أشارت إحدى الدراسات إلى أن النظام الغذائي النباتي قليل الكربوهيدرات يجنب صاحبه زيادة الوزن إلى حد كبير، وتشمل أنجح الحميات الغذائية المدروسة كلًا من البروتين النباتي والشحوم والكربوهيدرات غير المكررة. توضح الدراسة أن أساس النظام الغذائي لا يقتصر على كمية الكربوهيدرات المستهلكة فقط، بل على نوعها وجودتها أيضًا، وكذلك أفاد بحث سابق بإعادة كسب ما يزيد عن نصف الوزن المفقود من خلال الحمية قليلة الكربوهيدرات في غضون عامين، إضافةً إلى عودة كامل الوزن في غضون خمسة أعوام.

أظهرت دراسة جديدة أجراها باحثون في معهد تشان للصحة العامة (CSPH) التابع لجامعة هارفارد في بوسطن أن كمية الوزن التي يكتسبها المرء تتأثر بطبيعة النظام الغذائي منخفض الكربوهيدرات الذي يتبعه ونوعية هذا النظام، وهو ما يعيد الأمل إلى الأشخاص الراغبين في تجنب الوزن الزائد باتباع نظام غذائي منخفض الكربوهيدرات.

من المرجح أن يستعيد الأشخاص الذين يعتمدون في وجباتهم الغذائية منخفضة الكربوهيدرات على مكونات عالية الجودة من البروتينات، والدهون، والكربوهيدرات المشتقة من الحبوب الكاملة، وغيرها من الأطعمة النباتية الصحية أقل قدر من الوزن، في حين يزيد الإكثار من تناول البروتينات والدهون الحيوانية، إضافةً إلى الكربوهيدرات المكررة من احتمالية كسب الوزن.

اعتمدت نتائج الدراسة على ثلاثة أبحاث أمريكية كبيرة شملت دراسة صحة الممرضات (NHS)، ودراسة صحة الممرضات الثانية (NHSII)، ودراسة متابعة للمهنيين الصحيين (HPFS). امتدت الأبحاث بصورة تراكمية من عام 1986 حتى عام 2018 مع عدد إجمالي من المشاركين بلغ 123332 مشاركًا بمعدل أعمار يقرب من 45 عامًا، وبتمثيل نسائي بلغ نسبة 83% من المشاركين.

سُجل الاستهلاك الغذائي للمشاركين، وفقًا لالتزامهم بواحد من خمسة أنواع من الأنظمة الغذائية منخفضة الكربوهيدرات، كالآتي:

  •  نظام غذائي منخفض الكربوهيدرات بالمجمل (TLCD).
  •  نظام غذائي منخفض الكربوهيدرات الحيوانية (ALCD)، مع التركيز على البروتينات والدهون الحيوانية.
  •  نظام غذائي منخفض الكربوهيدرات النباتية (VLCD)، مع التركيز على البروتينات والشحوم نباتية المصدر.
  •  نظام غذائي صحي منخفض الكربوهيدرات (HLCD) يتضمن كربوهيدرات غير مكررة، مع التركيز على البروتين النباتي والدهون الصحية.
  •  نظام غذائي منخفض الكربوهيدرات غير صحي (ULCD) يحتوي على الكربوهيدرات غير الصحية، مع البروتينات حيوانية المصدر والدهون غير الصحية.

وجد الباحثون أن الأشخاص البدينين الذين يتبعون نظامًا غذائيًا صحيًا قليل الكربوهيدرات قد شهدوا زيادة في الوزن أقل بمقدار 1.63 كغ، مقارنةً بمن لم يستمروا في نظامهم الغذائي ذاته.

لماذا يصعب الحفاظ على الوزن؟

يقول الطبيب كي صن، كبير مؤلفي الدراسة والأستاذ المشارك في معهد (HSPH): «من الواضح أن الحفاظ على وزن الجسم بعد انخفاضه الملحوظ يمثل تحديًا كبيرًا»، ويضيف: «قد لا يُعد نقص قوة الإرادة السبب في ذلك، ولكن بعد الفقد الملحوظ في الوزن، تحدث تغيرات في عمل العديد من هرمونات وأجهزة الجسم، وتقود هذه التغيرات إلى إنقاص معدل الاستقلاب الأساسي، وزيادة الشهية، وارتفاع معدل استهلاك الطاقة، ومن ثم إعادة اكتساب الوزن».

يتابع كي قائلًا: «من المعتاد أن يتحقق فقدان الوزن خلال ستة أشهر في معظم التجارب طويلة الأمد، ويحدث بعدها كسب منتظم للوزن».

