إذا كنت من العباقرة الحاذقين الذين يرغبون في بث الرعب في نفوس أعدائهم عبر انفجار فضائي ضخم عن طريق عمل تصادم ودمج لبقايا النجوم القديمة مع بعضها في وجه خصمك، فالنتيجة هي الحصول على انفجار ضخم وساطع يمكن رؤيته في جميع أنحاء الكون، إضافةً إلى نبض من أشعة جاما يمكن رؤيته على بُعد مليارات السنوات الضوئية، الأمر الذي سيخيف جميع أعدائك ويجعلهم يلبون طلباتك.

يتطلب الأمر قدرات خارقة وغريبة جدًا تتجاوز عالم القصص المصورة، لكن ذلك موجود في الكون الحقيقي، فهناك طرق للقيام به. إذ يحتاج الشخص فقط إلى تجميع الأجسام النجمية في الفضاء، ثم دمجها لكي تتقارب بدرجة كافية، فينجم عنها انفجار ضخم يمكن رؤيته عبر ملايين السنوات الضوئية.

النجم المدمر (GRB 191019A):

حدد علماء الفلك في 19 أكتوبر عام 2019 مصدر حدث مشابه تمامًا لهذا التصادم يسمى (GRB 191019A). وكان (GRB) أول دليل لاندفاع طويل لأشعة جاما بالضوء الأحمر الذي استمر نحو دقيقة، ورصده مرصد سويفت الفضائي فورًا.

على الرغم من وجود أدلة على أن بعضها يستمر وقتًا أطول بكثير، فإن معظمها لا يستمر سوى بضع ثوانٍ إلى ميكروثانية فقط.

تمكن علماء الفلك من تحديد مصدر حدث مماثل لذلك باستخدام مرصد جيميني الدولي (Gemini) بالتعاون مع مقراب نورديك البصري ومقراب هابل الفضائي. وقد كشفت الملاحظات مشهد وفاة نجم في قلب مجرة مزدحمة.

استغرق الباحثون شهورًا في دراسة بقايا هذا الحدث النجمي في قلب المجرة المزدحمة التي تقع على بعد نحو 3 مليارات سنة ضوئية.

لقد وجدوا أن مصدر هذا الوميض الناتج عن (GRB) يقع على بعد 100 سنة ضوئية فقط من قلب المجرة، وتبين أنه قريب جدًا من الثقب الأسود فائق الكتلة في مركز المجرة.

وصف المراقبون هذا الحدث بأنه يشبه حادث تصادم تدميري في سباق سيارات الديربي بين بقايا النجوم والنجوم الموجودة بالقرب من الثقب الأسود في قلب المجرة، واكتشف الباحثون أن النجم كان في مكان قريب جدًا من الثقب الأسود الضخم المركزي.

توضح هذه النتائج الجديدة أن النجوم قد تصطدم بعضها ببعض في أكثر المناطق كثافة في الكون، ما يؤدي إلى تدميرها بحسب أندرو ليفان؛ المؤلف الرئيسي لورقة بحث علمية بشأن الانفجارات الناجمة عن نجم السوبرنوڤا ومصادرها.

يمثل هذا تطورًا جديدًا في فهم كيفية موت النجوم، ويُجيب على أسئلة أخرى، مثل: ما المصادر غير المتوقعة التي قد تخلق موجات جاذبية يمكن اكتشافها من الأرض؟

البحث عن مدمرات النجوم في مواقع غير عادية:

ما الحدث غير العادي في ذلك؟

أجاب ليفان: «إن الحدث غير العادي في ذلك هو أنه وقع في مجرة قديمة جدًا».

يقول ليفان: «أوضحت المراقبة بأن هذا الانفجار كان على الأرجح ناتجًا عن اندماج جسمين صغيرين بدلًا من انهيار نجم ضخم. وعند تحديد موقع انفجار وسط مجرة قديمة معروفة مسبقًا، حصلنا على الأدلة المدهشة على طريقة جديدة لموت النجوم».

