يُعد اضطراب الشخصية شبه الفصامي حالة مزمنةً يتسم المصابون بها بالعزلة الاجتماعية والشعور باللامبالاة تجاه الأشخاص الآخرين، وغالبًا ما يوصفون بأنهم انطوائيون أو منعزلون، إذ يميل هؤلاء إلى تجنب المواقف الاجتماعية التي تتطلب تفاعلًا اجتماعيًّا، ويجدون صعوبة في التعبير عن المشاعر، ولا يبدون اهتمامًا أو رغبة في تكوين علاقات شخصية وثيقة.

هذا الاضطراب نادر نسبيًا ويصيب الرجال أكثر من النساء، ويعد المصابون به أكثر عرضة لخطر الإصابة بالاكتئاب.

أعراض اضطراب الشخصية شبه الفصامي:

يعاني الأشخاص المصابون باضطراب الشخصية شبه الفصامي الأعراضَ التالية:

  •  الاستغراق بالتفكير العميق والخيال.
  •  شعور بعدم الاكتراث تجاه المدح أو الذم على حد سواء.
  •  الانفصال عن الآخرين.
  •  عدم الرغبة في تكوين علاقات وثيقة مع الآخرين.
  •  عدم المبالاة تجاه العرف والتوقع الاجتماعي.
  •  ندرة المشاركة في الأنشطة الاجتماعية لغياب الشعور بمتعتها.
  •  عدم الاستمتاع بالعلاقات الاجتماعية أو الأسرية.
  •  برود، وعدم اهتمام، وانعزال.

كيف يبدأ المرض؟

يُلاحظ الاضطراب أول مرة عادة في أثناء الطفولة أو في مرحلة البلوغ الباكرة. قد تؤثر أعراض الاضطراب على مجالات الحياة المتعددة متضمنةً العلاقات الأسرية والمدرسة والعمل.

يُعرِّف الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية (DSM-5) اضطراب الشخصية شبه الفصامي بأنه نمط من العجز الاجتماعي والشخصي الواسع. يتميز بعدم الارتياح، وانخفاض القدرة على تكوين علاقات جيدة، إضافة إلى تشوه إدراكي وغرابة في السلوك، يبدأ من المرحلة الباكرة من البلوغ ويتجلى في سياقات متعددة.

يوصف المصابون بالعزلة والبرود والانفصال، قد يفضل بعض المصابين العزلة، لكن قد يعاني البعض أيضًا الوحدةَ نتيجة لذلك.

تأثير المرض على نوعية الحياة:

يميل المصابون باضطراب الشخصية شبه الفصامي إلى عدم تكوين صداقات، ونادرًا ما يخرجون في مواعيد غرامية، وغالبًا لا يتزوجون.

وقد يجدون أن من الأسهل تكوين علاقات ترتكز على الانسجام من ناحية الذكاء أو الانسجام المهني أو الإبداعي لأن هذه العلاقات لا تعتمد على الإفصاح عن الذات والحميمية العاطفية في بدئها.

قد تؤدي أعراض الاضطراب أيضًا إلى ضعف الأداء في المواقف التي تتطلب تفاعلًا اجتماعيًّا أو مهارات تواصل. وعلى الجانب الآخر، قد يكون أداء الأشخاص المصابين باضطراب الشخصية شبه الفصامي أفضل من غيرهم في الوظائف الفردية.

الفرق بين اضطراب الشخصية شبه الفصامي والفصام:

يعد اضطراب الشخصية شبه الفصامي ضمن طيف الفصام من ناحية اشتراكه في بعض الأعراض الشائعة مع الفصام واضطراب الشخصية الفصامية، لكن هناك اختلافات مهمة تفرق اضطراب الشخصية شبه الفصامي عن هذين الاضطرابين.

فالمصابون باضطراب الشخصية شبه الفصامي لا يعانون جنون العظمة ولا الهلوسة. ورغم مظهرهم المنعزل والبعيد في أثناء المحادثات الاجتماعية، فإنه كلامهم مفهوم، وهذا يختلف عن أنماط الكلام صعبة الفهم التي يظهرها الأشخاص المصابون بالفصام.

أسباب اضطراب الشخصية شبه الفصامي:

السبب غير معروف، لكن يُعتقد أن مجموعة من العوامل الوراثية والبيئية تؤدي دورًا في حدوث الاضطراب.