تذكر ميشيل روثنشتاين، الطبيبة المختصة في التغذية الوقائية من أمراض القلب، سببًا واضحًا آخر لاستعادة الوزن: «قد يمثل الحفاظ على الوزن بعد انخفاضه أمرًا صعبًا؛ لأن خطط فقدان الوزن تنطوي على الحرمان في معظمها»، فيكون ذلك مقبولًا فترة قصيرة، ولكن من الصعب الاستمرار فيه بصورة دائمة.

تعارض روثنشتاين أيضًا وصف أنظمة إنقاص الوزن منخفضة الكربوهيدرات قائلة: «لا أنصح بالأنظمة الغذائية منخفضة الكربوهيدرات لإنقاص الوزن؛ لأنها قد تسبب مخاطر صحية على الحالة القلبية، مثل زيادة الكالسيوم في الشريان التاجي، والرجفان الأذيني، ونقص المغذيات الدقيقة».

تمثل نظرية النقطة المحددة وجهة نظر أخرى لزيادة قابلية استعادة الوزن، إذ تشير إلى وجود وزن محدد يميل إليه الجسم في النهاية بغض النظر عن العوامل الأخرى.

أهمية تخفيف استهلاك الكربوهيدرات المكررة:

توصلت الدراسة أيضًا إلى أن اتباع النظام الغذائي (HLCD) يؤدي إلى نتائج أفضل من اتباع النظام (VLCD)، وتمثل الكربوهيدرات غير المكررة التي ترتكز عليها حمية (HLCD) الفرق الجوهري بين النظامين.

يقول الطبيب صن: «من المعروف أن الكربوهيدرات المكررة والسكريات المضافة، وخصوصًا الموجودة في المشروبات المحلاة بالسكر، تؤمن سعرات حرارية فارغة من دون العناصر الغذائية الأخرى، ولا تحقق الشبع السريع».

يضيف قائلًا: «تُحفز هذه الأطعمة حدوث تغيرات سريعة في مستويات الغلوكوز والأنسولين بعد الطعام، وتؤدي إلى الشعور بالجوع في وقت أبكر مما يفعله تناول الكمية نفسها من السعرات الحرارية المشتقة من الحبوب الكاملة».

الاستراتيجيات الناجحة للحفاظ على الوزن:

يقول الطبيب صن: «أعتقد أن الجودة هي المفتاح هنا»، ويبين أن اعتماد الأنظمة الغذائية منخفضة الكربوهيدرات على جودة المصادر الغذائية للمغذيات الكبيرة يجعل منها الخطة الأفضل للحفاظ على الوزن، في حين تُبدي النسخ غير الصحية من الأنظمة الغذائية منخفضة الكربوهيدرات آثارًا معاكسة.

يتابع صن قائلًا: «وعليه فإن الأنظمة الغذائية منخفضة الكربوهيدرات قد تساعد على إدارة الوزن وقد تفشل في ذلك، اعتمادًا على جودة النظام الغذائي».

يتعلق الانتقال من فقدان الوزن إلى الحفاظ عليه باتباع عادات دائمة، مثل إنشاء خطة قابلة للتعديل، والإرادة القوية، والاعتماد على الأنظمة الداعمة، وكذلك تفيد المرونة وحسن معاملة النفس وفقًا للطبيبة روثنشتاين.

يقول الدكتور صن: «يجب أن تركز الأنظمة الغذائية منخفضة الكربوهيدرات على المغذيات الكبيرة أيضًا؛ للحفاظ على إجمالي الطاقة المنتجة».

الحميات منخفضة الكربوهيدرات النباتية والحيوانية:

تقول روثنشتاين: «قد تؤدي الأنظمة الغذائية النباتية، سواء كانت منخفضة السعرات الحرارية أو عالية السعرات الحرارية، إلى زيادة أقل في الوزن مع مرور الوقت، مقارنةً بالأنظمة الغذائية منخفضة الكربوهيدرات المشتقة من الحيوانات، ويعود ذلك إلى محتواها العالي من الألياف، ما يعزز الشبع وانخفاض كثافة الطاقة، ويتيح تناول كميات أكبر مع انخفاض معدل السعرات والدهون المشبعة».

روثنشتاين بالقول: «يؤدي غنى العناصر الغذائية في الحمية النباتية وأثرها الإيجابي في الوسط الجرثومي الطبيعي للأمعاء إلى تحسين إدارة الوزن»، وتوصي روثنشتاين أيضًا بالعمل مع المختصين المؤهلين في الرعاية الصحية لوضع خطة غذائية تلبي الاحتياجات الفردية.

اقرأ أيضًا:

ما مدى سوء الكربوهيدرات وكيف تؤثر على الصحة؟

ما كمية البروتين التي تحتاجها لبناء العضلات؟

أيهما أفضل لفقدان الوزن: وجبات عديدة صغيرة أم وجبات قليلة كبيرة؟

ترجمة: محمد نشأت انبيعه

تدقيق: أنس الرعيدي

مراجعة: هادية أحمد زكي

المصدر