الروبوتات الحيوية ، هي مجموعة من الأعمال الميكانيكية التي تُستوحى تصاميمها من المخلوقات الحية ، مثل الروبوت الشبيه بالفهد الصياد الذي يستطيع الجري لمسافات طويلة بسرعة عالية نسبيًا. وتستوحى تفاصيل تلك الروبوتات من الحيوانات في الطبيعة.

نظرة تاريخية

ليس عظيمًا وجود اختراعات ذات تصاميم حيوية، فهي موجودة منذ ما يقارب (2000 عام)، إذ ظهرت البداية -كما في كثير من اختراعات عصرنا الحديث- في اليونان القديمة، عندما صمم بطل الإسكندرية، أورغن من أنابيب، وعرضًا مسرحيًا من أجزاء ميكانيكية تُشغَل عن طريق دولاب هوائي، كذلك عندما نفذ المخترع العربي (بديع الزمان الجزري) في القرن الثالث عشر مجموعةً من التصاميم الهايدروليكية، من أمثلتها: ساقيةٌ آلية تقدم المشروبات، ومجموعة موسيقية مكونة من أربعة عازفين آليين بالكامل على ظهر زورق يطفو على الماء.

الروبوتات الحيوية روبوتات تشبه الحيوانات الأعمال الميكانيكية الحيوية الروبوت الشبيه بالفهد الصياد روبوتات حديثة الحيوانات الميكانيكية

وظهر في القرن الثامن عشر والقرن التاسع عشر دُمًى ميكانيكية في اليابان تُدْعى (الكاراكوري)، وصمَّم في القرن الثامن عشر -أيضًا- المهندس الفرنسي (Jacques de Vaucanson) مجموعةً من الاختراعات، من أشهرها: عازف الفلوت الميكانيكي، والبطة الميكانيكية الشهيرة.

ومن الاختراعات الشهيرة أيضًا في أواخر القرن الثامن عشر ما تدعى بـ آلة (Draughtsman) الكاتبة، لمخترعها (Henri Maillardet)؛ وهي آلة بإمكانها كتابة مجموعة من القصائد، ورسم مجموعة من الصور.

كان هناك مع بداية عصر السيبرانية في أواخر الأربعينيات، وبداية الخمسينيات، مجموعة كبيرة من الآليات الإلكتروميكانيكية، التي صُمِمت لتقلّد العمليات الحيوية للكائنات الحية، وأحد أكثر الأمثلة شهرة وأقربها للروبوتات الحيوية، هما: السلحفاتان الآليتان (Elsie) و (Elme) لمخترعهما (Walter Grey).

كان والتر فزيولوجيًا قدّم العديد من الإسهامات الهامة في تطوير تخطيط الدماغ الكهربائي والنيوروفزيولوجية السريرية. كانت سلاحف والتر، روبوتاتٍ متحركةً ذات هيكل صلب، تعمل بواسطة محرك وعجلات، إضافةً لامتلاكها مصباحًا وحساس ضوء، وحساس لمس يستجيب عند اصطدام الهيكل بالعوائق، ويتم التحكم بتصرفات الروبوتات عن طريق دارة كهربية تشبه شبكةً من الخلايا العصبية.

أظهر تقرير عن الروبوتات مجموعةً من التصرفات، مثل: اكتشاف البيئة المحيطة، وتجنب العوائق، والانجذاب، والنفور من الضوء. مع أن الهدف الأساسي من هذه الروبوتات كان مساعدة (والتر) في فهم نظرياته عن الدماغ البشري، أصبحت مصدر انبهار للمخترعين -كما هو معهود عند الآلات قديمًا.

زُرعت بذور عصر نهضة الروبوتات الحيوية بين ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي، وكان أحد أهم هذه الأحداث وضع العالم (Rodney Brooks) أعماله المختصة بتصرفات الروبوتات، إذ أوضح أن بعض التصرفات البَدَهِية والمرنة، قد تنتج من الروبوت عن طريق تفاعل مكوناته مع البيئة المحيطة به، موضحًا نقاطه بجعل بعض الروبوتات تتحرك بطرق تشبه طرق حركة الحشرات.