تتكون شخصية الفرد من مجموعة عوامل متنوعة تتضمن الصفات الموروثة، وتجارب الطفولة، والعائلة، والتعليم، والتفاعلات الاجتماعية. تؤدي كل هذه العوامل دورًا غير محدد في تطوير اضطراب الشّخصية شبه الفصامي لدى المصاب.

تشخيص اضطراب الشخصية شبه الفصامي:

حسب معايير التشخيص التي وُضعت من قبل الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية (DSM-5)، يتطلب التشخيص وجود أربعة من الأعراض التالية على الأقل:

  •  اختيار الأنشطة الفردية دائمًا.
  •  الانفصال عن العاطفة وقلة التعبير عن المشاعر.
  •  انخفاض الشعور بالمتعة في الأنشطة المتعددة.
  •  اللامبالاة بالنقد أو المدح.
  • الافتقار إلى الرغبة في إنشاء علاقات شخصية حميمة.
  •  قلة الاهتمام بالجنس (أو انعدام ذلك).
  •  عدم وجود أصدقاء مقربين ما عدا الأسرة الصغيرة.

يُشخص اضطراب الشخصية شبه الفصامي من قبل طبيب نفسي أو اختصاصي صحة عقلية عادةً، ويفتقر ممارسو الطب العام إلى التدريب الكافي لإجراء هذا النوع من التشخيص، خصوصًا أن الحالة غير شائعة وقد يُخلط بينها وبين الاضطرابات العقلية الأخرى.

نادرًا ما يكترث المصابون باضطراب الشخصية شبه الفصامي بالعلاج، ولا يلجأون إليه إلا بعد أن تتأثر نوعية حياتهم بشدة.

علاج اضطراب الشخصية شبه الفصامي:

قد يكون علاج اضطراب الشّخصية شبه الفصامي صعبًا للغاية لأن المصابين يجدون صعوبة في تطوير علاقات جيدة مع المعالج، إضافةً إلى أن العزلة الاجتماعية التي تميز اضطراب الشّخصية شبه الفصامي تجعل العثور على الدعم والمساعدة أمرًا صعبًا.

يمكن استخدام الأدوية لعلاج بعض الأعراض المرافقة مثل القلق والاكتئاب. تُستخدم هذه الأدوية عادةً مع خيارات العلاج الأخرى مثل العلاج السلوكي المعرفي (CBT) أو العلاج الجماعي.

يساعد العلاج السلوكي المعرفي الأشخاص الذين يعانون اضطراب الشخصية شبه الفصامي في تحديد الأفكار والسلوكيات الإشكالية وتطوير مهارات تأقلم جديدة. في حين يساعد العلاج الجماعي الأشخاص على ممارسة مهارات التواصل مع الآخرين.

قد يبدو العلاج الفردي مخيفًا للمصابين بهذه الحالة لأنه سيتطلب قدرًا كبيرًا من التفاعل الاجتماعي. لذلك تكون العلاجات الجماعية أكثر فاعلية.

ولتحقيق نتائج أفضل يجب على المعالجين أن يحرصوا على تجنب ضغط المرضى بشدة.

التأقلم مع اضطراب الشخصية شبه الفصامي:

بسبب طبيعة الحالة، قد يشعر المصاب أن التعايش مع الاضطراب أسهل من طلب من المساعدة المهنية.

يُنصح المصابون بالانضمام إلى أعمال أو أندية وممارسة هواياتهم مع مجموعة من الناس، إذ إن التواصل مع الآخرين في سياق سعيٍ مهني أو ترفيهي أسهل على المصابين، وهذا مفيد أيضًا على الجانب العاطفي لديهم

إذا كان أحد أفراد أسرتك مصابًا بهذه الحالة، تجنب إصدار الأحكام وتحلَّ بالصبر وشجع الفرد على طلب العلاج. تجنب محاولة دفع الفرد إلى أنشطة أو علاقات تجعله يشعر بعدم الارتياح أو الضغط. بدلاً من ذلك، ابحث عن الأنشطة التي يمكنكما القيام بها معًا والتي لا تتطلب قدرًا كبيرًا من المتطلبات العاطفية.

اقرأ أيضًا:

النظرة الفرويدية تجاه اضطراب الشخصية الفصامية

أحلام اليقظة المفرطة: الأسباب والأعراض والتشخيص والعلاج

ترجمة: هيا منصور

تدقيق: رائد عثمان

مراجعة: تسنيم الطيبي

المصدر