بدأت حالات البلوغ المبكر بالازدياد في العقود الأخيرة، لكن في أثناء جائحة كورونا، ارتفعت الحالات بنسبة أكبر خصوصًا لدى الفتيات. مع أنه لا يوجد سبب رئيسي لهذا الارتفاع فإن هذه الظاهرة قد تُفسَّر ببعض الأفكار.

يبلغ معدل العمر لبلوغ الفتيات 11 سنة، أما معدل العمر لدى الفتيان فهو 12 سنة. وقد تتفاوت هذه الأرقام كثيرًا، فقد تبلغ بعض الفتيات بعد سن الثامنة وبعض الفتيان بعد سن التاسعة.

يُقصد بالبلوغ المبكر بدء علامات البلوغ لدى الأطفال قبل أوانها. مع أن هذه الحالة أكثر شيوعًا لدى الفتيات، فهي تبقى نادرة الحدوث عمومًا، إذ تحصل لدى 1% أو أقل من سكان الولايات المتحدة الأمريكية.

يرجع ازدياد نسبة البلوغ المبكر في العقود الأخيرة لعدة أسباب محتملة، مثل زيادة معدل وزن الجسم أو تعرض الأطفال للمواد الكيميائية التي تسبب اضطراب هرمونات الغدد الصماء في البيئة المحيطة.

لكن ما هو سبب ارتفاع حالات البلوغ المبكر لدى الفتيات خصوصًا منذ بدء جائحة كورونا أوائل عام 2020؟

لاحظ الأطباء في تركيا ازدياد حالات البلوغ المبكر لدى فتيات في أثناء جائحة كورونا أكثر من السابق، وبعد بحث شمل 359 فتاة، وُجد أن بداية ظهور علامات البلوغ لدى الفتيات بعد الجائحة كانت أبكر بكثير عنه قبلها، وقد صاحب تلك الزيادة ارتفاع الطلب على الأدوية المؤخرة للبلوغ خلال الجائحة أيضًا.

لوحظت الزيادة في حالات البلوغ المبكر في إيطاليا أيضًا، ففي تقرير مفصل أجرته مجلة Endocrine connections أًحصيَ بلوغ مبكر لدى 338 طفل بين شهري مارس وسبتمبر 2020 مقارنة بنفس الوقت من عام 2019 إذ أُحصيَ 152 حالة. كانت النسبة العظمى من أولئك الأطفال من الفتيات ولم يظهر أي تغير على نسبة بلوغ الفتيان.

يرى الباحثون أن سبب ارتفاع حالات البلوغ المبكر المصاحب للجائحة هو التغير الشامل لأسلوب الحياة بسبب الحجر الصحي الذي صاحبه عدم ممارسة الرياضة والنوم والجلوس مطولًا، ما يعني ارتفاع الوزن، إذ تُعد زيادة نسبة الدهون في الجسم أحد أهم أسباب ظهور علامات البلوغ مبكرًا.

يعد القلق النفسي الذي صاحب الجائحة أحد الأسباب أيضًا. إذ أظهرت دراسات سابقة وجود رابط بين القلق النفسي لدى الفتيات وظهور علامات البلوغ المبكر.

اقترح العلماء في الآونة الأخيرة، أن الاستخدام المطول للأجهزة الالكترونية والتعليم الالكتروني للطلاب في أثناء الجائحة قد يكون أحد الأسباب أيضًا، سيما التعرض المطول للضوء الأزرق للشاشات. إذ لوحظ بلوغ إناث الفئران مبكرًا في أحد الدراسات بعد تعريضهم لضوء الشاشات إلكترونية. يفترض بعض العلماء أن السبب هو التأثر الشديد للهرمونات بالضوء الاصطناعي، ولكن يستبعد علماء آخرون إمكانية تطبيق دراسة كهذه على البشر.

ترجح دراسة إيطالية أن سبب تأثر سن البلوغ لدى الأطفال هو المواد الكيمائية المستخدمة في صناعة الأجهزة الإلكترونية التي تسبب اضطراب هرمونات الغدد الصماء. تعد مقاومات اللهب التي تقلل احتمالية اشتعال الأجهزة الإلكترونية، أحد أكثر المواد شيوعًا في صناعة الأجهزة الإلكترونية مثل الهواتف الذكية والحواسب المحمولة. أُثبت حديثًا مدى تأثير هذه المواد في هرمونات الغدد الصم لدى الإنسان والحيوان وتسببها بظهور علامات البلوغ المبكر.

ولت أيام الحجر الصحي ونهاية جائحة كورونا أصبحت وشكية حسب منظمة الصحة العالمية. وبوسعنا الآن إجراء دراسات مفصلة لمعرفة السبب الرئيسي بين ارتفاع حالات البلوغ المبكر وجائحة كورونا.

اقرأ أيضًا:

البلوغ الجنسي: ما هي العوامل المؤثرة به والمخاطر التي يواجهها المراهقون خلاله؟

البلوغ المبكر: الأسباب والأعراض والتشخيص والعلاج

ترجمة: غند ضرغام

تدقيق: بشير حمّادة

مراجعة: محمد حسان عجك

المصدر