لقد اكتشفت المركبة الفضائية كريوسيتي مستويات عالية نسبيًا من أملاح الكبريت في صخور غيل كريتر في المريخ ، وذلك حسب ما نشرته دراسة سابقة. وأعرب باحثون أن منطقة غيل قد استضافت بحيرة ونظام مياه جارية في الماضي القديم، ومن المرجح أن الأملاح المكتشفة حديثًا قد تركزت بفعل التبخر خلال فترة انخفاض مستويات المياه.

تظهر هذه الصورة الذاتية في شهر أيلول 2016 من مركبة كريوسيتي مارس روفر المصممة من قبل وكالة ناسا الفضائية في منطقة موراي بوتس ذات المناظر الخلابة في الجزء السفلي من جبل شارب.

تظهر هذه الصورة الذاتية في شهر أيلول 2016 من مركبة كريوسيتي مارس روفر المصممة من قبل وكالة ناسا الفضائية في منطقة موراي بوتس ذات المناظر الخلابة في الجزء السفلي من جبل شارب.

قد تكون هذه الفترة جزءًا من تقلب دوري طبيعي، وهو تغير مناخي منتظم ربما يكون مدفوعًا بفعل تحولات متكررة في الميل المحوري أو المعلمات المدارية للمريخ. وكتب العلماء في الدراسة الجديدة التي نشرت على الإنترنت: «بدلاً من ذلك، قد تكون بحيرة غيل الجافة علامة على جفاف المريخ على المدى الطويل على أساس الملاحظات المدارية».

تحول الكوكب

لقد كان المريخ في يوم من الأيام عالمًا دافئًا ورطبًا نسبيًا، وكان مليئًا بالأنهار والبحيرات، ويعتقد معظم الباحثين بوجود محيط يغطي مساحات شاسعة من نصف الكرة الشمالي للكوكب. لكن الأمور بدأت تتغير منذ حوالي 4.2 مليار سنة.

فالمريخ قد فقد مجاله المغناطيسي العالمي، والذي كان يحمي الغلاف الجوي للكوكب من الرياح الشمسية؛ وهي تدفق الجسيمات المشحونة باستمرار من الشمس. نتيجة لذلك، فقد المريخ الغالبية العظمى من هوائه إلى الفضاء قبل حوالي 3.7 مليار سنة، ما تسبب في أن يصبح الكوكب أكثر برودة وجفافًا.

اليوم؛ هواء المريخ هو 1 ٪ فقط من كثافة الغلاف الجوي للأرض عند مستوى سطح البحر. لحسن الحظ بالنسبة لنا، ما تزال الكرة الأرضية تحتفظ بمجالها المغناطيسي.

تُظهر الرسوم المتحركة لوكالة ناسا البرك المالحة والجداول التي يعتقد العلماء أنها قد تُترك بعد أن تلاشت منطقة غيل كريتر مع مرور الوقت. شوهدت أرضية الحفرة في أسفل هذه الصورة ، مع وجود قمة مركزية في اليسار.

تُظهر الرسوم المتحركة لوكالة ناسا البرك المالحة والجداول التي يعتقد العلماء أنها قد تُترك بعد أن تلاشت منطقة غيل كريتر مع مرور الوقت. شوهدت أرضية الحفرة في أسفل هذه الصورة ، مع وجود قمة مركزية في اليسار.

تساعد المركبة كريوسيتي Curiosity rover العلماء على فهم تاريخ الكوكب الأحمر بشكل أفضل، بما في ذلك تحوله الدرامي.

هبطت سيارة فضائية في منطقة “غيل كريتر” والتي يبلغ عرضها 154 كيلومترًا في أغسطس 2012، وكانت مهمتها أساسًا تقييم مدى قابلية المنطقة للسكن في الماضي. سرعان ما وجدت مركبة الاستطلاع الكثير من الأدلة على وجود ماء سائل منذ فترة طويلة.

بالفعل، قرر فريق المهمة أن قاع غيل كريتر عبارة عن قاع بحيرة قديمة، وأن المنطقة كان بإمكانها دعم حياة تشبه الأرض لفترات طويلة -ربما مئات الملايين من السنين في وقت ما- في الماضي القديم .

