يُعد الزرق سببًا رئيسيًّا للعمى في مختلف أنحاء العالم، فهو يحتل المركز الثاني من حيث الشيوع، ونظرًا إلى انتشاره وأهميته، ابتكر الباحثون عدسات لاصقة ذكية التي قد تساعد على علاجه، إذ يمكنها أن تستشعر ضغط العين وتطلق الدواء عند الحاجة. واختُبرت على أعين الخنازير والأرانب.

الزرق مصطلح شامل لمجموعة من الأمراض العينية التي تؤدي إلى تلف العصب البصري، الذي ينقل المعلومات البصرية إلى الدماغ، ومن ثم فقدان البصر والعمى التام لدى ملايين الأشخاص حول العالم.

طور البحث الجديد جهازًا بشكل عدسة لاصقة ذكية، قادرة على اكتشاف التغيرات في ضغط العين وتوصيل الأدوية العلاجية حسب الحاجة. ركزت الجهود السابقة على استشعار تبدلات الضغط داخل العين أو على تقديم الدواء، وليس الاثنين معًا. عادةً ما يتضمن علاج الزرق قطرات العين أو العلاج بالليزر أو الجراحة لتقليل ضغط العين.

مع استمرار العلماء في تجربة أنواع الأجهزة المتطورة لعلاج أمراض العين، يظل الاكتشاف المبكر للزرق والعلاج في الوقت المناسب أمرًا أساسيًا، كتب الباحث المتخصص جيمي شتاينميتز: «إن إيقاف تدهور الزرق أو إبطائه ممكن لدى الغالبية عند الكشف والعلاج المبكرين»، لكن يصعب عادةً اكتشاف الزرق باكرًا، لأن الإصابة تبدأ في الرؤية المحيطية، والأجهزة المستخدمة لتشخيص الحالة لا توفر سوى قياسات سريعة لضغط العين وهو أمر متغير على مدار اليوم.

يؤكد شتاينميتز: «هنا تأتي أهمية تحسين طرق المراقبة، وتسليط الضوء على المخاطر بين أفراد عائلات الحالات، وعلى فعالية الرعاية الطبية بعد بدء العلاج».

تمتاز العدسات اللاصقة الذكية التي توضع بطريقة ملائمة على العين بفعالية كبيرة في علاج أمراض العين، لكن يمثل إدماج الدارات الكهربائية وأجهزة الاستشعار في عدسات لاصقة صغيرة ومرنة ومنحنية ورقيقة للغاية تحديًا هندسيًا، كي ينجح، يجب أن يكون حساسًا بدرجة كافية لاكتشاف تغيرات الضغط، وإطلاق كميات دقيقة من الدواء عند الحاجة، دون إعاقة الرؤية أو تهيج العين.

كتب المهندس تشنغ يانغ من جامعة صن يات سين: «من الصعب وضع نظام علاجي معقد مكون من وحدات متعددة على عدسات لاصقة»، لكن يبدو أن يانغ وزملاءه قد أحرزوا تقدمًا في تصنيع عدسات لاصقة ذكية نموذجية، تحتوي عدة مستشعرات مدمجة داخلها لتجنب تهيج العين المحتمل، وهي مصممة لعلاج الزرق الحاد مغلق الزاوية، وهو نوع أقل شيوعًا من الزرق يحدث نتيجة تراكم مفاجئ أو تدريجي لضغط السائل داخل العين.

وفقًا للباحثين، تغطى العدسات اللاصقة الذكية ذات الطبقتين بدواء مضاد للزرق يُسمى بريمونيدين، في حين تحيط الطبقتان بطبقة رقيقة جدًا من الهواء. تربط طبقة الهواء بدارة كهربائية ناتئة تستشعر التغيرات في ضغط العين إذ يحدث ضغط خارجي على الجيب الهوائي. عند ارتفاع ضغط العين إلى مستوى معين، يحث النظام اللاسلكي تحرير الدواء، الذي يتدفق من أسفل العدسة عبر القرنية إلى العين، مدفوعًا بتيار كهربي، في عملية تعرف باسم الإرحال الأيوني.

كتب الفريق: «هذا التصميم ثنائي الطبقة للعدسات اللاصقة الذكية يُمكّن الهيكل المضغوط من استيعاب المعامل الإلكتروني المتعدد الموضوع في منطقة حافة العدسة اللاصقة، فلا تحجب رؤية مرتديها».

اختُبرت العدسات اللاصقة الذكية على أعين الخنازير والأرانب حتى الآن، والعلماء بصدد المزيد من البحث قبل بدء الاختبارات السريرية على البشر.

أفاد الباحثون أن أجهزتهم يمكنها اكتشاف التغيرات في الضغط داخل العين، وتقديم الأدوية المضادة للزرق عبر الإرحال الأيوني وتخفيض ضغط العين بسرعة كما هو مُصمم. في التجارب، استمر انخفاض ضغط العين لدى الأرنب ولم يرتفع مجددًا كما حدث عند إعطاء بريمونيدين في صورة قطرة عين، لذلك يبدو الأمر واعدًا.

كتب الفريق: «يوفر هذا النظام الذكي وسائل واعدة يمكن توسيعها لتشمل أمراض العين الأخرى».

يقول الباحثون إن طرق التصنيع الخاصة بهم متوافقة مع عمليات التصنيع واسعة النطاق، المناسبة من حيث التكلفة المستخدمة حاليًا لصنع لوحات دارات الكمبيوتر، وبقدر ما يبدو الجهاز غريب الشكل، يمكن صنعه بسهولة نسبيًا، لكن يجب علينا أن نراقب من كثب ما ستظهره الأبحاث.

اقرأ أيضًا:

عدسات لاصقة تتيح للمصابين بعمى الألوان تمييز اللونين الأخضر والأحمر

تعرف على التنكس البقعي المرتبط بالعمر أشيع أسباب العمى في العالم

ترجمة: هيا منصور

تدقيق: أكرم محيي الدين

المصدر