توجد مسببات كثيرة لالتهاب البنكرياس الحاد، لكن من أهمها هي الحصى المرارية. يُفرق الأطباء بين التهاب البنكرياس الصفراوي والأنواع الأخرى من التهابات البنكرياس لأن طبيعة المرض وطريقة علاجه تختلف من نوع إلى آخر حسب مسبب الالتهاب.

تسد الحصاة المرارية قناة البنكرياس، ما يسبب التهابًا فيه. وتجب إزالة هذه الحصاة لعلاج التهاب البنكرياس الصفراوي.

البنكرياس هو عضو حشوي موجود بالجهاز الهضمي، تُصنع فيه بعض الإنزيمات الهضمية المساعدة على هضم الطعام وتكسيره.

عندما يصل الطعام إلى بداية الأمعاء الدقيقة، تُرسل إشارات كيميائية لتحفيز البنكرياس على إفراز الإنزيمات الهاضمة، فيفرزها في قناة صغيرة تسمى قناة البنكرياس التي تتصل فيما بعد بالقناة الصفراوية المشتركة (تأتي بالصفراء من الكبد والمرارة) وتصب في الأمعاء الدقيقة.

ما الحصى المرارية؟

تتطور حصى المرارة من تبلور تراكيز معينة من الصفراء.

تعد المرارة مخزنًا للصفراء المُصنعة في الكبد. وللصفراء مكونات عديدة عند زيادة أحدها عن الطبيعي (غالبا الكوليسترول أو بيليروبين)، سيتراكم على شكل راسب بقاعدة المرارة.

يزداد تركيز هذا الراسب كلما كان إفراغ المرارة قليلًا، ومع مرور الوقت يتبلور ويتحول بالنهاية إلى حصاة.

هل التهاب البنكرياس الصفراوي حالة خطيرة؟

يعد التهاب البنكرياس الشديد حالةً مهددةً للحياة، ويجب أخذ العلاج الطبي بسرعة.

قد تكون الأعراض خفيفة، لكنها مع الوقت ستشتد في حال لم تُعالج. وتصبح الاختلاطات أخطر مع مرور الوقت، خاصةً عند انسداد القناة الصفراوية.

أعراض التهاب البنكرياس الصفراوي:

تتضمن الأعراض النموذجية كلًا من:

  •  ألم بطني شديد، يشعر به المريض بالجانب الأيسر العلوي حيث يوجد البنكرياس. ويكون الألم حادًا وواخزًا أو عاصرًا، وقد يمتد إلى الظهر أو الصدر أو الكتف.
  •  الغثيان والإقياء.

تتضمن الأعراض المتقدمة بالمرض:

  •  تضخم البطن.
  •  التجفاف.
  •  ضربات قلب سريعة.
  •  ضيق التنفس.
  •  انخفاض ضغط الدم.
  •  انخفاض حرارة الجسم.
  •  الحمى.
  •  اليرقان.

الاختلاطات المحتملة لالتهاب البنكرياس الصفراوي:

إذا بقي البنكرياس في حالة التهاب ولم يُعالج، سيحدث تنخر للنسيج ويفقد التروية الدموية.

سيؤدي الالتهاب غير المُعالج أيضًا إلى تجمع السوائل في نسيج البريتوان المحيط بأعضاء البطن، ومن ثم التهابه. سيستمر السائل بالتجمع والتراكم حتى يصل إلى الصدر ويضغط على القلب والرئتين.

يقل حجم الدم باستمرار تراكم السوائل في البطن، ما يؤدي إلى تجفاف شديد، فتقوم الكلية بإعادة امتصاص السوائل، وبالنهاية سيحدث للمريض صدمة نقص حجم.
ستسبب الحصاة الموجودة بالقناة الصفراوية مشكلات ثانوية أيضًا للأعضاء المتعلقة بالطرق الصفراء.

يؤدي الانسداد إلى عودة الصفراء إلى الكبد والمرارة، وبالتالي التهاب مرارة ثانوي ومشكلات كبدية، وعدم خروجها إلى الأمعاء سيسبب مشكلات هضمية.

يؤدي الانسداد أيضًا إلى تجمع بكتيريا الأمعاء في القناة، وبالتالي إنتانًا ثانويًا فيها. وإذا انتقلت إلى الدم سيصبح الإنتان جهازيًا وبكامل الجسم مؤديًا إلى صدمة إنتانية.

تشخيص التهاب البنكرياس الصفراوي:

يطلب الطبيب تحليل دم للكشف عن إنزيمات البنكرياس، والتحقق من خمائر الكبد وإنزيماته ومستوياتها ضمن الدم لمعرفة الضرر ضمن الكبد.

يُتابع الفحص بطلب صور شعاعية للحصول على فكرة أفضل عن وضع البنكرياس ومدى الضرر فيه.

