كبيرة في مجال الإدارة الساحلية وتحسين المناخ وتحقيق الاستدامة، فمثلًا في مجال تحسين المناخ، نعلم الآن أن مخاطر ارتفاع مُستوى سطح البحر العالمي الحالية والمستقبلية والحاجة إلى التكيف ستكون أكبر بكثير مما سبق».

يكمن حل هذه المشكلة الجديدة في التقليل من الهبوط الناتج عن الأفعال البشرية، إضافةً إلى الالتزام بالسياسات الموجودة مسبقًا لتحسين المناخ، التي من أهمها تقليل الاحتباس الحراري الناتج عن حرق الوقود الأحفوري، وذلك تبعًا للعلماء.

تعد استراتيجيات الحد من تغير المناخ أكثر أهميةً على المدى الطويل تبعًا للباحثين، وحتى الآن كانت التجارب الناجحة في إبطاء الهبوط في كل من هولندا واليابان والصين نتيجة الإدارة الصحيحة للمياه الجوفية في المدن الساحلية.

وكالمعتاد، علينا أن نفكر بإيجابية وأن نكون مصممين، ولا ننسى الخطر الكبير إذا لم نعالج النتائج الآن، ويجب أن نأخذ تأثير الهبوط المحلي بالحسبان بالترافق مع ارتفاع مُستوى سطح البحر دائمًا. لا تعد هذه المشكلة بعيدة، إذ يؤثر ارتفاع مستوى سطح البحر النسبي يوميًا في حياة ملايين الناس.

قال نيكولز: «تداعيات ارتفاع مستوى سطح البحر التي نشهدها أكبر بكثير من الأرقام الدولية التي تصدرها الهيئة الحكومية الدولية لتغير المناخ». واختتم قائلًا: «أحد الأسباب الأساسية لانتقال جاكرتا، عاصمة إندونيسيا إلى بورنيو هو غرق المدينة بسبب استخراج المياه الجوفية الجائر، وقد تكون جاكرتا بدايةً ليس إلا».

اقرأ أيضًا:

ما الذي يجب فعله عند التعرض إلى لسعة قنديل البحر؟

مسح قاع البحر يُظهر أن المحيطات تشهد تغيرًا لم يحدث منذ 10 آلاف عام

ترجمة: وسام برهوم

تدقيق: لبنى حمزة

المصدر