العلاج الشعاعي للسرطان (الجزء الثاني)

جلساته ودورة العلاج ونظام المريض الغذائي والعلاج الشعاعي الداخلي


تكلمنا «بالجزء الأول» عن العلاج الشعاعي للسرطان تعريفه وأنواعه واستخداماته وآثاره الجانبية وجرعاته، وسنتابع حديثنا في هذه المقال عن جلساته ودورة العلاج ونظام المريض الغذائي والعلاج الشعاعي الداخلي.

ما الذي يحدث قبل جلسة العلاج الشعاعي الأولى:

سوف يعقد المريض اجتماعًا مع الطبيب قبل البدء بالعلاج الشعاعي، وفي هذا الاجتماع سيخضع المريض لفحص جسدي ويتم الحديث عن التاريخ الطبي الخاص به، ومن الممكن أن يطلب منه الطبيب إجراء فحوصات وتحاليل معينة، وسوف يناقش الطبيب مع المريض العلاج الشعاعي الخارجي الخاص به والوسائل التي تمكّنه من رعاية نفسه خلال العلاج وبعده، ثم بإمكان المريض أن يقرر فيما إذا كان سيتلقى علاجًا شعاعيًا خارجيًا أم لا.

إذا ما قرر المريض الخضوع للعلاج الشعاعي الخارجي؛ ستتم جدولته لدورة علاجية مخططة تعرف باسم المحاكاة، وفي هذا الوقت:
سوف يحدّد كل من اختصاصي الأشعة (الطبيب المختص في استخدام الأشعة لعلاج السرطان) والمعالج الشعاعي منطقة العلاج، ومن الممكن أن يسمع المريض مصطلح حقل العلاج، ويشير هذا المصطلح إلى الجزء من الجسم الذي سيتلقى الإشعاع، وسيُطلب من المريض أن يستلقي بثبات شديد أثناء تلقيه الأشعة أو خضوعه للفحوصات.

سيقوم المعالج الشعاعي بوضع وشم أو رسم نقاط صغيرة من الحبر الملون على جلد المريض لتحديد منقطة العلاج، وهذه النقاط سوف يحتاجون لها خلال جلسات العلاج الشعاعي، سيستخدمها المعالج الشعاعي ليتأكد من أن المريض في نفس الوضعية تمامًا في كل جلسة علاج، تكون النقاط بحجم النمش، وإذا ما كانت النقاط موشومة فهذا يعني أنها ستبقى على جلد المريض لبقية حياته، بينما نقاط الحبر تزول مع الوقت. على المريض أن يحرص على عدم إزالة هذه النقاط، وعلى إخبار المعالج الشعاعي إذا ما فقدت هذه النقاط لونها.

من الممكن أن يرتدي المريض قالبًا للجسم مصنوع على شكل الجزء من الجسم الذي يتعرض للمعالجة، ويكون مصنوعًا من البلاستيك أو الجص ويمنع المريض من الحركة أثناء العلاج، ويساعد أيضًا على التأكّد من أن المريض بنفس الوضعية لكل جلسة معالجة.

إذا كان المريض يتلقى الأشعة لمنطقة الرأس والعنق؛ فمن الممكن أن يعتاد على قناع يلبسه أثناء تلقيه العلاج، يحتوي القناع على عدة فتحات للتهوية وهو يرتبط إلى الطاولة التي يستلقي عليها المريض مما يساعد على منع حركة الرأس أثناء المعالجة والتأكد من أن المريض في نفس الوضعية.

ما الذي يرتديه المريض أثناء المعالجة:

على المريض أن يرتدي ثيابًا مريحة ومصنوعة من قماش ناعم مثل القطن أو الصوف، وعليه أن يختار ألبسة سهلة النزع لأنه من الممكن أن يحتاج أن يكشف منطقة العلاج أو أن يرتدي ثياب المستشفى. يجب على المريض أن لا يرتدي ثيابًا ضيقة مثل الأحزمة أو الياقات بالقرب من منطقة العلاج، ولا يجب على المريض أن يرتدي المجوهرات أو العصابات اللاصقة أو يضع البودرة في منطقة العلاج.

ما الذي يحدث خلال دورة العلاج:

قد يطلب من المريض التبديل ليلبس ثياب المستشفى.
سيذهب المريض إلى غرفة العلاج حيث سيتلقى الإشعاع، ودرجة الحرارة في هذه الغرفة ستكون منخفضة جدًا.

واعتمادًا على موقع السرطان الموجود لدى المريض، فقد يستلقي على طاولة العلاج أو يجلس على كرسي خاص. سيستخدم المعالج الشعاعي النقاط الموجودة على جلد المريض وقوالب الجسم وقناع الوجه في حال وجودها؛ ليساعد المريض على البقاء في الوضعية الصحيحة من أجل المعالجة.

