تُعد الأفيونات واحدة من أكثر مسكنات الألم الموصوفة للناس الذين يعانون من ألم أسفل الظهر والرقبة. توصف المواد الأفيونية بشكل واسع. وُصِف الأوكسيكودون (أحد الأفيونات) في أستراليا، لما يقارب  40% من الناس الذين يعانون من آلام أسفل الظهر والرقبة والذين راجعوا طبيبهم العام، و 70% من الأشخاص الذين راجعوا قسم طوارئ المستشفى.

بينت دراسة جديدة نُشرت في صحيفة لانسيت الطبية أن الأفيونات لا تخفف آلام أسفل الظهر أو الرقبة الحاد (الذي يستمر لأكثر من 12 أسبوعًا) وقد تؤدي إلى ألم أسوأ.

قد تسبب الأفيونات الموصوفة لألم أسفل الظهر والرقبة أضرارًا تتراوح بين الآثار الجانبية الشائعة (الغثيان، والإمساك، والدوار) وسوء الاستخدام والإدمان و التسمم والموت.

تُظهر الموجودات أنه لا ينبغي وصف الأفيونات لألم أسفل الظهر أو الرقبة الحاد، ومن الضروري إجراء تغييرات على هذا الأمر حالًا في أستراليا والعالم لتخفيف الأضرار المتعلقة بها.

مقارنة الأفيونات مع الدواء الوهمي:

أُجريت تجربة واختير ما يقارب 347 شخصًا -عشوائيًا- يعانون من آلام أسفل الظهر والرقبة الحادة ليأخذوا إما الأفيونات (مثل الأوكسيكودون مع النالوكسون) أو دواءً وهميًا (حبة دواء مشابهة للدواء الأصلي لكنها لا تحتوي على مواد فعالة).

الأوكسيكودون هو أحد الأفيونات الذي يعطى فمويًا، والنالوكسون هو دواء مضاد للأفيونات يقلل من شدة الإمساك دون تعطيل التأثير المسكن للأوكسيكودون.

أخذ المشاركون الأفيونات أو الدواء الوهمي لستة أسابيع على الأكثر، وتلقوا نصائح وتعليمات من الطبيب المعالج في المجموعتين، مثل العودة إلى أنشطتهم الطبيعية وتجنب الراحة في الفراش، وقُيّمت النتائج على مدى سنة واحدة.

ما نتائج التجربة؟

بعد ستة أسابيع من العلاج، لم يؤدي أخذ الأفيونات إلى تخفيف الألم بشكل أفضل بالمقارنة مع الدواء الوهمي، ولم تكن هناك فوائد لأمور أخرى مثل الوظيفة البدنية وطبيعة الحياة، ووقت التعافي، أو التغيب عن العمل.

عانى الكثير من الناس في المجموعة التي عولجت بالأفيونات من الغثيان والإمساك والدوار، أكثر من مجموعة الأشخاص الذين عولجوا بالدواء الوهمي.

وضحت نتائج التجربة أيضًا المخاطر طويلة الأمد للأفيونات حتى عند استخدامها لمدة قصيرة.

عانى الناس في المجموعة الأولى من ألم أسوأ قليلًا، وسجلوا خطرًا عاليًا لسوء استخدام الأفيونات (مشكلات في التفكير والمزاج والسلوك، أو استخدام الأفيونات بشكل مختلف عن الطريقة التي وُصفت فيها) وذلك بالمقارنة مع مجموعة الدواء الوهمي.

كيف يغيّر ذلك من وصف الأفيونات؟

حوّل الدليل العالمي لألم أسفل الظهر تركيز العلاج في السنوات الأخيرة من العلاج الدوائي إلى العلاج غير الدوائي تبعًا لأدلة عن محدودية فوائد العلاج والتركيز على الأذيات المرتبطة بالعلاج.

ينصح الدليل المرضى الذين يعانون من ألم أسفل الظهر الحاد ببعض النصائح والتعليمات، وباستخدام الأدوية المضادة للالتهاب مثل الإيبوبروفين في حال الحاجة للعلاج الدوائي، ويُنصح بالأفيونات فقط عندما لا تجدي الأدوية الأخرى أو عندما تكون غير مناسبة.

حدد البحث الأخير بوضوح فوائد الأفيونات التي لا تسبب أذيات محتملة عند الناس الذين يعانون من ألم أسفل الظهر والرقبة الحاد.

تحتاج المشكلات المعقدة كاستخدام الأفيونات حلول ذكية، وقد أُجريت دراسة أخرى تقدم بيانات مقنعة حول تخفيض استخدام الأفيونات بنجاح.

شملت الدراسة أربعة أقسام طوارئ في المستشفى ونحو 269 طبيبًا و4625 مريضًا ممن يعانون من ألم أسفل الظهر، شملت المداخلة على:

  •  تثقيف الأطباء حول تدبير ألم أسفل الظهر المستند على الدليل.
  •  تثقيف المرضى باستخدام الملصقات والنشرات لتسليط الضوء على فوائد ومضار المواد الأفيونية.
  •  تأمين أدوية مضادة للالتهاب وخافضة للحرارة كبديل للعلاج المدبر للألم.
  •  إحالات سريعة التتبع للعيادات الخارجية لتجنب قوائم الانتظار الطويلة.
  •  تدقيق واسترجاع المعلومات المتعلقة بمعدل استخدام الأفيونات ضمن العيادات.

تقلل هذه المداخلة من وصف الأفيونات بنسبة تتراوح بين  51% و 63% لوصفات ألم أسفل الظهر، وهذا الانخفاض على مدار ثلاثين شهرًا.

مفتاح هذا النهج الناجح هو العمل مع أطباء لتطوير علاج مناسب للتحكم بالألم دون استخدام الأفيونات لذلك نحتاج إلى المزيد من العمل لتقييم أهداف هذه المداخلة وغيرها من أجل تقليل وصف الأفيونات بأماكن أخرى كعيادات الطبيب العام.

من الضروري للمرضى الذين يعانون من ألم أسفل الظهر أو الرقبة الحاد ويتلقون العلاج بجرعات عالية من الأفيونات لفترة مديدة من الزمن مراجعة الطبيب أو الصيدلاني وتلقي تعليمات قبل إيقاف الدواء لتجنب حدوث تأثيرات غير مرغوبة عند إيقاف الدواء فجأةً.

توفر هذه الدراسة دليلًا على امتلاك الأفيونات دورًا محدودًا في تدبير ألم أسفل الظهر والرقبة الحاد ويبقى التحدي هو إيصال هذه المعلومات إلى الأطباء و عامة الناس وجعلها قيد التنفيذ.

اقرأ أيضًا:

إدمان المواد الأفيونية

هل يمكن للعلاج النفسي أن يشفي آلام الظهر المزمنة؟

ترجمة: سوزان محمد

تدقيق: بشير حمّادة

مراجعة: لبنى حمزة

المصدر