اكتشف الباحثون حالة جديدة من المادة النشطة. تصف المادة النشطة أو الفعالة الأنظمة التي تستهلك العناصر المكونة الطاقة، وتشمل الأمثلة قطعان الحيوانات وتجمعات الخلايا والمكونات الخلوية للهيكل الخلوي.

يمكن تعريف المادة الفعالة بأنها مادة تتكون من جسيمات نشطة تظهر القدرة على الحركة، أي القدرة على أداء العمل الميكانيكي باستخدام الطاقة الناتجة عن الأيض.

تحتشد الأسماك وتتجمع الحشرات وتطير الطيور في أسراب. بيّن بحث جديد إيجاد نوع جديد على المستوى الأساسي -مستوى الجسيمات- من سلوكيات المجموعة، الذي يشكل حالة جديدة من المادة النشطة، تسمى حالة السويرلون.

تتألف حالة السويرلون من السويرلونات، التي تتكون من مجموعات من الجسيمات النشطة التي تدور حول مركز كتلتها المشترك.

ينص قانون نيوتن الثاني للحركة على أنه كلما زادت القوة المطبقة على جسم ما فإن تسارعه يزداد، وأنه كلما زادت كتلة الجسم ينخفض تسارعه. ينطبق ذلك على المادة غير المؤثرة أو غير الحية، بدءًا من الذرات وصولًا للكواكب. قال نيكولاي بريليانتوف عالم الرياضيات في معهد سكولكوفو للعلوم والتكنولوجيا في روسيا وجامعة ليستر في إنجلترا: «إن جزءًا كبيرًا من المادة في العالم هي مادة نشطة تتحرك بفعل قوتها ذاتية التوجيه. يمكن الكائنات الحية المتنوعة مثل البكتيريا والطيور والبشر أن تتفاعل مع القوى المطبقة عليها، لكن توجد أمثلة على مادة نشطة غير حية أيضًا».

السويرلون.. حالة جديدة من المادة تكسر قواعد الفيزياء - حالة جديدة من المادة النشطة أو الفعالة التي تستهلك العناصر المكونة الطاقة

تتكون الجسيمات النانوية المسماة «جسيمات جانوس» من جانبين لهما خصائص كيميائية مختلفة، والتفاعلات بين الجانبين تنتج حركة ذاتية الدفع.

صمم بريليانتوف وزملاؤه محاكاة حاسوبية للجسيمات التي يمكنها عمل الدفع الذاتي، لتعلم المزيد عن المادة النشطة. قال بريليانتوف إن هذه الجسيمات لم تكن تتفاعل بوعي مع البيئة، بل كانت أقرب إلى سلوك البكتيريا البسيطة أو الجسيمات النانوية ذات المصادر الداخلية للطاقة، دون امتلاك القدرة على معالجة المعلومات.

كانت المفاجأة أن هذه المادة الفعالة تتصرف بطريقة مختلفة تمامًا عن المادة غير الفعالة. قال بريليانتوف إن حالات مختلفة من المادة غير الفعالة يمكن أن توجد معًا. مثلًا، قد يتبخر كوب من الماء السائل تدريجيًا إلى الحالة الغازية مع ترك بعض الماء في الحالة السائلة. أما المادة الفعالة، فعلى النقيض من ذلك، لا توجد بحالات مختلفة معًا، فهي صلبة أو سائلة أو غازية.

تتجمع الجسيمات معًا بشكل تكتلات كبيرة، أو أشباه جسيمات، في نمط دائري حول فراغ مركزي، كدوامة سرب سمك السردين. أطلق الباحثون على تكتلات الجسيمات اسم «السويرلونات»، وأطلقوا على الحالة الجديدة للمادة المتشكلة «حالة السويرلون».

أظهرت الجسيمات سلوكًا غريبًا في حالة السويرلون. مثلًا فإنها قد خرقت قانون نيوتن الثاني، فعند تطبيق قوة عليها، لم يزد تسارعها. قال بريليانتوف: «إنها تتحرك بسرعة ثابتة، وهو أمر مدهش للغاية».

حافظت الجسيمات على سرعتها مثل الأجسام الموجودة في الأوساط اللزجة، تجذب السويرلونات بعضها وتتحد لتشكل سويرلون مشتركًا أكبر، الالتحام بطيء للغاية ما يؤدي إلى حالة نادرة من أشباه الجسيمات غير المتحركة.

أضاف بريليانتوف أن عمليات المحاكاة كانت بدائية، وأن العمل التجريبي بالمادة النشطة على أرض الواقع يُعد الخطوة المهمة التالية. يخطط بريليانتوف وزملاؤه أيضًا لإجراء عمليات محاكاة أعقد باستخدام جسيمات المادة الفعالة القادرة على معالجة المعلومات، إذ ستشبه في سلوكها الحشرات والحيوانات، وستساعد على الكشف عن القوانين الفيزيائية التي تحكم تجمعات الكائنات الحية وأسرابها وقطعانها. قال بريليانتوف إن الهدف في النهاية هو تشكيل مواد ذاتية التجمع من المادة النشطة، ما يجعل من المهم فهم حالات هذا النوع من المادة.

قال بريليانتوف: «من المهم جدًا أن نرى أن طبيعة المادة الفعالة أكثر ثراءً من طبيعة المادة غير الفعالة».

اقرأ أيضًا:

رصد الجسيمات الشبحية النيوترينوات من حطام نجم ممزق

اكتشاف أدلة على جسيم غامض توقعه العلماء منذ عقود

ترجمة: رولان جعفر

تدقيق: إدريس زويتن

مراجعة: أكرم محيي الدين

المصدر