ليس المعلمون والفنانون فقط من يراودهم هاجس تدخل الذكاء الاصطناعي والروبوتات في أعمالهم، لكن يشاركهم في ذلك المصلون الهندوس أيضًا، الذين أُدخلت الروبوتات في أقدس طقوسهم الهندوسية.

استخدام الروبوتات في الطقوس الدينية ليس أمرًا جديدًا:

استُخدمت الروبوتات في الطقوس الدينية منذ القدم في جنوب آسيا، إذ لطالما استُخدمت الأواني التي تقطر الماء في طقس «أبيشيكا»، وهو طقس الاغتسال الذي يؤديه الهندوس روتينيًا لتماثيل الآلهة. أيضًا العجلات التي تعمل بقوة الرياح في الصلوات البوذية التي نراها في المحال التجارية وصالات ممارسة اليوجا.

يقول الباحث في السنسكريتية والناقد الأدبي «ثانيسوار سارما»: «إن أول ظهور للروبوت كان في قصص الملك «مانو»، أول ملك للجنس البشري في العقيدة الهندوسية. إذ بنت «سارانيو» والدة مانو -وابنة مهندس معماري كبير- تمثالًا متحركًا لأداء جميع أعمالها المنزلية وطقوسها الدينية».

«توجد أمثلة أخرى من ملاحم هندوسية تتحدث عن عربات حرب آلية صنعها الإله الهندوسي المهندس «فيسفاكارمان»، وتُعد أسلاف الروبوتات الدينية الحالية»، بحسب قول عالم الفولكلور «أدريان مايور».

يستند أحيانًا القوميون المعاصرون إلى هذه القصص دليلًا على أن الهند القديمة اخترعت سابقًا كل شيء، من المركبات الفضائية إلى الصواريخ.

ذراع آلية لأداء الطقوس الهندوسية:

أعلنت شركة تكنولوجيا في الهند عن روبوت على هيئة ذراع لأداء طقوس دينية تُسمى «آرتي»، يقدم فيها أحد المتعبدين مصباحًا زيتيًا إلى الإله بغرض إزالة الظلمة.

كُشف عن الروبوت في مهرجان «جانباتي»، حيث يتجمع ملايين الأشخاص في طقس سنوي، إذ يغمرون تمثالًا للإله «غانيشا» – إله برأس فيل- في نهر «مولا موثا» في مدينة «بيون» وسط الهند.

ألهم هذا الروبوت صنع العديد من النماذج الأولية لأداء الطقوس الدينية، إذ يواصل عدد قليل منها أداء الطقوس بانتظام في جميع أنحاء الهند اليوم، إلى جانب مجموعة متنوعة من الروبوتات الدينية الأخرى في أنحاء شرق وجنوب آسيا، منها طقس يُؤديه روبوت على صورة فيل متحرك في معبد في ولاية «كيرالا» جنوب الهند.

جدل بين المؤيدين والمعارضين:

أبرز ذلك الكثير من النقاش والجدل حول استخدام الذكاء الاصطناعي وتكنولوجيا الروبوتات في العبادات، ما بين مؤيد ومعارض.

إذ يرى بعض الأتباع والكهنة أن هذا يمثل أفقًا جديدًا في الابتكار البشري من شأنه أن يؤدي إلى تحسين المجتمع دينيًا، في حين يشعر البعض الآخر بالقلق من أن استخدام الروبوتات لتحل محل الممارسين الدينيين للطقوس هو نذير شؤم للمستقبل.

قال هوالي والترز: «بوصفي عالم إنسانيات متخصص في الأديان، لا أركز كثيرًا على النظرة الدينية لاستخدام الروبوتات في الطقوس، لكن ينصبّ اهتمامي على ما يعتقده الناس بشأن ممارساتهم الروحية. أركز حاليًا في عملي على مفهوم «الأشخاص/الكائنات الإلهية»، إذ يُنظَر إلى الجمادات بوصفها ذات جوهر حي وواع. أراقب أيضًا عدم الارتياح الذي يبديه الهندوس والبوذيون تجاه استبدال الأشخاص بروبوتات تقوم بالطقوس الدينية، وهل سيجلب ذلك المزيد من الأتباع؟».

مخاوف دينية:

استخدام الذكاء الاصطناعي والروبوتات في الطقوس الدينية يثير المخاوف بين الهندوس والبوذيين بشأن شكل المستقبل الذي قد تؤدي إليه تلك الممارسات، وهل يَعِد استخدام الروبوت في الدين بمستقبل تقني جديد ومشرق، أم هو مجرد دليل على نهاية العالم القادمة؟

توجد مخاوف من أن يؤدي انتشار الروبوتات إلى الاعتماد عليها وعزوف الشباب عن تكريس حياتهم للتعليم الروحي ورعاية الآلهة. هذا ما حدث فعلًا، وخصوصًا في جنوب آسيا خلال العقود القليلة الماضية، ونتج عن ذلك المزيد من استخدام الروبوتات، إضافةً إلى الشكوك حول انعكاس الآراء والمعتقدات الشخصية لمهندسي ومبرمجي تلك الروبوتات عن شكل وطبيعة الآلهة الآلية.

الروبوتات أفضل في طقوس عبادة الآلهة من البشر:

يستخدم الناس الروبوتات لأنها لا تخطئ، وغير قابلة للفساد الروحي ومن ثم تصل بالطقوس الدينية إلى درجة الكمال، لكن ليس ذلك فقط ما يُثير قلق الهندوس والبوذيين بشأن استخدام الروبوتات في طقوس العبادة. إذ إن أداء الطقوس الدينية تعطي للمتعبد التأمل في معنى الحياة ومكانه في الكون، إضافةً إلى أن تقاليدهم في العبادات تولي اهتمامًا كبيرًا للسلوك الديني وخدمة المتعبدين، لذا فإن إتقان ما يفعله المتعبد فيما يتعلق بممارسته الدينية ضروري للتقدم الروحي. لا ننسى أيضًا قلقهم من تضاؤل سطوة الكهنة.

خاتمة:

إن استخدام الروبوتات الدينية هدفه إتقان الممارسات المتعلقة بالطقوس في شرق وجنوب آسيا -خاصةً الهند واليابان- بربط إنجاز طقوس متسقة وسليمة وخالية من العيوب مع فكرة دين أفضل.

من المؤكد أن استخدام الروبوتات في الطقوس الدينية للهندوس والبوذيين والأديان الأخرى في جنوب آسيا سيزداد انتشاره مستقبلًا، إذ تتغلب على الضعف البشري المتمثل في التعب أو النسيان أو الغياب أو النوم، ما يعني إنجاز طقوس دينية خالية من العيوب ومن ثم ممارسة دينية أفضل.

اقرأ أيضًا:

روبوت يطهو الطعام، ويتذوقه أيضًا!

باحثون يطورون طريقة لتعليم الروبوتات مهارات جديدة

ترجمة: عمرو أحمد

تدقيق: منال توفيق الضللي

المصدر