في دراسة حديثة اختُبرت نتائجها على الفئران، أظهر الباحثون دور ببتيد معدل في مساعدة أدوية السرطان على عبور الحاجز الدماغي الدموي، الذي يشكل عائقًا كبيرًا عند معالجة سرطان الدماغ، نظرًا إلى صعوبة اختراقه.

يقول المؤلف الرئيس للدراسة شون لاولر، الأستاذ في قسم علم الأمراض والطب المخبري من جامعة براون: «لم يقتصر نجاحنا على إدخال الدواء إلى الدماغ، بل امتد إلى إيصاله بتركيز قادر على قتل الخلايا السرطانية».

تُعد سرطانات الدماغ الخبيثة من أشد أشكال السرطان فتكًا إضافةً إلى صعوبة علاجها، وأكثرها شيوعًا هو الغرن الدبقي شديد العدوانية، الذي يعيش معظم المصابون به 15 شهرًا فقط بعد التشخيص. كان التقدم في علاج هذا الورم وتحسين مدة البقاء بعد تشخيصه على مدار السنوات العشرين الماضية ضئيلًا بدرجة محبطة.

يقول لاولر: «تكمن أهمية الاكتشاف في أن نتمكن من التوصل إلى مقاربات جديدة لعلاج المصابين بأورام دماغية وخيمة».

يُعد إيصال المادة الدوائية عبر الحاجز الدماغي الدموي أحد أهم التحديات المتعلقة بعلاج سرطان الدماغ. يتكون هذا الحاجز من شبكة من الأوعية الدموية والأنسجة المكونة من خلايا متقاربة، إذ يحمي الدماغ من المواد الضارة. لذلك لا تتمكن الأدوية المضادة للسرطان من اختراق الحاجز بالقدر الكافي لتحقيق أثر علاجي في الأورام، إذ عجزت الأدوية التي أثبتت فعاليتها في علاج أنواع السرطانات الأخرى عن التأثير في سرطان الدماغ، لعدم قدرتها على عبور الحاجز الدماغي الدموي على الأرجح.

يقول لاولر: «يطرح ذلك السؤال: كيف نوصل الدواء بكمية كافية إلى الدماغ من أجل تحسين النتائج العلاجية؟».

ركز الباحثون على ببتيد -سلسلة من الأحماض الأمينية المرتبطة بروابط كيميائية- محدد يملك قدرة جوهرية على عبور الأغشية واختراق الأنسجة. عدل الباحثون الببتيد بإضافة مشبك بين سلسلة الأحماض الأمينية، يساعد على تثبيت بنية الببتيد وتدعيمه ودمج جزيئات الفلور، استنادًا إلى ما توصلوا إليه سابقًا من إمكانية نجاح هذا التصميم في تحسين عبور الببتيد للحاجز الدماغي الدموي.

يقول لاولر: «لم تقتصر فعالية الببتيد المعدل على عبور الحاجز الدماغي الدموي، بل امتدت إلى إطالة مدة بقائه في الجسم. ثم تمكنّا من ربط الببتيد بدواء مضاد للسرطان وتجربته على نماذج فأرية للغرن الدبقي، وهنا تجلت أهمية الاكتشاف».

يرى الباحث المشارك خورخي ماسياس أن الدراسة تفتح آفاقًا جديدة، قال: «تمكننا هذه التقنية الجديدة من اختبار أدوية لم تُستخدم سابقًا في علاج الغرن الدبقي، لعجزها عن عبور الحاجز الدماغي الدموي».

صمم الباحثون تجربةً قبل سريرية على الفئران عوضًا عن البشر، قارنوا فيها الدواء مرتبطًا بالببتيد، بالدواء ذاته مرتبطًا بالببتيد المعدل الحلقي العابر للحاجز (M13)، لدى فئران مصابة بأورام دماغية.

في تجربة لاحقة، قدر الباحثون تركيز الدواء اللازم لقتل الخلايا السرطانية، على أن يكون في الوقت ذاته آمنًا كي لا يؤذي فئران التجارب، وأُجريت دراسة علاجية لاختبار هذه المتغيرات.

أظهرت نتائج الدراسة أن موت الخلايا بفعل الدواء موضع الدراسة تركز أساسًا على الخلايا السرطانية دون المناطق السليمة في الدماغ، للمرة الأولى يوضح الباحثون استخدام نظام الببتيد لإيصال دواء مضاد للسرطان إلى الدماغ في وجود المرض، وفقًا لماسياس.

قال ماسياس: «أظهرنا للمرة الأولى أن ربط الدواء المضاد للسرطان بالببتيد المعدل أدى إلى التوصل إلى جرعات من الدواء أكثر فعالية بعدة أضعاف مقارنةً بالدواء منفردًا، ما قد يؤدي إلى إطالة مدة البقاء بدرجة ملحوظة».

وفقًا للدراسة، زادت مدة البقاء لدى الفئران المعالجة بالببتيد المطور بنسبة 50%.

أبدى لاولر تفاؤله بالأبحاث القادمة، قال: «هذه محاولتنا الأولى فقط، ونرى أننا سنتمكن من تطوير العلاج وتحسين مدة البقاء بدرجة ملحوظة بمزيد من التعديل على الدواء ونظام التوصيل».

اقرأ أيضًا:

تم الحد من ديمومة سرطان الدماغ بتقنية التعديل الجيني كريسبر

يمكن لحذف بروتين واحد أن يوقف سرطان الدماغ

ترجمة: رضوان مرعي

تدقيق: بشير حمّادة

المصدر