تدور النجوم الثنائية حول الثقب الأسود الهائل في مركز مجرتنا درب التبانة، ولكن النجوم الرئيسية تفقد مرافقها بغموض، حسبما رصده مرصد كيك في هاواي.

غالبًا ما تتكوّن الأنظمة النجمية في الكون من نجوم متعددة، فما يقارب 70٪؜ من الأنظمة النجمية المجاورة لمجموعتنا الشمسية تتكونّ من ثنائي نجمي. أما بالنسبة للنجوم الضخمة، فيكون هذا العدد أعلى بكثير، إذ تتكوّن جميعها تقريبًا من أنظمةٍ ثنائية أو ثلاثية.

ولكن هنالك قصة مختلفة تحدث في مركز مجرتنا درب التبانة.

حلّل فريقٌ بحثي بقيادة ديفين تشو -وهو أستاذٌ من جامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس- 10 سنوات من الملاحظات المرصودة التي تتبّعت 28 نجمًا يدور حول الثقب الأسود المركزي الهائل في مجرتنا، باسم ساغيتارسوس أ – Sagittarius A، أو «الرامي أ» وتبلغ كتلته 4.1 مليون مرة كتلة الشمس.

تدور هذه النجوم ضمن حدود شهر ضوئي واحد من الثقب الأسود ، أي ما يعادل 777 مليار كيلومتر.

وُجدَ أن 16 نجمًا من هذه المجموعة من النجوم التي سميت تيمنًا بالثقب الأسود عمرها صغيرٌ جدًا، أقل من 6 ملايين سنة، وأضخم بعشرات المرات من شمسنا.

قال ديفين تشو في تصريح له: «إن النجوم في هذه الأعمار الصغيرة لا ينبغي لها أن تكون بالقرب من الثقب الأسود في المقام الأول، ولم يكن بإمكانها حتى الهجرة إلى تلك المنطقة خلال 6 ملايين سنة فقط، ولكن وجود نجمٍ في مثل هذه البيئة الصعبة الخاصة بالثقب الأسود أمرٌ مثيرٌ للدهشة».

كان فريق تشو يبحث عن ثنائيات طيفية في الأنظمة النجمية الثنائية، لكن في بعض الأحيان لا يمكن حتى لأفضل التلسكوبات تحليل رصد نظامٍ ثنائي إلى نجمين فرديين.

في مثل هذه الحالات، فإن الطريقة الوحيدة لتمييز مكونات هذا النظام هي النظر إلى طيفها المشترك، ومراقبة تحول ظاهرة دوبلر في الضوء الناجم عن دوران النجوم حول بعضها البعض.

ظاهرة دوبلر هي تغيّر ظاهري لتردد الأمواج أو لطولها الموجي عندما تُرصد من قِبل مراقب متحرك بالنسبة للمصدر الموجي.

مع ذلك، لم يجد فريق تشو في المجموعة أيّ نجومٍ في صورةٍ ثنائية، فجميعها فردية، ما يُغير التوقعات بشأن النجوم الضخمة التي تتشكّل عادة في صورة أنظمةٍ ثنائية أو ثلاثية.

تمكّن ديفين تشو وزملاؤه من وضع حدٍ أعلى للأنظمة الثنائية النجمية حول الثقب الأسود ساغيتارسوس أ بنسبة 47٪ على الأكثر، وهو أقل بكثير مما هو عليه في جوار مجموعتنا الشمسية.

يقول ديفين تشو: «هذا الاختلاف يصف البيئة المثيرة للاهتمام لمركز مجرتنا بشكلٍ لا يُصدق، نحن لا نتعامل مع بيئةٍ طبيعية هنا».

إذا افترضنا أن هذه النجوم الضخمة تَشكّلت كأنظمةٍ ثنائية، فماذا حدث لرِفاقها في النظام النجمي؟

أحد الاحتمالات المطروحة هو أن الجاذبية الهائلة للثقب الأسود كانت قادرةً على تقسيم أَنظمة النجوم الثنائية، وقذف أحد النجوم المكوِّنة لها خارج المجرة بالكامل.

رصد علماء الفلك عددًا من النجوم فائقة السرعة وهي تتسابق خارج المجرة بسرعةٍ تَزيد عن 1.6 مليون كم/ساعة، ما يدعم فرضية تقسيم الثقب الأسود للأنظمة النجمية الثنائية بجاذبيته الهائلة.

يوجد أيضًا احتمال آخر، وهو أن جاذبية الثقب الأسود عطلت الأنظمة الثنائية لأزواج من النجوم مسببةً التصادم والاندماج فيما بينهم، فيظهر النجم المندمج متجددًا ليبدو بعُمرٍ أصغر بكثير مما هو عليه بالفعل، ما قد يساعد في تفسير سبب وجود النجوم التي تبدو بعُمرٍ صغيرٍ جدًا في بيئة من غير المحتمل أن تكون تشكلت فيها.

قال ديفين تشو: «يوضح هذا الأمر أن الثقب الأسود يدفع هذه النجوم الثنائية القريبة إلى الاندماج أو تعطيل أنظمتها، وهذا الأمر له تأثير مهم على إنتاج موجات الجاذبية والنجوم فائقة السرعة التي تُطرد من مركز المجرة».

نُشرت هذه الدراسة الجديدة الأسبوع الماضي في مجلة الفيزياء الفلكية.

اقرأ أيضًا:

الثقوب السوداء – ما هو الثقب الأسود ؟

نموذج محاكاة مبتكر يزودنا بنظرة مقربة إلى الثقب الأسود في مركز مجرتنا

ترجمة: خالد عامر

تدقيق: نينار راهب

المصدر