المبادئ الرئيسة

تتكون علوم الروبوتات الحيوية من مسعيين مختلفين، هما: استيحاء الروبوتات من الكائنات الحية، والنمذجة الحيوية. يملك هذان المسعيان أهدافًا ومعايير مختلفة للنجاح، مع أنه من الممكن أن يمتلك مشروع واحد نقاطًا في كلا المسعيين، ولكن من المهم تحديد النواحي المختلفة وأهداف المشروع؛ كي يعود بالفائدة العلمية على كل منهما.

الروبوتات الحيوية روبوتات تشبه الحيوانات الأعمال الميكانيكية الحيوية الروبوت الشبيه بالفهد الصياد روبوتات حديثة الحيوانات الميكانيكية

أما بالنسبة لاستيحاء الروبوتات من الكائنات الحية، فالهدف منه تكنولوجي بحت، كونه ينظر للطبيعة بصفتها مصدرًا للإلهام، سواء أكان في تصميم، أو تصرفات الروبوتات، أو حتى طريقة عمل جهازها العصبي.

تمتلك الكائنات الحية -الحيوانات مثلًا- مرونةً ومتانةً فائقتين في مواجهة التغيرات البيئية من حولها. هناك درجات مختلفة من استيحاء التصاميم من الطبيعة في الروبوتات، تتراوح من التشابه العام حتى المحاكاة الكاملة في التصرفات.

وفي الجهة الأخرى، تهتم النمذجة الحيوية بفهم ميكانيكية التصرفات الحيوانية، ومثل أي نموذج حيواني يمكننا الحكم على جودته بدرجة تفسيره للتصرفات الحيوانية، وتفسيره للبيانات العصبية الحيوية.

بات من الواضح حاليًا أن ميكانيكية تصرف الحيوانات يجب أن لا تُستوحى من الأجهزة العصبية للحيوانات فقط؛ بل يجب أن تُستَقى أيضًا من أجسادها، ومن البيئة المحيطة بها، ومن التفاعل الديناميكي بين هذه المكونات الثلاثة مع بعضها بعضًا.

إن أحد أهم نقاط تفوُّق نماذج النمذجة الحيوية على نظيرتها النماذج المحسوبة باستخدام الحاسب الآلي، هي قلة تكلفتها بشكل عام، وعمومًا، إن أحد أهم صعوبات تكوين النماذج الحيوية، هي التأكد من صلة خصائص الروبوت البدنية، والحسية، والحركية مع النموذج الحيواني المشتقةِ منه.

مثالان

ظهر في السنوات الأخيرة، طفرة في مجال الروبوتات الحيوية، خصوصًا مع ظهور أعضاء روبوتية حيوية، مثل: الحبال الصوتية، وفك الأسنان، وقرنية العين، والوجوه التعبيرية، إضافةً إلى ظهور الروبوتات المشتقة من الحشرات، مثل: الديدان، والنمل، والذباب، وأيضًا مجموعة من الروبوتات الحيوية المشتقة من الحيوانات، مثل: الديناصورات، والخفافيش، والقرود، والإنسان.

من الأمثلة الحديثة على الروبوتات المستوحاة من المخلوقات الحية، هو روبوت من تصميم العالم (Spenko) وزملائه، إذ قاموا بتصميم روبوت متسلق سداسي الأقدام، تمت تسميته بـ (RiSE)، يُحْكِم هذا الروبوت قبضتَه على الأسطح المسطحة، باستخدام تقنيات مستوحاة من شكل أقدام الوزغة، وتقنيات الإمساك في أشواك الحشرات ومخالبها، واعتمد تصميمه على مجموعة من الخصائص في أجساد الحيوانات المتسلقة مثل:

1- جسد مفلطح يبقي الجسم قريبًا من السطح، ويخفف الزخم الخلفي.

2- الأطراف الأمامية تسحب للداخل، والأطراف الخلفية تدفع للخارج؛ للتقليل من الزخم.