ليست المجرة القديمة المتقدمة في العمر هي المكان المتوقع للعثور على مثل هذه الانفجارات الضخمة. وتحدث هذه الانفجارات بسبب موت النجوم العملاقة مثل نجم السوبرنوڤا. ومع ذلك، فقد يكون مركزها مكانًا مثاليًا لتدمير بقايا النجوم على شكل تصادمات.

وفقًا لبعض التقديرات، تحتوي المناطق المركزية للعديد من المجرات القديمة على مجموعات كبيرة من النجوم، ويزدحم أكثر من مليون نجم في منطقة ضيقة جدًا قد تبلغ عدة سنوات ضوئية، إضافةً إلى سحب من الغاز والغبار ومجموعة من بقايا نجوم نيترونية والثقوب السوداء الناتجة عن وفاة النجوم الضخمة.

تتدافع كل هذه الأجسام حول ثقب أسود مركزي فائق الضخامة. ويجذب الثقب الأسود المركزي جسمين نجميين بالقرب من بعضهما -سواء كانت نجومًا قريبة أو بقايا نجوم- تحت تأثير الجاذبية المركزية الشديدة للثقب الأسود.

يدور الجسمان حول بعضهما في لحظة زمنية، ويلي ذلك انفجار هائل نراه انفجارًا طويل المدى لأشعة جاما، إضافةً إلى اندفاع موجة جاذبية ثقيلة، يتبعه وميض من الضوء الساطع.

البحث عن المزيد من انفجارات أشعة جاما:

لم يشاهد الفلكيون كثيرًا من هذه الانفجارات التصادمية الطويلة في المجرات العادية، لكنها ربما تحدث بصورة متكررة أكثر مما كان يعتقده أي شخص.

في مناطق أنوية هذه المجرات التي تحدث فيها تلك الانفجارات، غالبًا ما تكون مخفية بالسحب الغازية والغبار التي تُخفي السطوع الأولي لهذه الانفجارات وما بعدها.

لحسن الحظ، حدث ذلك بوضوح أكثر في (GRB 191019A)، الأمر الذي منح المراقبين فرصة لمشاهدته فترة طويلة. ويُعد (GRB 191019A) الحدث الأول الذي لوحظت فيه بقايا نجمية في بيئة نواة المجرة المزدحمة.

يريد ليفان وآخرون العثور على المزيد من هذه الأحداث. وبعد معرفتهم الآن بما يجب البحث عنه في (GRB)، يأملون أيضًا بمطابقة هذا الاكتشاف برصد موجات الجاذبية المقابلة لذلك، التي ستكشف المزيد عن الطبيعية الحقيقية حتى في أكثر البيئات عتمة.

لحسن الحظ، تؤدي المراصد الحالية دورًا مهمًا لرصد النجوم إلى جانب المرافق الحديثة، مثل مقراب المسح الشامل الكبير (فيرا روبين).

أضاف ليفان: «إن دراسة انفجارات أشعة جاما هي مثال رائع على التقدم في المجالات المختلفة حقًا، فضلًا عن أنها ثمرة تعاون بين مختلف المرافق. وبدءًا من رصد اندفاع أشعة جاما (GRB) وموجات ما بعد السطوع ومتابعتها، إلى قياس المسافات بالمقاريب مثل (Gemini)، وصولًا إلى تحليل مفصّل للأحداث بمقراب الطيف الكهرومغناطيسي».

نُشر هذا المقال أولًا على موقع Universe Today.

اقرأ أيضًا:

النجوم – كيف تشكلت وكيف ستموت

دليلك الكامل لمعرفة أنواع النجوم منذ ولادتها في سحابة الغبار وحتى موتها العنيف

ترجمة: محمد راوح عرجله

تدقيق: منال توفيق الضللي

مراجعة: هادية أحمد زكي

المصدر