قد يرى المريض أضواءً ملونة موجّهة إلى العلامات الموجودة على جلده، وهذه الأضواء غير ضارة بل تساعد المعالج الشعاعي على ضبط موقع المريض من أجل المعالجة.

سوف يضطر المريض لأن يبقى بثبات شديد لكي تتجه الأشعة إلى نفس المنطقة تمامًا في كل مرة. سيتلقى الإشعاع لمدة 1-5 دقائق وخلال هذا الوقت من الممكن أن يتنفس بشكل طبيعي.

سيغادر المعالج الشعاعي الغرفة قبل البدء بمعالجة المريض، سيذهب إلى غرفة مجاورة ليتحكّم بالآلة المصدرة للأشعة وهو يشاهد المريض عبر شاشة أو عن طريق نافذة، ويتحدث معه عن طريق ميكرفون موجود في غرفة المعالجة، وعلى المريض أن يحرص على إخبار المعالج الشعاعي إذا ما شعر بالتعب أو بعدم الراحة، فهو بإمكانه أن يوقف الأشعة في أي وقت، سوف يسمع المريض صوت آلة الأشعة ويراها تتحرك من حوله، لكنه لن يكون قادرًا على أن يشعر أو يسمع أو يرى أو يشم الأشعة.

معظم الزيارات تمتد من 30 دقيقة إلى ساعة، ومعظم هذا الوقت يمضي لمساعدة المريض للوصول للوضعية المناسبة.

لن يجعل العلاج الشعاعي الخارجي من المريض منبعًا للأشعة، أي أنه لن يكون نشطًا شعاعيًا:

يتساءل الناس عادةَ فيما إذا كان العلاج الشعاعي سوف يجعل منهم مشعّين، العلاج الشعاعي الخارجي لا يجعل من الشخص مشعًا، وبإمكانه التواجد بشكل آمن حول الأشخاص الآخرين، حتى النساء الحوامل والرضع والأطفال الصغار.

العلاج الشعاعي الداخلي

ما الذي يحدث قبل المعالجة الأولى:
كيف توضع المعالجة الكثبية في مكانها؟
معظم المعالجة الكثبية توضع في مكانها عن طريق القثطرة والتي هي أنبوب صغير ممتد، وفي بعض الأحيان المعالجة الكثبية توضع في مكانها باستخدام جهاز كبير يدعى بالمطباق. وطريقة وضع المعالجة الكثبية في موضعها تعتمد على نوع السرطان الموجود لدى المريض. ويقوم الطبيب بوضع القثطرة أو المطباق في مكانه قبل البدء بالمعالجة.

عندما تصبح القثطرة أو المطباق في مكانها، يوضع المصدر الشعاعي داخلها، وهذا المصدر الشعاعي من الممكن أن يبقى في مكانه لبضعة دقائق أو لعدة أيام أو لبقية الحياة، مدة بقائه في مكانه تعتمد على نوعه ونوع السرطان الموجود لدى المريض وموقعه وصحته وعلاجات السرطان الأخرى التي خضع لها.

أنواع المعالجة الكثبية:

هنالك ثلاث أنواع من المعالجة الكثبية وهي:

1- الطعوم منخفضة الجرعة: وفي هذا النوع يبقى المصدر الشعاعي في موضعه لمدة تتراوح بين يوم واحد وسبعة أيام، وغالبًا سيكون المريض متواجدًا في المستشفى خلال هذه الفترة. وحالما تنتهي المعالجة؛ سيقوم الطبيب بإزالة المصدر الشعاعي والقثطرة أو المطباق.

2- الطعوم مرتفعة الجرعة: وفي هذا النوع يبقى المصدر الشعاعي في مكانه فقط لمدة 10-20 دقيقة ثم ينزع من مكانه، قد يتلقى المريض هذا النوع من العلاج مرتين يوميًا لمدة 2-5 أيام أو مرة واحدة أسبوعيًا لمدة 2-5 أسابيع.

يعتمد جدول العلاج على نوع السرطان الموجود لدى المريض، خلال دورة العلاج القثطرة أو المطباق من الممكن أن يبقيان في مكانهما أو من الممكن أن تتم إزالتهما ووضعهما في مكانهما من أجل كل معالجة. قد يبقى المريض في المستشفى أو قد يقوم بزيارات يومية إلى المستشفى لكي يتم وضع المصدر الإشعاعي مكانه.

وكما في الطعوم منخفضة الجرعة، سيقوم الطبيب بإزالة القثطرة أو المطباق حال انتهاء المريض من المعالجة.

3- الطعوم الدائمة: بعد وضع المصدر الشعاعي في مكانه تتم إزالة القثطرة، تبقى الطعوم في جسد المريض لبقية حياته، إلا أن الأشعة تصبح أضعف كل يوم وبمرور الوقت تختفي معظم الأشعة. عند بداية وضع الإشعاع مكانه من الممكن أن يحتاج المريض للحدّ من وقته حول الناس الأخرين وأن يلتزم بتدابير أخرى للسلامة، وعلى المريض أن يكون أكثر حرصًا كي لا يمضي الوقت مع الحوامل والأطفال.