3- الجسد الطويل يخفف قوة السحب الداخلية المبذولة من الأطراف الأمامية.

4- القوى الجانبية تعمل نحو الداخل باتجاه المحور المركزي للجسم.

5- الأقدام المتوافقة، وهي التي تحتوي على كاحل وأصابع؛ لتوزيع قوى الاتصال.

تملك أقدام الروبوت الست درجتين من الحرية، إضافةً لامتلاكه ذيلًا ثابتًا يضغط على السطح، ويخفف من القوة اللازمة للالتصاق، كما يمتلك أيضًا عددًا من حساسات الحركة، مثل: حساس قوة السحب، وحساس قوة الالتصاق، ولقد أظهر صانعو هذا الروبوت قدرته على تسلق العديد من الأسطح العمودية والأفقية، مثل: تسلق الأشجار، والجدران الإسمنتية.

الروبوتات الحيوية روبوتات تشبه الحيوانات الأعمال الميكانيكية الحيوية الروبوت الشبيه بالفهد الصياد روبوتات حديثة الحيوانات الميكانيكية

يكمن أحد أقوى الأمثلة فيما يخص النمذجة الحيوية في فهم الديناميكية الهوائية لطيران الحشرات، إذ إن القوانين الحالية تفسّر طيران الحيوانات الأكبر حجمًا، لكنها تفشل في تفسير هذه الظاهرة لدى الحشرات؛ نظرًا لصِغَر حجم الجناح، وسرعات الطيران البطيئة، وسرعة تحرك الأجنحة العالية.

حديثًا أنشأ (Dickinson) وزملاؤه نموذجًا حيويًا استطاع تفسير ديناميكية الطيران لدى الحشرات إلى حد ما، وصمم روبوتًا يملك أجنحةً بطول (60) سم مستوحى من تصميم جناح ذبابة الفاكهة، ثم غمر هذا النموذج في الزيت المعدني، وبإضافة حساسات للحركة على أطراف الأجنحة، وإضاءة كاملة للخزان؛ لمعرفة طريقة تحرك فقاعات الهواء المغمورة بالزيت حول أجنحة النموذج، اكتشف (Dickinson) وزملاؤه ثلاث قوى رئيسة تحكم طيران الحشرات، وهي:

أولا: تتشكل دوامات صغيرة من الهواء في طرف الجناح أثناء الخفقة ما ينتج قوة رفع.

ثانيا: تنتُج المزيد من قوى الرفع من دوران الهواء حول الأجنحة نتيجة الدوران السريع في بداية ونهاية كل خفقة.

ثالثا: تتولد قوًى إضافية مع بداية كل خفقة للأعلى وللأسفل ناتجة عن التقاء الجناحين في الخفقة السابقة.

الروبوتات الحيوية روبوتات تشبه الحيوانات الأعمال الميكانيكية الحيوية الروبوت الشبيه بالفهد الصياد روبوتات حديثة الحيوانات الميكانيكية

لقد سُمِّيت هذه الميكانيكية بـ (Wake Capture)، ونظرًا لأهمية دوران الجناح في هذه الميكانيكية، يقترح هذا النموذج أن أقل التفاصيل في حركة الأجنحة يمكن استخدامها للسيطرة على اتجاه الطيران.

اقرأ أيضًا:

الهيئة الأمريكية للغذاء والدواء تحذر من استخدام الروبوت لاستئصال سرطان الثدي

روبوت يتّضح أنه كان رجلًا في بذلة

مهندس عمره 28 عامًا يبني روبوتًا بإمكانه إنقاذ 7.5 تريليون لترٍ من مياه الشرب المفقودة

كلمة واحدة ستقنع من تتحدث معه بأنك لست روبوت

حين الروبوتات وظائفنا، من سيكون أكبر الخاسرين؟

عشرة تحدياتٍ كبيرة تواجه الروبوتات

ترجمة: صالح الشيخ

تدقيق: أسماء العجوري

المصدر