عُثر على عظام تعود لأقدم سلالة بشرية في كهف دينيسوفا في سيبيريا، وبهذا الاكتشاف توصل العلماء إلى أقدم الحفريات حتى الآن، التي تعود إلى سلالة بشرية غامضة تُعرف باسم دينيسوفان أو (إنسان دينيسوفان).

وأفادت دراسة جديدة أنه إلى جانب اكتشاف هذه العظام التي يبلغ عمرها 200 ألف عام، اكتشف الباحثون لأول مرة المتحجرات الأثرية المرتبطة بهذه الأقارب المنقرضة للإنسان الحديث.

تعرفنا على هذه الأحافير لأول مرة منذ أكثر من عقد تقريبًا، ويعتبر إنسان دينيسوفان -وهو فرع منقرض من شجرة العائلة البشرية- أقرب الأقارب المعروفين للإنسان الحديث بالإضافة إلى إنسان نياندرتال.

يشير تحليل الحمض النووي المستخرج من أحافير دينيسوفان إلى احتمالية أنها كانت منتشرة على نطاق واسع عبر قارة آسيا وجزر جنوب شرق آسيا وأستراليا، وكشفت هذه التحاليل أيضًا أن مجموعتين متميزتين على الأقل من إنسان دينيسوفان قد تزاوجتا مع أسلاف البشر المعاصرين.

من الجدير بالذكر، ووفقًا لموقع لايف ساينس، أن العلماء نجحوا حتى الآن في العثور على 6 قطع من أحافير دينيسوفان، خمسٌ من هذه القطع وُجدت في كهف دينيسوفا في سيبيريا، وواحدة وُجدت في موقع مقدس في الصين.

سابقًا، كانت أقدم عينات دينيسوفان المعروفة يتراوح عمرها بين 122 ألف و 194 ألف سنة.

أما حديثًا، فقد اكتشف الباحثون ثلاث أحافير دينيسوفان أخرى في كهف دينيسوفا، وقُدر أنها تبلغ من العمر حوالي 200000 عام، وبذلك تكون هذه الأحافير أقدم إنسان دينيسوفان معروف عُثر عليه على الإطلاق.

في الدراسة الجديدة، فحص الباحثون 3791 من بقايا العظام التي عُثر عليها في كهف دينيسوفا، وبحثوا عن البروتينات التي تخص إنسان دينيسوفان، علمًا أنهم يعرفون بوجود هذه البروتينات مسبقًا بناءً على أبحاث سابقة على الحمض النووي للسلالة المنقرضة.

من بين هذه الموجودات، تعرَّف العلماء على خمس عظام بشرية. أربع منها كانت تحوي حمضًا نوويًا كافيًا للكشف عن هويتهم، وجاءت النتيجة كالتالي:أحدهم كان إنسان نياندرتال، والثلاثة الآخرون دينيسوفان.

وبناءً على أوجه التشابه الجيني، قد تكون اثنتان من هذه الحفريات إما من شخص واحد أو من أفراد مرتبطين.

في هذا السياق، قالت كاترينا دوكا، كبيرة مؤلفي الدراسة وهي عالمة آثار في جامعة فيينا في النمسا لموقع لايف ساينس: «لقد كنا متحمسين للغاية للتعرف على ثلاث عظام جديدة تعود لإنسان دينيسوفان، وقد استهدفنا على وجه التحديد أقدم طبقات كهف دينيسوفا لأننا لم نعثر على أحافير بشرية أخرى من قبل، وقد كانت هذه الاستراتيجية ناجحة بالفعل».

قدر الباحثون عمر حفريات الدينيسوفان هذه بناءً على طبقة الأرض التي اكتشفت فيها، وقد احتوت هذه الطبقة على عدد كبير من القطع الأثرية المتحجرة وبقايا الحيوانات المتحجرة أيضًا، التي قد تكون بمثابة أدلة أثرية حيوية على حياة دينيسوفان وسلوكه، علمًا أنه عُثر على أحافير دينيسوفان سابقًا لكن في طبقات لا تحتوي على مثل هذه المواد الأثرية المرتبطة به، أو في طبقات قد تحوي مواد مرتبطة بإنسان نياندرتال فقط.

وأضافت دوكا: «كانت هذه هي المرة الأولى التي نتأكد فيها من أن البقايا الأثرية التي وجدناها عالقة في عظامهم، تعود إلى إنسان دينيسوفان على وجه التحديد».

تشير النتائج الجديدة التي تتوافق مع بحثٍ أُجري سابقًا، إلى أن الدينيسوفان المكتشفين حديثًا عاشوا في فترة زمنية تميزت بمناخ دافئٍ قابل للمقارنة أو المقاربة مع مناخ اليوم، وفي مكان مناسب للحياة البشرية يشمل الغابات عريضة الأوراق والسهول المفتوحة.

أما بقايا الحيوانات المذبوحة والمحترقة الموجودة في الكهف فتشير إلى أن إنسان الدينيسوفان ربما كان يعتمد في غذائه على الغزلان والخيول وثور البايسون ووحيد القرن الصوفي.

في النهاية، اختتمت بروفيسور دوكا قولها: «يمكننا أن نستنتج أخيرًا أن إنسان دينيسوفان كان متكيفًا بشكل جيد مع بيئته، مستخدمًا جميع الموارد التي كانت متاحة له آنذاك».

اقرأ أيضًا:

الذكاء الاصطناعي يرصد سلفًا متخفيًا في الجينوم البشري

كيف فقد أسلافنا ذيولهم قبل 25 مليون عام؟

ترجمة: طارق محمد

تدقيق: جنى الغضبان

المصدر