هل أنت أو أحد ما تعرفه صعب الإرضاء عندما يتعلق الأمر بالطعام؟

قد يعاني البعض من اضطراب طعام يُعرف باضطراب الطعام الاجتنابي أو المحدد (ARFID). في معظم الحالات، لا تؤثر طبيعة الأكل الانتقائية في حالة وزن الشخص أو نموه أو أدائه اليومي. ولكن، قد تتطلب علاجًا عندما ينتج عنها عواقب وخيمة على الصحة.

ما الفرق بين طبيعة الأكل الانتقائية واضطراب الطعام الاجتنابي أو المحدد ؟

 طبيعة الأكل الانتقائية:

يتجنب الأشخاص ذوي طبيعة الأكل الانتقائية الكثير من الأطعمة لأنهم يكرهون مذاقها أو رائحتها أو قوامها أو شكلها. تُعد هذه الحالة شائعة في مرحلة الطفولة فيوجد 13% – 22% من الأطفال من عمر الثالثة حتى الحادية عشر من ذوي طبيعة الأكل الانتقائية.

في حين أن معظم الأطفال الصغار يتجاوزون هذه الحالة، ألا أن 18% – 40% تستمر الحالة لديهم حتى مرحلة المراهقة.

في أثناء مرحلة نمو الطفل، يزداد مدى الأنواع والقوام وكمية الطعام التي يتناولها الطفل عمومًا حتى سن السادسة أو السابعة. يصبح الكثير من الأطفال في سن المدرسة أكثر انتقائيةً عندما يتعلق الأمر بالطعام ويفضلون الكربوهيدرات التي تغذيهم.

عادةً، تزداد شهية الطعام وإمكانية تجربة أطعمة جديدة عند البلوغ ويرافقها ذلك كمية أكبر وأوسع من استهلاك الطعام التي تحقق توازنًا في الوجبات. يقلق الكثير من أولياء الأمور حيال طبيعة أكل طفلهم في سن مبكرة ولكن يخبرهم باقي الناس أن الأمر طبيعي ولا داعي للقلق حياله.

 اضطراب الطعام الاجتنابي أو المحدد:

غالبًا ما يلحظ الآباء على أطفالهم ممن يعانون هذا الاضطراب صعوباتٍ في نسبة استهلاكهم للطعام منذ عمر السنة حتى. قد يظهر هؤلاء الأطفال تفضيلًا شديدًا تجاه مجموعة محدودة من الأطعمة وقد يرفضون تناول أي شيء خارج هذه المجموعة. قد يصف البعض اضطراب الطعام الاجتنابي كـ (رهاب تناول طعام جديد) فتؤدي هذه الصعوبة إلى حمية محدودة من الأطعمة.

قد يصعب على بعض أولياء الأمور ومختصي الصحة التفريق بين طبيعة الأكل الانتقائية الطبيعية واضطراب الطعام الاجتنابي أو المحدد لدى الطفل. قد يشترك الأفراد ممن يحبون تجربة الأطعمة الجديدة وممن يفضلون نظامًا غذائيًا روتينيًا ببعض سلوكيات الأكل وشهية الطعام. ويستطيع معظم الأطفال تلبية احتياجهم الغذائي بالرغم من انتقائيتهم للطعام.

قد تسبب هذه الحالة عواقب وخيمة. لا يستهلك الأفراد المصابين ما يكفيهم من الطعام لتلبية احتياجهم من الطاقة والغذاء، ولكنهم لا يقلقون حيال وزنهم أو مظهر جسمهم أو ازدياد وزنهم على عكس الأفراد المصابين بفقدان الشهية العصابي، ولا يحدون من نظامهم الغذائي لهذه الأسباب حتى.

