الصيام يقضي على الخلايا السرطانية في حالة الابيضاض اللمفاوي الحاد!


وجد باحثون في جامعة جنوب غرب تكساس الطبية أن الصوم المنقطع يحدّ من تطوّر وتقدّم أحد أنواع اللوكيميا التي تصيب الأطفال إلا أنّ هذه الإستراتيجية لم تُبدِ فعاليتها ضد أنواعٍ أخرى من سرطان الدم التي تصيب البالغين غالبًا.

«لقد بيّنت الدراسة أنّ تأثير الصيام على سرطان الدم متعلقٌ بنوع السرطان كما أنه يوفّر منبرًا لتحديد أهداف جديدة لعلاج سرطان الدم (لوكيميا)» يقول الدكتور شينغ شينغ زانغ Chengcheng Zhang، أستاذٌ مشارك متخصص في الفيزيولوجيا بجامعة جنوب غرب تكساس الذي قاد الدراسة التي نُشرت في مجلة medecine Nature. وأضاف: «لقد حدّدنا كذلك الآلية المسؤولة عن الاختلاف في الاستجابة لعلاج الصيام».

وبيّن العلماء أنّ الصيام يحول دون بداية نوعين من ابيضاض الدم اللمفاوي الحاد(ALL)، الأول الذي يُصيب الخلايا اللمفاوية من نوع B والثاني الذي يصيب الخلايا اللمفاوية من نوع T. إلا أنّ نفس الطريقة (أي علاج الصيام) لم تنفع مع ابيضاض الدم النقوي الحاد (AML) وهو النوع الأكثر شيوعًا عند البالغين.

يقول الدكتور زانغ: «ابيضاض الدم اللمفاوي الحاد -وهو سرطان الدم الأكثر شيوعًا عند الأطفال- يُمكن أن يُصيب الإنسان في أيّ سن، وتتسم العلاجات الحالية بالفعالية في ٩٠٪ من الحالات عند الأطفال، لكن بنسبة ضعيفة جدًا عند البالغين».

وأردف أنّ أنواعًا مختلفة من الخلايا المشتقة من النخاع العظمي مسؤولةٌ عن هذين النوعين من اللوكيميا (أي ALL و AML). ابيضاض الدم اللمفاوي الحاد يصيب الخلايا B والخلايا T؛ وهما نوعان من خلايا الدم البيضاء التي تلعب دورًا في المناعة. في حين أن AML تستهدف نوعًا آخر من كريات الدم مثل الضامّة (macrophage) والخلايا المحبّبة (granulocyte) بالإضافة إلى خلايا أخرى.

في كلتا الحالتين، أي بالنسبة لـ AML و ALL، تتكاثر الخلايا السرطانية التي لم تصل لمرحلة النضج بعد بطريقة غير مسيطر عليها، هذه الخلايا لا تعمل بشكلٍ جيد، وتحلّ محل خلايا الدم السليمة مما يؤدي إلى فقر الدم (الأنيميا) والالتهاب، ويمكنها أيضا أن تتسلل داخل الأنسجة وبالتالي تتسبب في عدة مشاكل.

وقد تمكّن العلماء من تطوير نماذج حية لابيضاض الدم الحاد باستعمال فئران المختبر، وجرّبوا عدّة طرق لتحديد التغذية. واستخدم الباحثون البروتينات الفلورية الخضراء والصفراء لتعقب الخلايا السرطانية وتحديد ما إذا ارتفعت مستوياتها أو انخفضت في الاستجابة لعلاج الصيام. يوضح الدكتور زانغ: «لقد وجدنا أنّ النظام المكوّن من ستّ دورات من يومٍ واحدٍ من الصيام يليه يومٌ واحدٌ من التغذية يحّد تمامًا من تطوّر السرطان، عند نماذج الابيضاض اللمفاوي الحاد ALL models».

