ما هي الأزمة المالية الآسيوية؟

الأزمة المالية الآسيوية أو ما يُعرف بالعدوى الآسيوية، كانت سلسلة من عمليات تخفيض قيمة العملة، بالإضافة لأحداث أخرى بدأت في صيف 1997 وانتشرت في الأسواق الآسيوية.

انهارت أولًا أسواق العُملة في تايلاند نتيجة قرار الحكومة التايلاندية بالكف عن ربط سعر الدولار بالعملة المحلية، لينتشر انخفاض في أسعار الصرف في أسواق شرق آسيا متسببًا في انخفاض أسواق الأسهم، وانخفاض عائدات التصدير، وتغيرات مفاجئة في الحكومة.

فهم الأزمة المالية الآسيوية

نتيجة تخفيض قيمة البات التايلاندي، فإن نسبة كبيرة من العملات الآسيوية فقدت نحو 38% من قيمتها. انخفضت أيضًا الأسهم الدولية بنحو 60%.

بشكل ما، نتجت الأزمة الآسيوية بسبب التدخلات المالية لكل من صندوق النقد والبنك الدولي. ومع ذلك فقد استشعرت الولايات المتحدة وأوروبا وروسيا انخفاض الأسواق بمجرد حدوث الانقلاب في الاقتصادات الآسيوية.

نتيجة الأزمة، تبنت العديد من الدول إجراءات حمائية لضمان استقرار أسعار صرف عملاتها، أدت هذه الإجراءات إلى الإفراط في شراء السندات الحكومية الأمريكية، المقبولة كأداة استثمار عالمي في معظم حكومات العالم وسلطاتها النقدية، والبنوك الرئيسية.

تطلبت الأزمة المالية الكثير من الإصلاحات المالية والحكومية في دول مثل: تايلاند، وكوريا الجنوبية، واليابان، وإندونيسيا. مثلت تلك الأزمة دراسة حالة للاقتصاديين الذين يحاولون فهم تشابك الأسواق اليوم خاصة تلك الأسواق المرتبطة بتداول العملات وإدارة الحسابات الدولية.

الأزمة المالية الآسيوية: ما سبب المشكلة الاقتصادية في بعض دول آسيا؟ - عمليات تخفيض قيمة العملة - الانهايار الاقتصادي في بعض الدول الآسيوية

أسباب الأزمة المالية الآسيوية:

امتدت جذور تلك الأزمة في القطاعات الصناعية والمالية والنقدية، وقد ارتبطت الأزمة بشكل عام بالاستراتيجية الاقتصادية المعروفة باسم “التصدير يؤدي إلى النمو” التي اتّبعتها العديد من الاقتصادات المتطورة في شرق آسيا في السنوات السابقة للأزمة.

تضمنت هذه الاستراتيجية تعاونًا وثيقًا بين الحكومات والقطاع الصناعي العامل بالسلع التصديرية. اشتمل هذا التعاون على إعانات حكومية، واتفاقيات مالية تفضيلية، وربط سعر صرف العملة المحلية بالدولار الأمريكي لضمان سعر صرف تفضيلي للصادرات. في الوقت الذي أفادت فيه تلك الاستراتيجية نمو الصناعات في شرق آسيا، اشتمل الأمر على بعض المخاطر.

الالتزام الحكومي الصريح والضمني بكفالة الصناعة والبنوك المحلية وتيسير العلاقة بين التكتلات الاقتصادية والمؤسسات المالية، والمشرعين، والرغبة في التدفق المالي الأجنبي بغض النظر عن المخاطر المحتملة، كل هذا أدى إلى خلق حالة خطر أخلاقي في اقتصادات شرق آسيا، شجعت مستثمرين رئيسيين على الاستثمار في مشاريع ثانوية ومُحتملة فاسدة.

حدث الانقلاب باتفاقية (Plaza accord) عام 1995، بموجب هذه الاتفاقية، اتفقت حكومات الولايات المُتحدة وألمانيا واليابان على التنسيق فيما بينها لترجيح قيمة الدولار الأمريكي نسبيًا أمام الين الياباني والمارك الألماني، وهو الأمر الذي يعني ترجيح قيمة العملات الشرق آسيوية بما أنها مرتبطة بالدولار الأمريكي.