التشخيص

يُعد هذا الاضطراب تشخيصًا جديدًا، فأدرج في الإصدار الخامس من الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية (DSM-5) في عام 2013. قبل هذا التصنيف، كان يُشخص الأفراد باضطراب طعام غير محدد (EDNOS) أو اضطراب التغذية عند الولادة أو الطفولة. لا يُعد اضطراب الطعام الاجتنابي أو المحدد معروفًا بين عامة الناس مثل فقدان الشهية العصابي أو الشره المرضي العصبي (النهام العصبي).

إضافةً إلى ذلك، لا يظهر الاضطراب عادةً بعد فترة طويلة من تناول الطعام بصورة طبيعية مثل فقدان الشهية العصابي أو الشره المرضي العصبي، فيبدأ الاضطراب عادةً لدى الأفراد منذ بداية حياتهم.

لاستيفاء معايير تشخيص الاضطراب، لا يمكن تفسير تجنب أطعمة معينة كقلة الغذاء، أو كممارسة معترف بها ثقافيًا أو كسبب ديني هدفه التقييد الغذائي (كالصيام) أو مشكلة طبية أخرى يمكن حل الاضطراب بعلاجها.

إضافةً إلى ذلك، يجب أن يؤدي الاضطراب إلى أحد الآتي:

  •  الاعتماد على التغذية بالأنبوب أو المكملات الغذائية الفموية.
  •  صعوبة في ممارسة الحياة اليومية بسبب الخجل أو القلق أو الضيق.
  •  نقص تغذية شديد.
  •  فقدان وزن ملحوظ أو صعوبة اكتساب الوزن المطلوب لدى الأطفال.

التقييم

لأنه يُعد اضطرابًا غير شائع، قد لا يتعرف مختصو الصحة عليه وقد يعاني المرضى تأخيرًا في التشخيص والعلاج، إذ يتطلب تشخيصه تقييمًا دقيقًا.

يجب أن يتضمن التقييم تاريخًا مفصلًا لنمط الغذاء وتطور الاضطراب وإحصائيات النمو وتاريخ العائلة الطبي وأي تدخلات مسبقة وتاريخًا وتقييمًا نفسيًا، ويجب استبعاد أي أسباب طبية أخرى لنقص التغذية.

حددت الطبيبة راشيل براينت واو قائمةً مرجعية تشخيصية للاضطراب لتسهيل جمع المعلومات المناسبة.

  •  هل هناك علامات أو أعراض نقص تغذية أو سوء التغذية؟
  •  متى بدأ تجنب أطعمة معينة أو تقليل كمية استهلاك الغذاء؟
  •  هل يتم تعويض قلة الاستهلاك بأي شكل من الأشكال لضمان الحصول على الكمية الكافية من الغذاء؟
  •  هل يوجد أي اضطراب أو تأثير متعلق بالنظام الغذائي الحالي على العمل اليومي؟
  •  ما كمية استهلاك الطعام الحالي؟
  •  ما مدى استهلاك الطعام الحالي؟
  •  ما الوزن والطول الحالي وهل طرأ تناقص في النسبة المئوية للوزن والنمو؟

الأنواع

قدم الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية (DSM-5) بعض الأمثلة عن أنواع تجنب الطعام التي قد تندرج ضمن أعراض هذا الاضطراب. تتضمن هذه تجنبًا للطعام بسبب انعدام الاهتمام بالطعام بصورة واضحة وتجنب الطعام القائم على الحواس (أي رفض الفرد لأطعمة محددة بناءً على الرائحة أو اللون أو القوام) والتجنب المتعلق بالعواقب المقلقة للأكل مثل الاختناق أو التقيؤ الذي ينتج عادةً عن تجربة سلبية مسبقة.

اقترح فيشر وزملاؤه 6 أنواع مختلفة من الاضطراب مع معدلات الانتشار بين العينات التالية:

  •  الخوف من الطعام بسبب القلق من الاختناق أو التقيؤ (13.1%).
  •  وجود حساسية من أطعمة معينة (4.1%).
  •  المعاناة من اضطراب القلق العام (21.4%).
  •  وجود أعراض هضمية (19.4%).
  •  طبيعة الأكل الانتقائية من الطفولة (28.7%).
  •  طبيعة الأكل المحددة من قبل الشخص (لأسباب أخرى) (13.2%).

