من المعروف أن النوم يسمح للحيوانات بتجديد نشاطها وتعزيز ذكرياتها، وأن نوم حركة العين السريعة «REM» -وهي مرحلة غامضة من النوم تحلم خلالها الحيوانات- يلعب دورًا هامًا في الحفاظ على الصحة النفسية والجسدية، ولكن الآليات الجزيئية الكامنة وراء هذه الحالة لا تكاد تُفهم.

الآن، حدّد فريق بحثٍ دوليّ بقيادة باحثين في مركز (رايكين – RIKEN) لأبحاث ديناميكا النظم الحيوية في اليابان زوجًا من الجينات التي تنظّم مقدار نوم حركة العين السريعة، ونوم حركة العين غير السريعة، اللتين يمرّ بهما الحيوان.

النوم سلوكٌ عامٌّ وأساسيّ لدى الحيوانات، ويُصنَّف إلى مرحلتين في الفقاريات العليا مثل الثدييات والطيور: نوم حركة العين السريعة «REM»، ونوم حركة العين غير السريعة «Non-REM».

أثناء نوم حركة العين السريعة يكون الدماغ نشِطًا مثلما يكون أثناء الاستيقاظ، ويُعتقد أن هذه المرحلة تعمل على تعزيز الذاكرة.

على الرغم من أن معرفتنا بالآليات العصبية الكامنة وراء النوم قد تقدّمت تدريجيًا، إلا أن العوامل الجزيئية الأساسية التي تنظّم نوم حركة العين السريعة ما زالت غير معروفة.

ومع ذلك، حدّد الآن فريق بحثٍ بقيادة هيروكي أويدا في مركز رايكين لأبحاث ديناميكا النظم الحيوية وجامعة طوكيو اثنين من الجينات الأساسية المشاركة في تنظيم نوم حركة العين السريعة.

عندما حُذف كلا الجينين لدى فأر، انخفضت كمية نوم حركة العين السريعة بشكلٍ كبير حتى وصلت إلى مستوياتٍ غير قابلة للاكتشاف تقريبًا، نُشرت هذه الدراسة بواسطة مجلة «Cell Reports» في 28 أغسطس.

وقد اقترحت العديد من الدراسات السابقة أن الأسيتيل كولين -أول ناقل عصبي تم تحديده- ومستقبلاته مهمان لتنظيم نوم حركة العين السريعة.

يُطلَق الأسيتيل كولين بكثرة في بعض أجزاء دماغ الثدييات أثناء نوم حركة العين السريعة وأثناء الاستيقاظ.

ومع ذلك -بسبب تعقيد الشبكة العصبية المسؤولة- لم يكن واضحًا أيُّ مُستقبِلٍ أو مستقبلات تشارك بشكل مباشر في تنظيم نوم حركة العين السريعة.

في هذه الدراسة، استخدم الباحثون أدواتٍ جينية متطورة لتعديل جينات الفئران، وإجراء الفحوصات الجينية لاكتشاف العوامل التي قد يسبّب تثبيطها اضطراباتٍ في النوم.

بعد حذف عددٍ من الجينات التي ترمِزُ لمستقبلات الأستيل كولين المختلفة، وجد الباحثون أن فقدان اثنين من تلك المستقبلات -يُطلق عليهما Chrm1، وChrm3- ينتج حالة نومٍ قصيرة لدرجةٍ غريبة، يُوزَّع هذان المستقبلان على نطاقٍ واسعٍ في مناطق الدماغ المختلفة.

وقد أدى حذف «Chrm1» إلى تجزئة وخفض معدل نوم حركة العين السريعة، في حين خفّض حذف «Chrm3» مدة نوم حركة العين غير السريعة.

عندما حُذف كلا الجينين، فشلت الفئران بشكلٍ كامل تقريبًا في اختبار نوم حركة العين السريعة، لكنها مع ذلك نجت.

تُعتبر مستقبلات الأستيل كولين Chrm1، وChrm3 (موضَّحين كعفريتي النوم 1 و3) ضروريةً لنوم حركة العين السريعة «REM» (الأحلام)، في هذا الوصف البصريّ للدراسة، تساعد المستقبلات الفأر أن يحلم بقطةٍ نائمة وميشيل جوفيت (1925-2017) رائد دراسات نوم حركة العين السريعة.

ويضيف ياسوتاكا نيوا، المؤلف الأول المشارك في الدراسة: «إن النتيجة المدهشة أن الفئران حية على الرغم من الفقدان الكامل تقريبًا لنوم حركة العين السريعة، ما يسمح لنا بالتحقّق بدقة من أن نوم حركة العين السريعة يلعب دورًا حاسمًا في الوظائف الحيوية الأساسية مثل التعلم والذاكرة».

تشير هذه النتائج بقوةٍ إلى أن هذين المستقبلين ضروريان لتنظيم النوم، خاصةً نوم حركة العين السريعة، ويعملان بطرق مختلفة.

يقول أويدا: «إن اكتشاف الدور الرئيس لـ Chrm1، وChrm3 في نوم حركة العين السريعة يفتح الطريق لدراسة الآليات الخلوية والجزيئية الأساسية، ويسمح لنا في نهاية المطاف بتحديد حالة نوم حركة العين السريعة، والتي كانت متناقضةً وغامضة منذ التقرير الأصليّ عنها».


  • ترجمة: كيرلس يوسف نجاح
  • تدقيق وتحرير: تسنيم المنجّد
  • المصدر