ما يزال العلماء يكتشفون أمورًا جديدة عن الكون كل يوم، ولا يُعد ذلك مفاجئًا نظرًا لاتساع الكون وبدء البشر بدراسته قبل قرون قليلة فقط. ومن الأمثلة على تلك الاكتشافات الجديدة ظاهرة الأشعة السينية غير المفسرة AT2018cow التي حدثت عام 2018 وأطلق عليها علماء الفضاء تحببًا اسم البقرة الكونية.

لدى العلماء اليوم فرضية قوية لتفسير البقرة الكونية وقيادة الأبحاث المستقبلية المتعلقة بالثقوب السوداء والنجوم النيوترونية وغيرها من الأحداث غير المفسرة في أقاصي الكون.

كيف تموت النجوم عادةً؟

يساعدنا فهم دورة حياة النجوم منذ نشأتها حتى موتها على فهم السبب الذي لفت انتباه العلماء إلى البقرة الكونية. تتعدد أنواع النجوم وأحجامها، ما يعني عدم وجود طريقة اعتيادية لموت النجوم، حتى إن استخدام كلمة «موت» ليس دقيقًا، فالنجوم لا تموت بالمعنى الحرفي بل تنتقل من مرحلة من حياتها إلى أخرى.

على كل حال، لا نخطئ حين نقول أن معظم النجوم الضخمة (أضخم من شمسنا بكثير) عندما تبلغ نهاية دورة حياتها وتستهلك كل الوقود في نواها، تنفجر في مستعر أعظم ثم تتحول إما إلى ثقب أسود أو نجم نيوتروني حسب الحجم الأصلي لكل نجم.

راقب علماء الفلك الانفجارات النجمية منذ زمن طويل، وسجل الفلكيون الهنود أول مستعر أعظم في الفترة بين 3500-5500 قبل الميلاد. سُجلت منذ ذلك الوقت العديد من المستعرات العظمى، بما فيها ذلك الذي لاحظه الفلكيون الصينيون عام 185 قبل الميلاد، وآخر رصده يوهان كيبلر (والعديد من علماء الفلك حول العالم) عام 1604، وغيرها العشرات من المستعرات التي رُصدت بفضل التطور في علم التلسكوبات.
يمكن القول إن علماء الفلك يدركون ما يرونه عندما يظهر بريق متوهج في السماء.

ما الذي يميز البقرة الكونية عن غيرها؟

رصد الفلكيون AT2018cow في يونيو 2018 باستعمال تلسكوب أطلس-HKO في مرصد هالياكالا في هاواي ولاحظوا انبعاث الأشعة السينية الذي استمر لثلاثة أسابيع وتوهج بسطوع أشد عشرة أضعاف من المستعرات العظمى التي سبقت دراستها، ما جعل البقرة الكونية ظاهرة مذهلة حقًا.

الآن، بعد سنوات من الاكتشاف، أصبح لدينا فكرة عما سبب هذا الانبعاث الساطع، إنه علامة على قدوم مولود جديد للكون في هيئة ثقب أسود أو نجم نيوتروني جديد.

درس الفلكيون في معهد ماساتشوستس بقيادة العالم الفلكي ديراج باشام انبعاثات البقرة الكونية على مدى أشهر، ونشروا نتائج بحثهم في 13 ديسمبر 2021 في مجلة نيتشر أسترونومي. وقد وجدوا أنها غالبًا نتيجة تدفق طاقة هائل ناجم عن ثقب أسود أو نجم نيوتروني يلتهم أولى بقايا نجمه الأصلي. صدرت الطاقة عن البقرة الكونية على نحو مختلف قليلًا عن المستعرات العظمى، الأمر الذي سبب التوهج الساطع المديد الذي رُصد في الفضاء.

أقر باشام أنه كان يأمل -نظرًا للبيانات الفريدة التي درسها فريقه- أن يكون تفسير الظاهرة عائدًا إلى ثقب أسود يبتلع نجمًا غريبًا، فقال: «لقد خاب ظني قليلًا، لكنني مذهول أكثر بأن ذلك قد يكون دليلًا مباشرًا على ولادة ثقب أسود، فتلك نتيجة أروع».

طرق جديدة لدراسة نشوء الثقوب السوداء والنجوم النيوترونية

تقترح نتائج الدراسة التي أجراها معهد ماساتشوستس أن بإمكان علماء الفيزياء الفلكية استخدام بروتوكول مشابه لتفحص بيانات الظواهر الأخرى مجهولة المصدر، التي تُسمى ظواهر العابر البصري الأزرق السريع (FBOT).

سُجلت العديد من تلك الظواهر، وقد يكون الفلكيون الآن قادرين على الإتيان بفرضيات جديدة لتفسير هذه الأحداث في أقاصي الكون.

علاوة على ما سبق، ترشد البقرة الكونية علماء الفلك عندما يتعلق الأمر بالبحث عن نجوم نيوترونية جديدة أو ثقوب سوداء ناشئة، وبما أن دراسة الثقوب السوداء أولوية قصوى لناسا في الوقت الحالي، فمن الجيد امتلاك فكرة أفضل عما يجب البحث عنه وفهمٕ أعمق لدورة حياة الثقوب السوداء أيضًا.

اقرأ أيضًا:

علماء الفلك متخوفون من جسمٍ فضائيٍ جديدٍ غامضٍ يلقب بـ«البقرة»

تدفق طاقة ينتقل في الفضاء بسرعة تقارب سبعة أضعاف سرعة الضوء

ترجمة: إيهاب عيسى

تدقيق: ميرفت الضاهر

المصدر