معدلات انتشار الاضطراب

ليس لدينا معلومات كافية عن معدلات انتشار هذا الاضطراب. يُعد شائعًا نسبيًا أكثر بين الأطفال والمراهقين الشباب وأقل شيوعًا عند المراهقين الأكبر سنًا والبالغين. مع ذلك، يظهر الاضطراب خلال حياة الفرد ويؤثر في الجنسين.

تظهر الأعراض غالبًا خلال فترة الطفولة. يبدو أن معظم البالغين المصابين بالاضطراب كان لديهم أعراض مشابهة منذ الطفولة، سواء كانت الإصابة في مرحلة المراهقة أو البلوغ، فهي تتضمن في أغلب الأحيان تجربة سلبية متعلقة بالطعام مثل الاختناق أو التقيؤ.

كشفت إحدى الدراسات الضخمة التي نُشِرت عام 2014 أن 14% من جميع مرضى اضطرابات الطعام الحديثة ممن تقدموا إلى 7 برامج لعلاج اضطرابات الطعام عند المراهقين قد طابقوا معايير اضطراب الطعام الاجتنابي أو المحدد.

وفقًا لهذه الدراسة، تكون فئة الأطفال والمراهقين المصابين بهذا الاضطراب كما يلي:

  •  أصغر سنًا غالبًا.
  •  قد يشملون نسبة أكبر من الذكور أكثر من فئة المصابين بفقدان الشهية العصابي أو الشره المرضي العصبي.
  •  غالبًا ما استمر لديهم المرض فترةً أطول قبل التشخيص.

إن الذين يعانون الاضطراب أكثر عرضةً لإصابتهم مسبقًا بحالة أو عرض مرضي مقارنةً بالمصابين بفقدان الشهية العصابي أو الشره المرضي العصبي. يشير فيتزباتريك وزملاؤه أن مرضى هذا الاضطراب تتم إحالتهم أكثر بسبب وجود مشكلة هضمية مقارنةً بالمصابين باضطرابات الطعام الأخرى. يُعدون أيضًا أكثر عرضةً للإصابة باضطراب طعام لكن أقل عرضةً للإصابة بالاكتئاب.

اتضح أن الأفراد المصابين باضطراب طيف التوحد أكثر عرضةً للإصابة باضطراب الطعام الاجتنابي أو المحدد، وكذلك الأمر بالنسبة للمصابين باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه. وسطيًا، لدى المصابين باضطراب الطعام الاجتنابي أو المحدد وزن منخفض ومن ثم يوجد احتمال أقل للإصابة بمضاعفات طبية من المرضى المصابين بفقدان الشهية العصابي.

العلاج

بالنسبة للمرضى وعائلاتهم، قد يكون هذا الاضطراب تحديًا قاسيًا لهم. غالبًا ما تشعر العائلة بالتوتر والقلق عندما يعاني أطفالهم صعوباتٍ في الأكل وقد يعانون فيما بينهم حتى بسبب الطعام. بالنسبة للمراهقين الأكبر سنًا والبالغين، قد يؤثر الاضطراب في العلاقات إذ يصبح تناول الطعام مع الآخرين صعبًا.

قد يزول الاضطراب تلقائيًا في حال عدم تطبيق أي علاج. يهدف العلاج إلى زيادة تقبل المرضى لأصناف الطعام غير المفضلة ويساعدهم على زيادة تنوع الغذاء ومدى استهلاكه لتلبية احتياجاتهم الغذائية.

اقرأ أيضًا:

ما هو مرض فقدان الشهية العصابي ؟ وما هي اعراضه و اثاره على الجسم ؟

الشره العصبي: تعريفه وأسبابه وأعراضه

ترجمة: قمر بيازيد

تدقيق: لبنى حمزة

المصدر