في أيلول من عام 2014؛ وصلت مركبة الاستطلاع إلى قاعدة جبل شارب، وهو جبل غريب يبلغ ارتفاعه 5.5 كم عن مركز غيل كريتر.

منذ ذلك الحين تقوم مركبة الاستطلاع بتسلق سفوح الجبل، وتفحص الرواسب الصغيرة. هذا سيقودنا إلى الدراسة الجديدة.

البحيرة المالحة

حلل الباحثون القياسات التي أخذت أثناء استكشاف تكوين موراي العلوي؛ وهو مجموعة من الصخور الرسوبية المكشوفة بالقرب من قاعدة جبل شارب التي يعتقد أن عمرها يتراوح بين 3.3 إلى 3.7 مليار سنة.

لقد وجدوا أن هذه الصخور مخصبة بشدة بأملاح الكبريتات، أكثر بكثير من الرواسب التي سبق أن فحصتها المركبة على أرضية الحفرة. لقد أشارت الصخور الأكبر سنًا إلى وجود بيئة مائية بها مياه عذبة للغاية، والتي من الممكن أن تكون صالحة للشرب، وذلك على حد قول أعضاء فريق المهمة.

تشير دراسة جديدة إلى أن “عمليات االتخصيب المجملة” لكبريتات الكالسيوم منتشرة على امتداد حوالي 150 مترًا من تشكيل موراي، في حين أن السبائك ذات التركيز العالي من كبريتات المغنيسيوم تحتوي على جزء أرق من الطبقات الصخرية.

من المحتمل أن هذه الأملاح قد ترسبت على هامش حوض غيل كريتر؛ عندما كانت المياه ضحلة. وقال الباحثون أن هذه الرواسب ربما تعود أيضًا إلى أحواض متعددة على أطراف البحيرة الوسطى.

وأضاف الباحثون أن هذه الأحواض المالحة ربما كانت صالحة للسكن، مشيرين إلى أن البحيرات شديدة الملوحة هنا على الأرض تغمرها الحياة. في الواقع، فإن طبيعة الأملاح المكتشفة مثيرة للاهتمام من الناحية الفلكية البيولوجية.

وقال ويليام رابين؛ وهو مؤلف الدراسة في الكواكب بمعهد كاليفورنيا للتكنولوجيا في باسادينا، لموقع Space.com: «إن الكبريت عنصر أساسي للحياة. نحن نُظهر أن هناك كبريتات متوفرة في الماء».

حل اللغز

وقال رابين:«إنه من المحتمل أن يكون نظام بحيرة غيل كريتر قد بدأ ينفد إلى الأبد في وقت قريب من وقت ترسّب هذه الرواسب المالحة».

وقال:«ربما بدأت البيئات الصالحة للسكن تصبح مكانًا مناسبًا. ربما كانت هناك مناطق كبيرة من المريخ قاحلة بالفعل».

ولكن هناك أيضًا احتمال آخر؛ أن يكون المريخ في موجة جافة مؤقتة ولكنه سيصبح مبللًا مرة أخرى عندما يتغير محور الدوران.

قد يساعد عمل مركبة كيوريسيتي قريبًا في حل هذا اللغز، فقد اكتشف العلماء أملاحًا كبريتية في أعلى جبل شارب. وقال رابين أن المركبة تشق طريقها نحو هذه الرواسب ويجب أن تبدأ في مصادفتها في العام أو العامين المقبلين، وذلك إذا سار كل شيء وفقًا للخطة.

وأضاف أن ما تجده المركبة هناك وعلى طول الطريق؛ ينبغي أن يساعد الباحثين في تجميع المعلومات عن تطور نظام بحيرة جيل كريتر.

وقال رابين: «نعلم أننا سنحصل على إجابة حول ما حدث لاحقًا، لا سيما رواسب الكبريتات في السنوات القادمة».

اقرأ أيضًا:

هذا ما سيراه الفضائيون إذا فحصوا كوكب الأرض من الخارج

تلسكوب راديوي عملاق في الصين اكتشف إشارات متكررة من الفضاء

ترجمة: م . نور خالد

تدقيق: فارس سلطة

المصدر