يُعَد اكتشاف الكوكب (TOI 700 d) علامةً فارقة للقمر الصناعي التابع لناسا ، المختص بمسح الكواكب خارج المجموعة الشمسية، والمعروف اختصارًا بـTESS.

أعلن الباحثون في 6 كانون الثاني (يناير) 2020 أن TESS اكتشف لأول مرة كوكبًا بحجم الأرض تقريبًا في المنطقة الصالحة للحياة حول النجم الذي يدور حوله القمر الصناعي، وهو النطاق الذي يسمح بوجود الماء السائل على سطح الكواكب.

وأضاف العلماء أن هذا الكوكب المكتشف حديثًا يبعد 101.5 سنة ضوئية عن الأرض، ما يجعله مرشحًا جيدًا لمتابعة مراقبته باستخدام أدوات أخرى.

وصرح بول هيرتز، مدير قسم الفيزياء الفلكية في مقر ناسا الرئيس بواشنطن: « صُمِّم TESS وأطلق خصيصًا للعثور على كواكب بحجم الأرض تدور حول النجوم القريبة، لأنه من السهل متابعة هذه الكواكب من طريق التلسكوبات الكبيرة في الفضاء وعلى الأرض، ويُعَد العثور على الكوكب (TOI 700 d) اكتشافًا علميًا مهمًّا لـTESS».

يبحث TESS الذي أُطلِق في نيسان 2018 عن الكواكب باستخدام تقنية العبور، التي تعتمد على رصد الانخفاض في سطوع النجوم عندما تمر الأجرام أمام النجم من منظور القمر الصناعي، واستُخدمت التقنية نفسها في تلسكوب Kepler الفضائي التابع لناسا، الذي اكتشف نحو 4000 (أي نحو 70%) من الكواكب المعروفة خارج المجموعة الشمسية.

تصور فني للكوكب TOI 700 d، أول كوكب خارجي مُكتشَف مماثل لحجم الأرض، اكتُشف بواسطة القمر الصناعي المختص بمسح الكواكب الخارجية التابع لناسا

تصور فني للكوكب TOI 700 d، أول كوكب خارجي مُكتشَف مماثل لحجم الأرض، اكتُشف بواسطة القمر الصناعي المختص بمسح الكواكب الخارجية التابع لناسا

عثر TESS على 3 كواكب تدور حول النجم (TOI 700)، وهو قزم أحمر تبلغ كتلته نحو 40% من كتلة شمسنا وعرضه 40% من عرضها وحرارته 50% من حرارتها، الكوكب الأبعد من النجم (TOI 700 b) هو بحجم الأرض تقريبًا ويكمل دورته كل 10 أيام أرضية، أما (TOI 700 c) فهو الكوكب الأوسط وهو أكبر بـ 2.6 مرة من كوكبنا، ما يرجح أن يكون غازيًّا (يشبه أخًا صغيرًا لنبتون) ويكمل دورته كل 16 يوم.

وفق الفريق المُكتشِف يُعَد الكوكب (TOI 700 d) الأقرب على حد معرفتنا هو الأكثر إثارة للاهتمام، فهو أكبر من الأرض بنسبة 20% فقط ويكمل مداره كل 37 يومًا، ويتلقى طاقةً تعادل 86% من الطاقة التي تحصل عليها الأرض من الشمس، ما يجعله صالحًا للحياة.

قد تكون جميع هذه الكواكب مغلقة مدِّيًّا tidally locked بالنسبة لنجمها، أي أنها تُظهر دائمًا نفس الوجه (كما هو حال القمر مع الأرض)، لكن يرى العلماء أن انغلاق المد لا يتعارض مع إمكانية وجود حياة.

قالت رئيسة الفريق إيميلي جيلبرت، الباحثة بجامعة شيكاغو: «طوال 11 شهرًا من البيانات لم نرصد أية توهجات من النجم، ما يحسن من فرص قابلية (TOI 700 d) لاستضافة الحياة، ويسهّل من نمذجة ظروفه الجوية والسطحية».

