يقول معظم الفيزيائيين بأنّ الزمن وهم.

ولكنّ «لي سمولين-Lee Smolin» عالم الفيزياء النظرية في معهد المحيط للفيزياء النظرية في كندا يعارض هذا المعتقد في كتابه «إعادة ولادة الزمن» المنشور في عام 2013، والذي ناقشه في شهر أبريل من تلك السنة، في متحف روبين الفني في حوار مع «وارن مِك-Warren Meck» عالم الأعصاب من جامعة ديوك، ناقش سمولين فكرة أنّ الزمنَ حقيقةٌ وليس وهمًا.

يشرح سمولين:

«إنّ الوقت بالغ الأهمية»، ويكمل: «وفكرتنا أنّ الواقع هو في الدقيقة الراهنة ليس وهمًا، ولكنّه خير دليل على الحقيقة الجوهرية للواقع».

ويقرّ سمولين بأنّه لم يتوصل إلى هذا المبدأ بسهولة، فقد ظن بادئ الأمر كما معظم الفيزيائيين، بأنّ الزمن وهم.

فبالعودة إلى نظرية النسبية العامة لآلبرت آينشتاين نجد أنّ الزمن ما هو إلا بُعدٌ رابعٌ في الكون يعبر من أحد الاتجاهات، وإدراكنا للدقائق التي تمر بتعاقب وانتظام، ليست موجودة إلّا في عقولنا فقط.

وفيما بعد، لم يَعُد سمولين مقتنعًا بأنّ الزمن حقيقة فقط، بل أصبح يعتقد بأنّ هذا المفهوم قد يكون المفتاح لفهم قوانين الطبيعة.

وبحسب رأي سمولين إذا كانت القوانين خارجة عن الزمن، فبالتالي سيتعذر تفسيرها.

وإذا ما أردنا أن نفهم القانون، فيجب على هذا القانون أن يتطور ويتغير، وعلى القانون أن يتبع الزمن.

بالتالي القانون يأتي من الزمن ويتبعه، وليس العكس.

ويعترف سمولين بالآراء المعارضة لفكرته هذه، خاصّة ما يسمّيه سمولين «معضلة قانون ميتا» قائلًا:

«إذا كانت القوانين الفيزيائية تابعة للزمن، وتتطور عبر الوقت، فبالتالي يجب أن يكون هناك قانونًا أعظم، ينظّم هذا التطور.

ولكن ألا يجب أن يكون هذا القانون منفصلًا عن الزمن، لكي يحدد كيف تتغير القوانين مع الزمن؟»

وهذا ما نوّه إليه بعض الفيزيائيين ممّن عارضوا فكرة سمولين، يقول «بيتر وويت-Peter Woit» الفيزيائي في جامعة كولومبيا في مدونته «Not even wrong»:
«إنّ المشكلة التي تكمن في مسألة القوانين التي تتطور مع الزمن، هي أنّك -مخاطبًا سمولين- تشير بنفسك في الكتاب إلى ما تسمّيه بـ (معضلة قانون ميتا).

فأنت في كتابك هذا، تذهب للتخمين قليلًا من أجل حلّ هذه المعضلة، ولكنّني لا أجد إجابة شافية، فأيُّ شرح ستخرج به يحدد كيفية تطور القوانين، لن يمنعني من وصفه بأنّه هو الآخر مجرد قانون».

أقرّ سمولين بأنّ هذه نقطة خلاف، ولكن لم ينفِ وجود حلولٍ ممكنة.

يقول سمولين في متحف روبين:

«لديّ اعتقاد بأنّك تستطيع أن تحلّ معضلة قانون ميتا»، ويكمل: «بل وأعتقد بأن كوزمولوجيا (الكوزمولوجيا: هي علم الأكوان) القرن الواحد والعشرين ستتجه نحو حلّ هذه المعضلة».

مِك وسمولين ناقشا نتائج فكرة الأخير، بما في ذلك فهمنا لوعي الإنسان وإرادته الحرة.

إنّ ما نستخلصه من أنّ الزمن وهم، هو فكرة أنّ المستقبل مقرر ومحسوم كما الماضي.

يقول سمولين:
«إذا افترضنا أنّ المستقبل مكتوب، بالتالي فإنّ أهمّ ما في كوننا هو البشر وهو مجرد وهم أيضًا، تمامًا كالزمن.

وما زلنا نطمح لأن يكون لنا الخيار في الحياة.

لأنّ هذا جزء ثمين من إنسانيتنا.

فإذا كانت الصورة الميتافيزيقية الحقيقية هي أنّ هناك ذرات تتحرك في الفراغ، بالتالي فلا شيء جديد ولا شيء مفاجئ في هذا، هي فقط عملية إعادة تنظيم الذرات.

هناك فقدان للمسؤولية, كما هناك فقدان لكرامة الإنسان».