تتبعت الدراسة التي استمرت ثلاث سنوات عشرات المرضى الذين يعانون اضطرابًا نادرًا للغاية يحول العضلات والأوتار والأربطة تدريجيًا إلى عظام. تُعرف هذه الحالة غير المنعكسة التي تستمر مدى الحياة باسم خلل التنسج الليفي المتعظم المترقي (FOP)، وبينما تختلف تقديرات انتشار المرض فإن نسبة الحالات المؤكدة منه هي واحدة تقريبًا من كل 1 إلى 2 مليون ولادة.

شُخّص نحو 800 مصاب بخلل التنسج الليفي المتعظم المترقي فقط في جميع أنحاء العالم، وفي عام 2006 وجد أن 97٪؜ من المرضى لديهم نفس المتغير الجيني للمرض.

تحدث هذه الطفرة في مورثة تُرِّمز مستقبلًا ينظم نمو العظام ويبدو أنه يتسبب في إنتاج خلايا جذعية تولد أنسجة العظام في الأماكن التي لا يُفترض أن تحتوي عليها عادة.

بالنظر إلى شدة هذا المرض وندرته فمن المأمول أن تسمح نتائج البحث الحالي للأطباء بتلبية جيدة للاحتياجات الطبية للمرضى الذين لا يحصلون على خدمات طبية كافية.

التنسج الليفي المتعظم المترقي ليس مستقرًا ويأتي على شكل نوبات، وتظهر هذه النوبات عادة في مرحلة الطفولة، وتميل إلى البدء في الرقبة والكتفين ما يتسبب في تكوين شرائط وصفائح من العظام.

تمتد الأنسجة الصلبة إلى المفاصل وتحد الحركة تدريجيًا، وتتثبت أجزاء الجسم في مكانها وتُحرم من الحركة بسبب تضرر المفصل الذي يقل عمره بسبب هذا الضرر.

لا يُظهر كل المصابين بالتنسج الليفي المتعظم المترقي نفس معدل التكلس، ولكن بمجرد ظهور الأنسجة العظمية في غير مكانها الطبيعي في أي جزء من الجسم فإنها ستستمر دائمًا لأن ظهورها غير منعكس ومعظم الذين يصابون بهذا المرض يحتاجون إلى كرسي متحرك في سن العشرين.

لسوء الحظ، إلى اليوم لا توجد علاجات متاحة لخلل التنسج الليفي المتعظم المترقي، لكن يمكن تخفيف الألم والتورم الذي يعانيهما المرضى إلى حد ما بالأدوية.

على مدار حياة المريض يمكن أن يتسبب المرض والإصابة الجسدية في تورم العضلات والالتهابات التي تستمر من أيام إلى أشهر، وغالبًا ما تؤدي إلى تشكل العظام بعد ذلك. إذا استطعنا التخلص من التورم والالتهاب وعلاجهما فيحتمل أن نستطيع إيقاف تقدّم الاضطراب.

كانت جميع الدراسات السابقة عن هذا المرض تستند إلى تقارير مرضى سابقين، لذلك تعد هذه الدراسة من بين أولى الدراسات طويلة المدى التي بحثت في تطور هذا المرض بمراقبة تطوره لدى 114 مريضًا.

أكمل 33 شخصًا فقط الدراسة التي استمرت ثلاث سنوات كاملة مع فحوصات منتظمة، وبقي معظمهم للمشاركة في التجارب السريرية للتدخلات المحتملة. ولكن في النهاية وجد المؤلفون أن 82 مريضًا (أكثر من 70٪؜ من المجموعة الأصلية) أبلغوا عن 229 نوبة عادةً في الجزء العلوي من الظهر والورك والكتف وأسفل العمود الفقري.

بعد اثني عشر أسبوعًا من النوبة، وجد الباحثون في كثير من الأحيان أن أنسجة عظمية جديدة قد تراكمت في موقع الالتهاب أو الألم.

على الرغم من أن تقدم التنسج الليفي المتعظم المترقي يبدو بطيئًا مع تقدم العمر لكن 70٪؜ من الأفراد الذين تتراوح أعمارهم بين 25 و 65 عامًا أظهروا حجمًا جديدًا في العظام في كل فحص سنوي للدراسة.

كانت الأعراض الأكثر شيوعًا التي أبلغ عنها المرضى خلال النوبات هي الألم الشديد وتورم الأنسجة الرخوة والحركة المقيدة للغاية.

خلص المؤلفون إلى التالي: «تُظهر النتائج -من الأفراد الذين يتلقون الرعاية العادية لمدة تصل إلى 3 سنوات- التأثير المنهك والطبيعة التقدمية لخلل التنسج الليفي المتعظم المترقي على المقاطع الطولية والعرضية للعظام مع تقدم أكبر في مرحلة الطفولة والبلوغ المبكر».

تكشف النتائج أن الأدوية الأكثر شيوعًا التي يستخدمها المرضى هي مضادات الالتهاب غير الستيرويدية، ولكن في أثناء الدراسة بدأ نحو 80٪؜ من المشاركين دواءً جديدًا ما يشير إلى أنهم يحاولون بشدة العثور على شيء يمكن أن يساعدهم على الشعور بالتحسن.

لا يؤثر التنسج الليفي المتعظم المترقي على الجهاز العضلي فقط، بل وُجد في الدراسة أن بعض المرضى يعانون عادةً مشكلاتٍ في الجهاز التنفسي مثل ضيق النفس بسبب انخفاض القدرة على توسيع الصدر الذي يمكن أن يكون قاتلًا، بالإضافة إلى فقدان السمع.

وُجد عند كل واحد من المشاركين تشوّه داخلي في نمو إبهامي القدمين، ما يدعم فكرة أن هذا قد يكون من أولى العلامات للاضطراب، ويُعتقد أنه موجود منذ الولادة.

إذا أعطى الأطباء انتباههم لهذه العلامة الواضحة والمبكرة لخلل التنسج الليفي المتعظم المترقي، فيمكن إجراء الفحص الجيني مبكرًا لتسريع التشخيص وربما تأخير تطور المرض.

إذا استغرق التشخيص وقتًا طويلًا ولم تُعالج الحالة وأعراضها على نحو جيد فهناك فرصة أكبر لأن تؤدي أي إصابة أو تعب عضلي أو حتى الحقن العضلي إلى تسريع تصلب الأنسجة الرخوة.

وقد ثبت أن خطة علاج لمدة أربعة أيام من الستيرويدات القشرية عالية الجرعة عند حدوث النوبة فعالة جدًا في الحد من الالتهاب المرتبط بنمو الأنسجة العظمية الزائدة.

يمكن أن يساعد البحث الجديد مع التجارب السريرية المستمرة في تحسين حياة الذين يعانون هذا الاضطراب في السنوات القادمة.

نُشرت الدراسة في مجلة علم الوراثة في الطب.

اقرأ أيضًا:

التهاب المفصل الجادع: الأسباب والأعراض والتشخيص والعلاج

اضطراب المفصل الفكي الصدغي: الأسباب والأعراض والتشخيص والعلاج

ترجمة: يمام نضال دالي

تدقيق: يوسف صلاح صابوني

المصدر