تُعرف الأكزيما بأنها حكة واحمرار وتخريش مؤلم للجلد، وتحدث عند تعرض الجلد لعوامل مخرّشة. قد تكون الأكزيما استجابة الجسم الطبيعية تجاه التوتر إحدى تلك العوامل.

يظهر التوتر جليًا على الوجه، لكن هل علمت أن القلق في أثناء الفترات الصعبة يترك أثرًا في جسمك، وقد يظهر على مرفقيك وعلى ركبتيك وعلى كتفيك؟

تجعل الأكزيما المحرضة بالتوتر الجلد جافًا وحاكًا ومخرشًا، وتُعد مؤشرًا لحالة الجسم الداخلية. وفور تطور ذلك الطفح الجلدي، بإمكانه أن يصبح خطيرًا جدًا.

إذًا، كيف يتسبب التوتر بالضبط في تطور هذا النوع المزعج من التهاب الجلد؟ والأهم من ذلك، هل يمكن إيقافه؟ دعونا نحصل على الإجابات من طبيبة الأمراض الجلدية غوري كابور، وأخصائية طب الأسرة سعدية حسين.

كيف يسبب التوتر التهابًا في الجلد (أكزيما)؟

يتمثل رد فعل الجسم تجاه التوتر بمجموعة من الأعراض الأساسية التي نشعر بها، كتسرع القلب، وتسرع التنفس، وازدياد حساسية النهايات العصبية، ويُسمى هذا باستجابة الكر والفر Fight-or-Flight.

يحرض تلك الاستجابة تدفق هرمونات عدة كالكورتيزول (هرمون التوتر) الذي ينتشر تأثيره ليطال كل أعضاء الجسم ولا سيما الجلد.
يسبب التوتر تحرير الهيستامين، وهو المادة الكيميائية الأساسية لاستجابة الجهاز المناعي التحسسية، الذي يثير بدوره الأكزيما. نضيف إلى ذلك زيادة إنتاج الغلوبيولينات المناعية من نمط IgE التي تتواسط استجابة الجسم للتوتر وتزيد الحكة، وهي نفسها الأضداد التي تُحرَّر في الاستجابة التحسسية.

تقول د. كابور: «خلاصة القول، يثير التوتر شلالًا من التفاعلات التي يطال تأثيرها الجلد، لذلك قد يظهر شعورنا الداخلي بالتوتر خارجيًا على الجلد كأكزيما».

تأثير التوتر على الجلد:

يُعد الجلد خطًا دفاعيًا يعزل بين مكونات الجسم من الداخل والجراثيم والميكروبات من الخارج. ويمثل الحاجز البشروي للجلد مزيجًا حيويًا معقدًا من الميكروبات والزيوت التي تغلف الجلد وترطبه وتحافظ على صحته.

يضطرب التوازن الدقيق لذلك الحاجز الحيوي بسبب التوتر، إذ يعيق الكورتيزول المحرر من الإنتاج الطبيعي لزيوت البشرة، ما يؤدي إلى تخريش الجلد.

تتضمن أعراض الأكزيما:

  •  بشرة جافة ومتقشرة.
  •  الحكة.
  •  الطفح والنتوءات والتورم.
  •  بقع جلدية متسمكة.

تقول د. حسين: «كلما كنت أكثر توترًا، عانيت أكزيما أكثر شدة، فهناك رابط بينهما».

هل بعض الناس أكثر عرضةً للأكزيما المحرضة بالتوتر من غيرهم؟

إذا كنت تعاني الأكزيما المزمنة، يستطيع التوتر بسهولة بدء هجمة من الالتهاب الجلدي، ولكن التوتر الشديد قد يؤدي إلى الإصابة بالإكزيما لدى الأشخاص الذين لم يسبق لهم أن عانوا هذه الحالة.

تنوه د. كابور: «إذا كان هناك عامل توتر كبير، فقد يؤدي ذلك إلى الأكزيما كاستجابة لدى أي شخص».

الأكزيما والصحة النفسية:

يوجد رابط أكيد بين الأكزيما والحالات الصحية العقلية والعاطفية. في الحقيقة، أعلنت الجمعية الوطنية للأكزيما ترافق الأكزيما لدى أكثر من 30% من الناس مع القلق والاكتئاب.

تقول د. كابور: «أنتم تتعاملون مع حالة جلدية مزمنة تكون مرئيةً للغاية ومخرشةً للغاية، وقد تؤثر على نواحٍ حياتية عدة كالنوم والمزاج، وقد تقود إلى تجنب الناس للمناسبات الاجتماعية بدافع الإحراج أو عدم الراحة».

متى ما ظهرت الأكزيما، يمكن لعدم الارتياح التي تسببه أن يضخم القلق والاكتئاب.

تتابع د. كابور: «قد تشكل الأكزيما حلقة مفرغة، ولهذا السبب من المهم جدًا اتخاذ خطوات لكسر هذه الحلقة».

