يبدو أن بعض الخلائط الثمينة قد تسهم في توفير قيمة إضافية لمنتجات النبيذ وليس السبب لمعانها! إذ توصّلت دراسة جديدة إلى أن جزيئات الذهب النانوية توفر (سطحًا ذكيًا) يستطيع الاختلاط مع مركبات الكبريت في النبيذ وتحسين نكهاتها. ولن تشكل هذه المعالجة تكلفة زائدة لأن إعادة استخلاص جسيمات الذهب وجزيئاته ممكنة، ما يتيح استخدامها مرة أخرى مرارًا.

يشتهر مزارعو النبيذ في جنوب أستراليا حاليًا بإنتاج نبيذ كابيرنت ساوفيجنون المتوسط السعر، والذي تغلب على الآلاف من المنافسين ذوي الأسعار المرتفعة في أحد البطولات المتخصصة بالنبيذ، ويعود ذلك لعدة أسباب، أهمها أن أستراليا استثمرت بكثافة في زراعة الكروم بطريقة علمية، وتطوير الأدوات لمعالجة الأمراض ومواجهة نقص المياه.

ويعمل معهد أبحاث النبيذ الأسترالي بجامعة فليندرز حاليًا على مهمة جديدة، وهي إزالة الشوائب الغير مرغوب فيها، وخاصة مركبات الكبريت. وقد أُعلن عن ذلك في ورقة علمية عبر المجلة الإلكترونية المتخصصة بعلوم الأغذية NPJ Science of Food.

فبحسب عمل الدكتورة أغنيسكا ميرشينسكا فاسيليف وزملائها، بالوسع تغطية أسطح النبيذ ببوليمر بلازما وتعليق جزيئات ذهب بها بسماكة 68 نانومتر. ومع إن الذهب معدن غير نشط، فإن الجزيئات ترتبط بقوة بمجموعة متنوعة من مركبات الكبريت مثل كبريتيد الهيدروجين (غاز البيض الفاسد) والجزيئات الأكثر تعقيدًا مثل الميثانثيول (CH3SH).

قالت ميرشينسكا فاسيليف في بيان لها: «تتمثل إحدى الفوائد الرئيسية للتقنية الجديدة في سهولة تطبيقها واسترجاع المواد لاستخدامها مرة أخرة. إنها عملية متكونة من خطوة واحدة فقط، إذ يُضاف السطح الذكي مباشرة إلى النبيذ وبالوسع إزالته بعد فترة زمنية معينة». يرى الباحثون إمكانات مستقبلية في إضافة الأسطح النانوية إلى المواد المعبئة والمغلفة، فضلًا عن أجهزة الترشيح.

يعد الكبريت عنصرًا مهمًا في الكثير من الأغراض، ولكن بسبب رائحته الكريهة جدًا، يرتبط بالجحيم والشيطانية في الثقافة الغربية، فقد تفسد كميات صغيرة منه الطعام، خاصةً الأنواع الحساسة منه مثل النبيذ، ويبذل بائعو النبيذ الكثير من الجهد والمال للتقليل منه في النبيذ قدر الإمكان. المشكلة معقدة لأن بعض مركبات الكبريت المتطايرة تساهم في خلق بعض الخصائص للنبيذ، ما يجعله مرغوبًا أكثر.

يُضاف النحاس حاليًا إلى الخمور لإزالة مركبات الكبريت، مع إنه يترك طعمًا خاصًا به غير مرغوب فيه، وله تركيزات قانونية قصوى في الأسواق الرئيسية بسبب المخاوف الصحية.

في 12 تجربة، أزالت الأسطح النانوية نفس الكمية أو أكثر من كبريتيد الهيدروجين في كل من النبيذ الأبيض والأحمر مقارنةً بذرات النحاس، لكن الاختلافات نادرًا ما كانت ذات دلالة إحصائية. وفي الوقت نفسه، لم تؤثر الجسيمات النانوية في مركبات الكبريت المرغوبة.

اختير الذهب لأنه التحكم في خصائصه على المستوى النانوي سهل، ولأنه معروف بارتباطه بروابط الكبريت والهيدروجين. ومساحة السطح الكبيرة بالنسبة لحجم الجسيمات النانوية تعني أن الكميات الصغيرة تستطيع التقاط الكثير من المركبات، وعليه فإن تكلفة الذهب صغيرة، حتى بغض النظر عن إمكانية التكرار وإعادة الاستخدام.

ويعد الموضوع جذابًا بالنسبة لأولئك الذين يحاولون إظهار ثرواتهم بإهدار الموارد، إذ يستخدمون كميات لا بأس بها من الذهب.

اقرأ أيضًا:

ما هو معدن الزنجفر؟

كيف تمكن الباحثون من فصل المياه إلى سائلين مختلفين، ولماذا؟

ترجمة: أحمد عضيم

تدقيق: هاجر القفراشي

مراجعة: محمد حسان عجك

المصدر