تكون الأقزام الحمراء عادةً أكثر نشاطًا من الشمس، ولذلك يدور جدل كبير حول قابلية الكواكب المحيطة بها للحياة، إذ قد تسبب التوهجات المتكررة القوية إزالة الغلاف الجوي للكوكب.

ولم يكن TESS وحده الذي رصد أدلةً على وجود (TOI 700 d)، إذ استخدم فريق آخر تلسكوب سبيتزر Spitzer الفضائي التابع لناسا لتأكيد وجود هذا الكوكب.

وصرح قائد الفريق جوزيف رودريغيز، من مركز هارفارد سميثسونيان للفيزياء الفلكية: «نظرًا إلى تأثير هذا الاكتشاف، وأنه أول كوكب بحجم الأرض في منطقة قابلة للحياة يعثر عليه TESS، أردنا أن يكون فهمنا لهذا النظام قويًّا قدر الإمكان. رصد سبيتزر عبور (TOI 700 d) تمامًا في الوقت الذي توقعناه، وهي إضافة عظيمة إلى بيانات المهمة التي ساعدت على تأكيد اثنين من كواكب (TRAPPIST-1) وتمييز 5 كواكب أخرى».

يبعد النجم القزم (TRAPPIST-1) 40 سنة ضوئية عنا، ويستضيف 7 كواكب بحجم الأرض ، 3 منها في المنطقة الصالحة للحياة، ويُعَد هذا النظام مرشحًا رئيسيًّا للمراقبة بواسطة تلسكوب جيمس ويب James Webb الفضائي التابع لناسا، المقرر إطلاقه سنة 2021، والذي يجب أن يكون قادرًا على رصد غازات التخليق الحيوي المحتملة في تلك الأجرام مثل الميثان والأكسجين.

يعد نظام (TOI 700) بعيدًا بعض الشيء، لكنه قريب بدرجة كافية ليخضع للتدقيق بحثًا عن المزيد من التفاصيل مستقبلًا، ويأمل العلماء معرفة المزيد عنه من ملاحظات الأدوات الأخرى، مثلًا يريدون تحديد كتلة (TOI 700 d) بدقة وذلك بقياس تأثير جاذبيته على النجم الذي يدور حوله، فمن دون معرفة الكتلة سيصعب تحديد كثافته، وسيصعب أيضًا معرفة ما إذا كان صخريًّا مثل الأرض.

وقد تخبرنا ملاحظات الضوء المتدفق عبر غلافه الجوي الكثير عن ظروف سطحه، الأمر الذي ما زال لغزًا غامضًا حتى الآن.

وضع فريق ثالث من الباحثين بقيادة غابرييل إنجلمان سويسا، من مركز جودارد لرحلات الفضاء التابع لناسا، بعض النماذج للحصول على احتمالات مختلفة، وحصل على احتمالات واسعة، إذ صورت إحدى عمليات المحاكاة الكوكب مغطى بالمحيط مع جو يسوده ثاني أكسيد الكربون، وفي محاكاة أخرى كان عالمًا جافًّا بلا غيوم.

وقالت إنجلمان: «عندما نحصل على بيانات دقيقة من (TOI 700 d)، سنتمكن من مراجعتها وملاءمتها مع أقرب محاكاة طيفية ومن ثم ربطها بنموذج، وهو أمر مثير للاهتمام لأنه أيًّا كان ما سنكتشفه، سيختلف تمامًا عما لدينا هنا على الأرض».

اقرأ أيضًا:

الأعمدة الغريبة على يوروبا قمر المشتري ناتجة عن قذف بخار الماء

التلسكوب الصيني الضخم المصمم لرصد الحياة في الفضاء يجتاز مرحلة الاختبار

ترجمة: أسامة ونوس

تدقيق: محمد حسان عجك

مراجعة: أكرم محيي الدين

المصدر