عند نهاية سبعة أسابيع لم يتم اكتشاف خلايا سرطانية عند الفئران الخاضعة لنظام الصيام، مقارنة بمتوسط ما يقارب 68% من الخلايا التي تبين أنها خلايا سرطانية عند الفئران التي لم تخضع لنظام الصيام.

و قال أنه بالمقارنة بالفئران التي كانت تأكل بشكل طبيعي، فإنّ القوارض الخاضعة لنظام الصيام بالتناوب عرفت انخفاضًا كبيرًا في نسبة الخلايا السرطانية في النخاع العظمي والطحال بالإضافة إلى انخفاضٍ في أعداد خلايا الدم البيضاء، كما أشار إلى أن الطحال يقوم بتصفية الدم. إضافةً إلى ذلك، بعد علاج الصيام، تبيّن أنّ أحجام الطحال والغدد اللمفاوية عند فئران النماذج ALL مماثلة لغيرها عند الفئران العادية من حيث الحجم.

«وعلى الرغم من أن بعض الخلايا التي كانت سرطانية في البداية عند الفئران الصائمة فقد تبين أنها تتصرف مثل الخلايا العادية بعد مرور سبعة أسابيع».

يقول الدكتور زانغ، ويضيف: «الفئران في مجموعة النماذج الحية للابيضاض اللمفاوي الحاد التي كانت تأكل بشكل عادي ماتت خلال 59 يومًا، في حين أنّ 75% من الفئران الصائمة نجت لأكثر من 120 يوم دون أية علامات لسرطان الدم».

من المعروف أنّ الصيام يخفض من مستوى اللبتين Leptine، وهو هرمون بروتين يلعب دورًا في تأشير الخلية وينتجه النسيج الذهني. بالإضافة إلى ذلك بيّنت دراسات سابقة أنّ مستقبلات اللبتين تتسم بضعفٍ في النشاط عند مرضى الابيضاض اللمفاوي الحاد، مما دفع الباحثين إلى دراسة مستويات اللبتين وكذلك مستقبلات اللبتين عند الفئران النماذج. ووجدوا أنّ مستقبلات اللبتين عند الفئران المصابة بابيضاض الدم اللمفاوي تتسم بدورها بضعف في النشاط، إلا أنه يرتفع بعد الصيام المتقطع.

«لقد وجدنا أن الصيام يخفّض مستوى اللبتين في الدم وفي النخاع العظمي، ويزداد هذا التأثير مع تكرار دورات الصيام. من جهةٍ أخرى، فالسرعة التي تعود بها مستويات اللبتين إلى المعدل العادي تتطابق مع السرعة التي تختفي بها الخلايا السرطانية من الدم»، ويضيف الباحث زانغ أنّ ابيضاض الدم النقوي الحاد AML مرتبطٌ بمستوىً مرتفعٍ من مستقبلات اللبتين الذي لم يتأثر بالصيام، مما ساعدنا على شرح السبب وراء عدم فعالية علاج الصيام ضد هذا النوع من سرطان الدم، كما يقترح الآلية التي يؤثر الصيام بواسطتها على ابيضاض الدم اللمفاوي (عن طريق مستقبلات اللبتين).

كما أشار الدكتور زانغ إلى أهمية معرفة ما إذا كانت الخلايا السرطانية في حالة الابيضاض اللمفاوي الحاد قادرةً على أن تصبح مقاومةً لتأثير الصيام. وما إذا كنا نستطيع إيجاد طرقٍ بديلةٍ تُحاكي الصيام لمنع تطوّر هذا النوع من اللوكيميا. وبما أنّ الدراسة تضمّنت فقط العلاج بالصيام ولم تتضمّن علاجًا بالعقاقير، فإنّ الباحثين يناقشون مع الأطباء إمكانية مواصلة البحث بسرعة إلى التجارب السريرية.


ترجمة: زينب الشقيري
تدقيق: جعفر الجزيري

المصدر