دراسةُ جديدة تقترح أن الحياةَ في عوالم أخرى قد لا تشبه الحياة كما نعرفها على كوكب الأرض، فقد درس فريق بحثيّ نوعًا من التفاعل المعروف باسم التفاعل الذاتي المحفّز، وكثيرًا ما اعتُقد أن له دورًا في بداية الحياة في أماكن لم تكن فيها حياة من قبل.

مع أن الاعتقاد السابق بأن هذه التفاعلات نادرة، فإن الفريق اكتشف أنها شائعة بالفعل، ويقترح أنه قد يكون من المفيد البحث فيها عندما نبحث عن حياة خارج كوكب الأرض.

عندما نبحث عن الحياة في الكون، في الأساس نبحث عن صور الحياة التي نعرفها هنا، لا نعني بذلك البشر فقط، بل جميع صور الحياة على الأرض. وهذا يرجع بالأساس إلى أن البحث عن دلائل الحياة غير المألوفة هو مهمة صعبة؛ لذلك، نبحث عن دلائل الحياة العضوية التي نعرفها.

لكن الحقيقة أنه ليس لدينا ضمان بأن شكل الحياة على الأرض هو الشكل الوحيد الممكن. فقد أكدت دراسة حديثة أن التركيز على البحث عن الدلائل المألوفة قد يقلل من فرصنا في العثور على حياة فضائية. ومع ذلك، بدأ الفريق الذي أجرى هذه الدراسة بالحياة كما نعرفها قبل أن يتوسع في بحثه.

كان التركيز على التفاعل الذاتي المحفّز، وهو تفاعل كيميائي يمكنه الاستمرار ذاتيًا، إذ تؤدي المركبات الموجودة في التفاعل إلى إنتاج المزيد من المركبات التي تستمر في هذا التفاعل. هذا التفاعل هو الجوهر الأساسي للحياة على الأرض.

قالت بيتول كاتشار، إحدى القائمات على هذه الدراسة: «إن التكاثر -الذي يعد من أهم خصائص الحياة- هو مثال على التفاعل الذاتي المحفّز. الحياة تحفّز تكوين المزيد من الحياة. إذا تحولت خلية واحدة إلى خليتين، يمكن أن تصبح أربعًا، وهكذا. ومع زيادة عدد الخلايا، تتضاعف الفرص والتفاعلات الممكنة».

هذه الظاهرة ليست حكرًا على الحياة فقط، ولا يحتاج التفاعل الذاتي المحفّز إلى المركبات العضوية. وقد اعتُقد منذ فترة طويلة أن التفاعلات الذاتية المحفّزة قد تؤدي دورًا مهمًا في خلق الحياة حيث لم تكن هناك حياة من قبل.

المشكلة، هو أننا لم نكن نملك الكثير من الأمثلة على التفاعلات الذاتية المحفزة غير العضوية في الماضي. وقد اعتُبِر الظهور النادر لهذه التفاعلات دليلًا على أنها غير محتملة، ما يعني وجود فرصة ضئيلة لأن تولد الحياة على كوكب آخر من خلالها.

لكن الفريق أراد التحدي. فنقّبوا الأرشيف العلمي، مستخدمين أدوات البحث والترجمة الحديثة، وقد تمكن الفريق من استعراض قرنين من السجلات العلمية وإجراء استطلاع شامل لتفاعلات التفاعل الذاتي المحفّز الموثقة.

وجدوا 270 من هذه الدورات الذاتيّة المستمرة. وليس فقط أن بعضها كان غير عضوي، بل أن معظمها لم يكن مبنيًا على الكربون. بعضها مركز حول عناصر نادرة أو مشعة. وبعضها يحدث فقط تحت ظروف درجات حرارة أو ضغط متطرفة. وقد شملت أربع منها الغازات النبيلة، التي تشتهر بعدم التفاعل مع شيء تقريبًا.

يبدو أن هذه التفاعلات ليست نادرة كما اعتقدنا!

في المستقبل، يأمل الفريق أن تُستخدم مكتبتهم الجديدة من التفاعلات الذاتيّة المحفّزة في تنفيذ تجارب قد تستكشف تأثيرات هذه الدورات على الكيمياء، خاصة عند النظر في إمكانية دمجها لإنتاج تفاعلات ومنتجات أكثر تعقيدًا.

قال زهن بنغ، أحد مؤلفي الدراسة لموقع Space.com: «الدورات التي قدمناها هي مجموعة من الوصفات الأساسية التي يمكن دمجها ومطابقتها بطرق لم تُجرب من قبل على كوكبنا. قد تؤدي إلى اكتشاف أمثلة جديدة تمامًا من الكيمياء المعقدة تعمل في الظروف التي قد تكون فيها الدورات الكربونية أو السيليكونية محروقة أو متجمدة».

من السابق لأوانه القول بثقة ما إذا كان هذا سيكون المفتاح للعثور على حياة في كوكب آخر. لكن بالنظر إلى ما توصلنا إليه في بحثنا عن الحياة الفضائية، فمن الأفضل دائمًا أن نحافظ على انفتاحنا على البحث عن كل جديد.

اقرأ أيضًا:

كيف يمكن للكائنات الحية الهجرة عبر الكون؟ نظرة حول أصل الحياة والمسافرين عبر الكواكب

بحث جديد يفترض أن الحياة شائعة في جميع أنحاء الكون ، فقط ليس بالقرب منا

ترجمة: محمد حسام

تدقيق: غفران التميمي

المصدر