العلاج الشعاعي الداخلي يجعل المريض يصدر إشعاعًا:

سوف تقوم سوائل جسم المريض الذي يخضع للعلاج الشعاعي السائل -مثل البول والعرق واللعاب- بإصدار الإشعاع لفترة، أما في حالة العلاج الشعاعي الموضعي؛ فسوائل الجسم لن تصدر الأشعة إلا أن المصدر الشعاعي في جسد المريض سوف يقوم بذلك.

إذا كان العلاج الشعاعي الذي يتلقاه المريض بجرعة مرتفعة جدًا فقد يحتاج لاتباع بعض تدابير السلامة التي تتضمن:

1- البقاء في غرفة مستشفى خاصة لحماية الآخرين من الإشعاع القادم من جسد المريض.
2- معالجة المريض بشكل سريع من قبل الممرضين وبقية موظفي المستشفى، الذين سوف يقدمون كل الرعاية التي سيحتاجها المريض إلا أنهم قد يبقون على مسافة منه، يتكلمون معه من مدخل غرفته، ويرتدون ثيابًا للحماية. يجب على زوار المريض أيضًا أن يتبعوا بعض تدابير السلامة والتي قد تتضمن:

عدم السماح بالزيارات في الفترة الأولى من وضع الأشعة.
الحاجة إلى التحقّق من الموظفين في المستشفى قبل دخولهم إلى غرفة المريض.
الوقوف بمدخل الغرفة عوضًا عن الدخول إليها.
جعل الزيارات قصيرة 30 دقيقة أو أقل كل يوم، فترة الزيارات تعتمد على نوع الأشعة المستخدمة والجزء من جسم المريض الذي يتعرّض للمعالجة.
عدم السماح بزيارات من قبل النساء الحوامل والأطفال الأصغر من سنة واحدة.

من الممكن أن يتبع المريض تدابير الحماية حال خروجه من المستشفى مثل عدم تمضية الكثير من الوقت مع الآخرين. سوف يقوم الطبيب بالتحدث مع المريض بخصوص تدابير السلامة التي سيتبعها حال خروجه من المستشفى.

ما الذي على المريض أن يتوقعه عند إزالة القثطرة من جسده:

حال انتهاء المريض من العلاج باستخدام الطعوم منخفضة أو مرتفعة الجرعة، سوف تتم إزالة القثطرة وهنا بعض الأشياء التي يجب توقع حدوثها:
سوف يتلقى المريض دواءً للألم قبل عدة أيام من إزالة القثطرة أو المطباق.
من الممكن أن تبقى منطقة وجود القثطرة أو المطباق رقيقةً لبضعة أشهر.
لا وجود للأشعة في جسد المريض بعد إزالة القثطرة أو المطباق، ومن الآمن للآخرين أن يكونوا بقربه حتى الأطفال والنساء الحوامل.
لأسبوع أو اثنين، قد يحتاج المريض للحدّ من الأنشطة التي تتطلب الكثير من الجهد، وعليه أن يسأل طبيبه عن نوعية الأنشطة الآمنة والأنشطة الأخرى التي يجب أن يتجنبها.

نظام غذائي خاص مطلوب:

من الممكن أن تسبب الأشعة آثارًا جانبية قد تجعل من الصعب على المريض أن يأكل. وهذه الآثار تتضمن تقرحات الفم والغثيان ومشاكل الحلق “التهابات المري”.

وبما أن جسم المريض يستخدم كمية كبيرة من الطاقة ليتعافى خلال العلاج الشعاعي؛ فمن المهم أن يتناول سعرات كافية وبروتينات للمحافظة على وزنه خلال المعالجة.

إذا عانى المريض من مشاكل في الأكل أو الحفاظ على الوزن؛ فعليه أن يتحدث إلى طبيبه، ومن الممكن أن يجد أنه من المفيد استشارة أخصائي تغذية.

العمل أثناء العلاج الشعاعي:

بعض الناس قادرين على العمل بشكل كامل خلال العلاج الشعاعي، والبعض الآخر من الممكن أن يعمل بدوام جزئي أو أن لا يعمل أبدًا.
مدى قدرة المريض على العمل يعتمد على شعوره، من المحتمل أن يشعر بأنه قوي كفاية لكي يعمل عندما يبدأ العلاج الشعاعي، ولكن بمرور الوقت على المريض ألا يتفاجأ إذا تعب أكثر وانخفضت الطاقة التي لديه. بعد انتهاء العلاج الشعاعي قد يستغرق الموضوع من المريض أسابيع قليلة أو شهور لكي يشعر بشعور أفضل.


إعداد: أنس حاج حسن
تدقيق: دانه أبو فرحة

المصدر