علاج الأكزيما بعلاج التوتر:

يساعد الحفاظ على مستويات منخفضة من التوتر على تخفيف وربما علاج أعراض الأكزيما، وهذه بعض الأفكار التي قدمتها د. حسين ود. كابور:

 التمرّن:

يرفع التمرين الإندورفينات، وهي هرمونات السعادة التي تضع الإنسان في حالة ذهنية أكثر إيجابية، وتؤكد د. حسين على أهمية التمرين.

قد يمنح أي نوع من الأنشطة التي يستمتع بها الشخص نشوة الإندورفين التي يحصل عليها من التمرين، وبالذات التمارين المجهدة التي تزيد الجهد القلبي فتمنح الجسد جرعة أثقل من الإندورفينات.

تنصح د. كابور: «استحموا بعد التمرين لإزالة العرق وتجنب أي مهيج إضافي للبشرة، واستخدموا الماء الفاتر بدلًا من الساخن الذي يفاقم الإكزيما».

 ضبط النظام الغذائي:

يسبب التوتر الالتهاب في كامل الجسم، ما يؤدي بدوره إلى الإصابة بالأكزيما، وقد يفاقم ما يأكله الشخص الأمر سوءًا.

يساعد اعتماد نظام غذائي ذو خصائص مضادة للالتهاب على تخفيف أعراض التوتر والأكزيما، وهذا يعني التركيز على الفواكه والخضراوات والبقوليات والأسماك، والحد من تناول الكربوهيدرات والسكريات المضافة.

تقول د. حسين محذرةً: «إذا كنت تعيش على نظام غذائي غني بالكربوهيدرات والسكر، فذلك لن يساعدك على التخلص من التوتر أو الأكزيما».

 الحصول على نوم كافٍ:

رغم أهمية النوم، لكن ليس من السهل الحصول على نوم كافٍ ومريح عندما يعاني الشخص التوتر والحكة المرافقة للأكزيما. يمكن محاولة تأسيس روتين نوم ثابت وبيئة مناسبة للحصول على سبع إلى تسع ساعات من النوم في أثناء الليل.

تقول د. كابور: «إنه يساعد جسمك على الراحة، ويحسن من شعورك».

 استخدام تقنيات الاسترخاء:

تساعد ممارسة التأمل واليقظة الذهنية على الشعور بالاسترخاء والتركيز والتواصل مع الذات الداخلية، التي من شأنها تقليل مستويات التوتر. ربما تساعد اليوغا، أو تقنيات التنفس المهدئ، أو ربما سماع الموسيقى على التخفيف من التوتر.

تقول د. كابور: «يساعد العثور على سلامك الداخلي في تقليل الضغط الكامن الذي يقف وراء الأكزيما لديك، وهناك الكثير من الخيارات والسبل الجيدة لاستكشافها، التي تساعدك على التركيز وتصفية ذهنك».

 طلب المساعدة:

يحتاج الناس أحيانًا إلى مساعدة الآخرين، فتساعد جلسات الاستماع الفردية بين الشخص والمعالج على تحديد سبب التوتر، وتتيح المجال لوسائل العلاج الأخرى.

تنصح د. كابور: «يمنحك العلاج النفسي الأدوات اللازمة للتخلص من العوامل المحرضة للتوتر والأكزيما. إذا كنت منفتحًا على ذلك، فيمكن للمساعدة من أخصائي إحداث فرق كبير».

مهما كان القرار الذي سيتخذه الشخص، يجب محاولة ألا يتجاهل التوتر أو يبقيه كامنًا.

تقول د. حسين: «عند كبت توترك، يستمر جسمك بالخضوع له، وسيتظاهر جليًا بشكل أو بآخر، وحينها تبدأ المشكلات كالأكزيما بالتفاقم».

اعتبارات ختامية:

تقييم التوتر وتأثيره على الحياة ليس بالسهل.

تنوّه د. حسين: «التوتر غير قابل للقياس، فهو ليس مرضًا نملك له اختبارًا معياريًا كالسكري أو ضغط الدم، لكنه يؤثر تقريبًا في الجسم كله ولا سيما الجلد، فهو شخصي للغاية».

من جهة أخرى، لا توجد طريقة مؤكدة لربط التوتر بالأكزيما، فالأكزيما حالة جلدية تقود إليها عدة عوامل، بدءًا من الطقس ووصولًا إلى منظفات الغسيل والنمط الغذائي، إضافةً إلى التوتر.

تنصح كل من د. حسين ود. كابور بتدوين الأحداث في مذكرة للبحث عن روابط بين الأكزيما وما يحصل في حياة الفرد. تقول د. كابور «دوّن ما يحدث عندما تصاب بنوبة من الأكزيما، فقد يظهر التقييم الذاتي وجود أي من المحرضات المتكررة، مثل المواعيد المحددة في العمل أو نشاط معين، وهذه نقطة ممتازة للبدء بعلاج حلقة الأكزيما».

اقرأ أيضًا:

كيف يؤثر التوتر على العد الشائع؟

قد يسبب التوتر النفسي شيبًا مبكرًا للشعر ولكن لحسن حظك إنه يمكن عكس النتيجة!

ترجمة: حيان الحكيم

تدقيق: جنى الغضبان

مراجعة: هادية أحمد زكي

المصدر