أدت تلك الاتفاقية إلى تراكم الضغط المالي داخل اقتصادات ألمانيا واليابان بسبب زيادة صادراتها، ولكونها أصبحت أكثر تنافسية مع الصادرات الآسيوية.

مع انخفاض الصادرات الآسيوية وتراجع أرباح شركاتها، وجدت الحكومات الآسيوية والمؤسسات المالية المعنية أنه من الصعب الاقتراض بالدولار الأمريكي لدعم الصناعة المحلية والحفاظ على ارتباط عملاتها بالدولار. وقد تزايدت حدة هذه الضغوط حتى عام 1997، إذ شرعت الحكومات الآسيوية واحدة تلو الأخرى في التخلي عن سياسة الارتباط وتخفيض قيمة عملاتها.

الاستجابة للأزمة المالية الآسيوية:

تدخل صندوق النقد الدولي ومنح قروضًا لدعم استقرار الاقتصادات الآسيوية المعروفة باسم “النمور الآسيوية”، والتي تأثرت بشدة بفعل الأزمة.

قدم البنك حزمة قروض قصيرة الأجل بقيمة 110 مليار دولار لكل من تايلاند، وكوريا الجنوبية، وإندونيسيا لضمان استقرار اقتصاداتها. في المقابل، كان على تلك الدول اتباع شروط صارمة تشمل: رفع أسعار الفائدة ومعدلات الضرائب، وتخفيض الإنفاق الحكومي. وقد أظهر العديد من تلك الدول علامات التعافي بحلول عام 1999.

الدروس المستفادة من الأزمة المالية الآسيوية:

يمكن الاستفادة من العديد من الدروس المرتبطة بالأزمة الآسيوية وهي دروس مازالت تقدم حلولًا قابلة للتطبيق على المواقف الحالية، كما يمكن الاستفادة منها لتخفيف حدة الأزمات مستقبلًا.

يجب على المستثمرين الحذر من فقاعات الأصول والتي يمكن أن تنفجر تاركةً إياهم في حالة من الترنح. درس آخر للحكومات، وهو أن تراقب الإنفاق، فإن أي إنفاق حكومي على البنية التحتية يمكن أن يساهم في خلق فقاعة أصول. هذه الدروس تظل قابلة للتطبيق على أي أحداث مستقبلية.

حالة حديثة للأزمة الآسيوية:

مرت الأسواق العالمية بفترة تقلبات بين بداية 2015، والربع الأول من 2016، ما أثار مخاوف الاحتياط الفيدرالي الأمريكي حول إمكانية حدوث أزمة آسيوية ثانية. مثلًا: عندما مررت الصين موجة صدم في أسواق الأسهم الأمريكية في الحادي عشر من أغسطس 2015.

في ذلك التاريخ، خفّضت الصين قيمة اليوان أمام الدولار الأمريكي، لتنخفض بذلك أسعار الفائدة المحلية وتُعوَّم كمية ضخمة من السندات. شجعت أسعار الفائدة المنخفضة في الصين دولًا آسيوية أخرى على تخفيض أسعار الفائدة.

اليابان مثلًا، خفّضت أسعار الفائدة قصيرة الأجل إلى قيمٍ سالبة في مطلع 2016. أجبر تخفيض سعر الفائدة لفترات طويلة اليابان على الاقتراض بوتيرة متزايدة للاستثمار بمبالغ ضخمة في أسواق الأسهم.

وبشكل طبيعي، فقد زادت قيمة الين الياباني لتصبح الصادرات اليابانبة أغلى ثمنًا وتزيد من حدة ضعف الاقتصاد الياباني. وقد استجابت أسواق الأسهم الأمريكية بالانخفاض بمقدار 11.5 % من بداية يناير إلى 11 فبراير 2016، إلا أنها عاودت الارتفاع مرة أخرى بمقدار 13% من 11 فبراير إلى 13 أبريل 2016، وقد استمر قلق الاحتياط الفيدرالي حيال تلك التقلبات في سوق الأسهم لبقية عام 2016.

اقرأ أيضًا:

حساسية الأسعار: كيف يؤثر سعر المنتج على شراء المستهلكين له؟

النمور الآسيوية الأربعة

ترجمة: أحمد السقا

تدقيق: رزوق النجار

مراجعة: رزان حميدة

المصدر