يعد إيكو البطن وسيلةً جيدةً وكافيةً للكشف عن حصى القناة الصفراء، لكن التصوير الطبقي المحوري يوفر تفاصيل أكثر عن حالة البنكرياس، ويُستخدم في حالة الضرورة فقط.

من الممكن أن تتحرر الحصاة المسببة للانسداد وحدها عند البدء بالعلاج، ولكن تُستخدم هذه الاستقصاءات للكشف عن حصى أخرى موجودة لكنها لم تسبب انسدادًا بعد.

علاج التهاب البنكرياس الصفراوي:

يؤخذ المريض إلى وحدة العناية المشددة في حال كانت حالته حرجة، لكن 80% من الحالات تكون خفيفة إلى متوسطة الشدة وتُعالج علاجًا محافظًا.

يتضمن العلاج المحافظ ما يلي:

  • تعويض السوائل وريديًا: يكون لدى معظم المرضى حالة تجفاف ويحتاجون تعويض حجم الدم بإدخال سوائل تحتوي شوارد وجلوكوز للجسم.
  •  مسكنات ألم: يحتاج معظم المرضى إلى مسكنات ألم قوية، تُعطى عبر الحقن العضلي أو وريديًا.
  •  الصيام عن الطعام: يحتاج المريض إلى التوقف عن الطعام نهائيًا، وذلك لأن الطعام سيحرض الجهاز الهضمي على إرسال إشارات إلى البنكرياس والمرارة والكبد لإفراز إنزيماتها والصفراء، ما يزيد الضغط على القنوات الناقلة والمصابة بالانسداد ويزداد الأمر سوءًا.
  •  تعويض غذائي: توفير احتياجات المريض الغذائية بإعطاء الجلوكوز وريديًا أو بوضع أنبوب أنفي معدي، ويعتمد ذلك على مدى سوء الحالة وزمن النقاهة بالمستشفى.
  •  علاجات إضافية منها: مضادات غثيان- أكسجين- مضادات حيوية- أنبوب أنفي معدي- قثطرة بولية.
  •  يبقى المريض بالعناية المشددة حتى يهدأ البنكرياس، يستغرق ذلك عدة أيام بالحالات المتوسطة وغالبًا ما تخرج الحصاة لوحدها ما لم تسبب اختلاطات أخطر.

التداخلات الجراحية على الحصاة المرارية:

يجب أن تُزال الحصاة، وقد تكون حالة إسعافية أو بشكل طبيعي بعد العلاج المحافظ. ويحدد ذلك حالة المريض العامة.

قد يقوم الأطباء بواحد أو أكثر من الإجراءات التالية:

  •  ERCB: استقصاء داخلي للتشخيص والعلاج معًا. يكشف هذا الاختبار القنوات الصفراوية باستخدام الأشعة السينية ومنظار داخلي. يتألف هذا المنظار من أنبوب طويل بآخره كاميرا ضوئية، يُدخل المنظار من الفم ليصل إلى المعدة. يكون الطبيب قادرًا على رؤية القنوات الصفراوية بتقنية التصوير بالأشعة السينية المفلورة، ويستطيع إدخال أنابيب أخرى عبر المنظار الأساسي لإزالة الحصيات ووضع شبكات لفتح الانسداد.
  •  استئصال المرارة -gallbladder removal: نسبة الإصابة مرة أخرى بالحصيات عالية جدًا بعد حدوث الإصابة الأولى، لذلك فإن العلاج الأفضل لها هو استئصال المرارة كي لا تعود الحصيات من جديد. تعد هذه العملية آمنةً وفعالة، وتُجرى بالجراحة التنظيرية. يتم فيها إدخال عدة أدوات من خلال شقوق صغيرة بالبطن دون الحاجة لفتح بطن كامل. قد يحتاج بعض المرضى إلى فتح بطن جراحي تقليدي، تبعًا لسوء حالتهم.

الوقاية من التهاب البنكرياس الصفراوي:

يجب أخذ الحذر في حال كان للمريض أعراض حصى مرارية سابقًا، وعليه إزالتها مباشرةً.

يوجد عرض اسمه المغص الصفراوي biliary colic، وهو علامة إنذار خطيرة. وهو ألم بالجانب الأيمن من البطن تحت الضلع الأيمن الأخير حيث توجد المرارة، يشعر المريض بالغثيان بعد الطعام غالبًا.

يشير المغص الصفراوي المتناوب إلى انسداد جداري أو جزئي بالمرارة أو الطريق الصفراوي، ويمكن للألم أن يأتي ويذهب كلما تقلصت المرارة واسترخت.

اقرأ أيضًا:

تصوير البنكرياس والقناة الصفراوية بالمنظار (ERCP)

ما هو التهاب البنكرياس الناخر ؟ وكيف يعالج؟

ترجمة: عمار علي نصري

تدقيق: فادي الخطيب

المصدر