رصد علماء الفلك أخيرًا ثقبًا أسود فائق الكتلة شديد التوهج في أقاصي الفضاء المرئي؛ عُرف باسم الثقب الأسود J221951 -484240 أو J221951 اختصارًا.

وفقًا لعلماء الفلك فإن الضوء الساطع المتوهج منذ 10 مليارات سنة يشير إلى أن جرمًا نجميًا مضغوطًا بدأ يتغذى فجأة على كميات هائلة من المواد؛ إذ يؤكد العلماء أن هذا الحدث أحد أكثر الأمثلة إثارة للاستغراب التي قد شهدوها على الإطلاق.

طرح فريقٌ بحثيٌ بقيادة عالمة الفلك سامانثا أوتس من جامعة برمنغهام في المملكة المتحدة اكتشافهم في الاجتماع الوطني السنوي لعلم الفلك في المملكة المتحدة؛ إذ سيُنشر أيضًا في الإشعارات الشهرية للجمعية الفلكية الملكية، إضافة إلى ذلك سيكون متاحًا على مزوّد خدمات ما قبل الطباعة أركايف arXive.

صرح عالم الفيزياء الفلكية مات نيكول من جامعة كوينز في بلفاست في أيرلندا فيما يخص دراسة الثقوب السوداء: «لقد تطور إدراكنا لماهية الأشياء المختلفة التي يمكن للثقوب السوداء فائقة الكتلة فعلها بصورة كبيرة في السنوات الأخيرة بتطور إدراكنا لاكتشاف كيفية انفجار النجوم وتراكم الثقوب السوداء ذات الأضواء المتغيرة بصورة كبيرة».

وأضاف مات نيكول: «إن تكوّن الثقب الأسود J221951 أحد أكثر الأمثلة تطرفًا ومفاجأة على تكون الثقوب السوداء التي شهدناها إلى الآن».

تكمن الثقوب السوداء في مراكز المجرات، لكنها ليست نشطة دائمًا؛ إذ إن بعض الثقوب السوداء مثل (Sagittarius A*) في مجرة درب التبانة تكون هادئة نسبيًا، ويُعزى ذلك إلى عدم وجود مواد كافية في محيطها لتغذيتها بمعدلات كبيرة. في حين يكون نشاط الثقوب السوداء الهائلة مختلفًا باختلاف المقاييس الزمنية الكونية؛ إذ تتبدل حالاتها استنادًا إلى ما يتوفر لها من مواد متاحة لتغذيتها.

اكتُشف الثقب الأسود العملاق في أثناء بحث أوتس وزملائها عن نوع مختلف من التوهج العابر ى، ما يُعرف بحدث كيلونوفا الذي يحدث عند اندماج نجم نيوترون وثقب أسود في نظام ثنائي. على الرغم من أن لون توهجه صحيح، فإن الإشارة القادمة من J221951 كانت في الاتجاه الخاطئ؛ إذ إن بعد تلاشي توهج حدث كيلونوفا الذي دام بضعة أيام بقي توهج J221951 مستمرًا مدة أطول من مدة توهج كيلونوفا بكثير.

ما لفت انتباه الباحثين أيضًا تمكنهم من اكتشاف فروقات واضحة للتوهج عما رُصد سابقًا؛ إذ قطع التوهج مسافةً أبعد مما كان يقطعها وفق تقديرهم بنحو 10 مليارات سنة، في حين أن المسافة التي كان يقطعها قُدرت بنحو 500 مليون سنة، ما يعني أنه تجاوز مركز المجرة.

على الرغم من أن التوهج كان ساطعًا بصورة تجعله لا يتوافق مع انفجار واحد، فإن التوهج المستمر الناتج عن المواد التي تدور حول البيئة القاسية خارج ثقب أسود يكون شديدًا عند سقوط تلك المواد على سطحه.

إضافة إلى أن التوهج الفجائي وكمية الضوء يشيران إلى أن الثقب الأسود بدأ يتغذى فجأة من كميات هائلة من المواد، بالتالي انتقاله من حالة الهدوء النسبي إلى النشاط الناري.

طرح الباحثون تفسيرين محتملين لما حدث:

الأول يفترض أن الثقب الأسود بدأ يتغذى من مادة تدور في قرص حوله اقتربت بما يكفي لجعل الثقب الأسود ينزلق نحو الأسفل محولة إياه إلى ما يُعرف باسم نواة المجرة النشطة.

الثاني يفترض اقتراب النجم كثيرًا من الثقب الأسود، ما أدى إلى تحطمه وتراكمه بفعل جاذبية الثقب الأسود الأمر الذي من شأنه أن يؤدي إلى ظاهرة تُعرف بحدث اضطراب المد والجزر.

بحسب بيان عالمة الفلك أوتس تقول: «سنتمكن مستقبلًا من الحصول على أدلة مهمة تساعدنا في التمييز بين حدث اضطراب المد والجزر وبين سيناريوهات أخرى لنواة المجرة النشطة محتملة الحدوث».

وأضافت أوتس: «إذا كان الثقب الأسود J221951 مرتبطًا بنواة مجرية نشطة، فإننا نتوقع أن تتوقف عن التلاشي وزيادة سطوعها مجددًا. في حين إذا كان J221951 ناجمًا عن حدثٍ لاضطراب المد والجزر، فإننا نتوقع استمراره في التلاشي. إضافة إلى أننا سنكون بحاجة إلى استمرار مراقبته خلال الأِشهر القليلة المقبلة وقد تمتد فترة المراقبة إلى سنوات لمعرفة سبب استمراره بالتلاشي».

اقرأ أيضًا:

ناسا تسجل صوت ثقب أسود

ثقب أسود نادر أكبر من الشمس بنحو مليار مرة قد يغير آلية فهمنا لكيفية تشكل المجرات

ترجمة: علي الذياب

تدقيق: ريمي سليمان

المصدر