طالما تحيّر الفلاسفة والعلماء بشأن مصدر الخيال البشري، أو بعبارةٍ أخرى ماذا يجعل البشر قادرين على خلق الفن، و إختراع أدوات و التفكير علميًا و أداء سلوكيات متنوعة بشكل لا يصدّق؟

الجواب توصّل إليه باحثون من جامعة دارتماوث في دراسة جديدة نشرت في دورية Proceedings of the National Academy of Sciences. يكمن التخيّل في شبكة عصبية على نطاقٍ واسع في الدماغ تُدعى “مساحة العمل العقلي”، و التي تتحكم في وعي الصور والرموز و الأفكار و النظريات، و تُعطي البشر القدرة على التّركيز الذهني اللازم لحل المشاكل المُعقَّدة و الذي يأتي بأفكار جديدة.

يعتقد العلماء أن الخيال البشري يتطلب شبكة عصبية على نطاق واسع في الدماغ، و لكن قد كان من الصعب دراسة مثل هذه الـ”مساحة العمل العقلي” نظرًا لغياب التقنيات الملائمة. تناول الباحثون من جامعة دارتموث المشكلة عن طريق طرح السؤال التّالي: كيف يمكن للدماغ أن يسمح لنا بالتلاعب في الصور العقلية؟ على سبيل المثال، تخيَّل نحلة برأس الثور، و هي مهمة هينة على ما يبدو ولكنها تتطلب من الدماغ بناء صورة جديدة تمامًا وجعلها تظهر في عين عقلنا.

في هذه الدراسة، طُلِب من 15 مشاركًا تخيُّل أشكال بصريّة مجرّدة، و من ثَمّ الجمع بينها عقليًا لتشكيل أشياء جديدة أكثر تعقيدًا، أو تفكيك هذه الأشكال عقليًا إلى أجزاء منفصلة. قام الباحثون بقياس نشاط دماغ المشاركين باستخدام التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي، و وجدوا شبكة قشرية و تحت قشرية منتشرة في جزء كبير من الدماغ مسؤولة عن التلاعب بالصور.

الشّبكة تُشبه “مساحة العمل العقلي” التي طالما افترض العلماء أنها قد تكون مسؤولة عن جزءٍ كبير من تجربة وعي الإنسان وقدراته المعرفية المرنة التي تطورت عند البشر.


 

مصدر